تخطو مصر خطوات ثابتة في سبيل تجاوز الأزمة الاقتصادية والقضاء على واحدة من أسوأ حالات نقص النقد الأجنبي "الدولار" بالبلاد، وتراجع التدفقات الخارجية خلال الفترة الماضية، بإبرام عدد من الشركات والاتفاقات مع الشركاء والمؤسسات المالية الدولية.
قرض صندوق النقد
طلبت مصر من صندوق النقد الدولي أن تكون قيمة أول شريحة تحصل عليها في أبريل المقبل 5 مليارات دولار نظراً لحاجتها لتوفير أكبر قدر ممكن من السيولة الدولارية لدعم اقتصادها، وفقا لما ذكرته بلومبرج الشرق.
[[system-code:ad:autoads]]
واتفقت مصر مع الصندوق، مطلع الشهر الجاري، على زيادة قيمة برنامج التمويل الممنوح للبلاد من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، بعد الجهود التي اتخذتها القاهرة التي شملت خفض قيمة العملة بشكل كبير ورفع أسعار الفائدة بنحو 600 نقطة أساس.
وتتوقع مصر أن يحفز اتفاق صندوق النقد تمويلات أجنبية بقيمة 20 مليار دولار.
وأضاف المسؤول الحكومي، أن أول شريحة من القرض بعد زيادته ستصرف في أبريل المقبل بعد نظر مجلس إدارة الصندوق في زيادة قيمة التمويل نهاية مارس الجاري، موضحاً أن الحكومة المصرية طلبت زيادة قيمة الشريحة الأولى، من القرض لتكون نحو 5 مليارات دولار، وذلك لحاجة الدولة إلى توفير أكبر قدر ممكن من العملة الصعبة لدعم الاقتصاد.
وتوقع بنك "جولدمان ساكس" فائضاً في التمويلات الخارجية لمصر بقيمة 26.5 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة، مقابل توقعات سابقة بعجز قدره 13 مليار دولار؛ وذلك نتيجة التمويلات المرتقبة من صندوق النقد الدولي وشركاء آخرين بخلاف قيمة الاستثمار المحقق من صفقة رأس الحكمة.
ومن شأن التوصل إلى اتفاق مع الصندوق أن يسهم بانتشال مصر من أسوأ أزماتها الاقتصادية منذ عقود، حيث تزيد حرب إسرائيل على غزة المجاورة من الحاجة الملحة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي في أكبر دولة بالشرق الأوسط من حيث عدد السكان.
ولتوفير السيولة الأجنبية قبيل خطوات الإصلاح الاقتصادي، وقعت مصر والإمارات مؤخراً صفقة استثمار عقاري، تستحوذ بموجبها شركة "القابضة" (ADQ) على حقوق تطوير مشروع "رأس الحكمة" مقابل 24 مليار دولار بهدف تنمية المنطقة، بجانب تحويل 11 مليار دولار من الودائع التي سيتم استخدامها للاستثمار في مشاريع رئيسية بكافة أنحاء البلاد.
كان صندوق النقد الدولي أعلن في مؤتمر صحفي عن زيادة القرض المقدم لمصر من 3 مليارات إلى 8 مليارات دولار بهدف إنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.
وتوقع الدكتور مصطفى مدبولي خلال المؤتمر الصحفي حصول مصر على قرض آخر بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي ليصل إجمالي القرض إلى نحو 9 مليارات دولار.
وقال رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، في المؤتمر الصحفي، إن التوقيع على الاتفاق مع صندوق النقد، سيسمح للحكومة المصرية بالتقدم للحصول على قرض إضافي بقيمة 1.2 مليار دولار من صندوق الاستدامة البيئية التابع لصندوق النقد الدولي، ليصبح المجموع الكلي نحو 9 مليارات دولار.
صندوق النقد
وأضاف أن "توقيع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يسمح أيضا لباقي شركاء التنمية وعلى رأسهم البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، لتوفير قروض ميسرة للدولة المصرية بحيث يكون برنامج متكامل بأرقام كبيرة يُمكن مصر من الاستقرار النقدي والاستمرار في الإصلاحات الهيكلية".
وخلال المؤتمر الصحفي قال مدبولي، إن الحكومة المصرية تستهدف ألا يتجاوز سقف الاستثمارات العامة تريليون جنيه مصري (20.2 مليار دولار) في السنة المالية 2024-2025.
وقال وزير المالية محمد معيط في المؤتمر نفسه إن مصر تستهدف تحقيق فائض أولي 3.5 بالمئة في السنة المالية المقبل، وخفض الدين إلى أقل من 90 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وتم الإعلان عن الاتفاق بعد خفض قيمة الجنيه المصري إلى مستوى منخفض غير مسبوق عند 49 جنيها للدولار، من نحو 30.85 جنيه، إذ إن تبني سعر صرف أكثر مرونة مطلب رئيسي في برنامج دعم صندوق النقد الدولي.
من جانبه قال هاني جنينة، الخبير الاقتصادي وكبير الاقتصاديين ومحللي استراتيجيات الاستثمار بشركة كايرو كابيتال لتداول الأوراق المالية، إنه يتوقع رفع قيمة التمويل الموجه لمصر بعد انتهاء المفاوضات مع صندوق النقد إلى بين 8 و10 مليارات دولار.
وذكر أن مصر في حاجة إلى هذا المبلغ أو أكثر لمواجهة أزمة النقد الأجنبي، مرجحا أن يحدث ضخ دولاري من صندوق النقد الدولي وعبر طرق أخرى أو شركاء آخرين في إطار الاتفاق، تزامنا مع خفض متوقع لقيمة الجنيه، ليصل سعر الدولار في البنوك كخطوة أولية إلى بين 40 و45 جنيها.
وتوقع جنينة أيضا احتمالية إعادة جدولة مستحقات الصندوق لدى مصر عن السنوات الأربعة المقبلة، خاصة مع ارتفاعها في العامين الجاري والمقبل إلى 10 مليارات دولار.
من جانبه، توقع الدكتور فخري الفقي الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي، ورئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، اتفاق صندوق النقد الدولي مع السلطات المصرية على زيادة قيمة القرض إلى 6 مليارات أو أكثر بما قد يصل إلى 10 مليارات دولار، وفقا لما قاله في مداخلة مع برنامج كلمة أخيرة على فضائية أون مساء أمس.
وتزور مصر حاليا بعثة من صندوق النقد الدولي لبحث رفع قيمة التمويل المخصص لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتعاون فيه الصندوق مع السلطات المصرية والذي أقره في ديسمبر 2022، بقيمة 3 مليارات دولار تصرف على شرائح خلال فترة 46 شهرا، وصرفت منه مصر الشريحة الأولى فقط بنحو 347 مليون دولار.
وذكر الفقي أن الزيادة في التمويل ستكون أمرا مهما بالنسبة لتحقيق مرونة سعر الصرف، موضحا أن تحرير سعر الصرف يتطلب وجود حصيلة كافية من النقد الأجنبي من أجل تلبية الاحتياجات الحقيقية والطلب على الدولار للمستوردين والسفر والاحتياجات الأخرى.
وأوضح أن الحصيلة الدولارية المطلوبة لمواجهة الطلب على النقد الأجنبي في هذه الحالات تتراوح بين 5 إلى 10 مليارات دولار أو أكثر، وهو ما يمكن الوصول لها مع التوصل لموافقة مبدئية مع بعثة الصندوق، والحصول على موعد لاجتماع المجلس التنفيذي للصندوق من أجل الموافقة على زيادة التمويل والمرجح حدوثه الشهر المقبل