قال الشيخ الدكتور بندر بن عبدالعزيز بليلة، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن رمضانُ يأتي على الناس ولابُد لهم منه، ولا غِنى لأرواحهم عنه؛ ليُجريَ روافدَ الخير في قلوبهم، ويُوقِظَ ما غفا من أحاسيسِ البرِّ في نفوسهم.
ما هو سبب رمضان
وأضاف " بليلة" ، خلال خطبة أول جمعة في رمضان اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أن رمضان يَستَحِثَّ ما رَقَد من دواعي الاتصال بالله في أذهانهم، ويُعيدَ فِطَرهم إلى ما فُطرت عليه من الطُّهْرِ والزَّكاء، مبيناً ان رمضانُ رياضةٌ للنفس بالتجرُّد عن شهواتها، وسموٌ بالروح إلى السماء، وتقريبٌ لما بَعُد بين الموسِرِ والفقيرِ بالرأفة والشفقة.
[[system-code:ad:autoads]]
ونبه إلى أن رأسُ الأعمال في رمضانَ الصيام، قال الحقُّ سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الآية 183 من سورة البقرة، منوهًا بأن الثمرةُ الأولى منه حصولُ التقوى للصائم، وكفى بها من ثمرة، وإنما نالها الصائمُ لِمَا للصوم عليه من أثر في قمع شهوتِه، وانكسارِ نفسِه، واضمحلالِ هواه، وبُعْدِه عن الأشر والبطر.
وأوضح أنه قد أعلى اللهُ شأنَ الصيام، وجعل أجرَه وافراً جزيلاً، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (كلُّ عملِ ابنِ آدمَ يُضاعَف، الحسنةُ عشرُ أمثالِها إلى سبعِ مئةِ ضِعف، قال اللهُ عزوجل: إلا الصومَ فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوتَه وطعامَه من أجلي) أخرجه البخاريُّ ومسلمٌ واللفظ له، مشيرًا إلى أن للصائمين بابٌ خاصٌ يدخلون منه إلى الجنة، لا يدخل منه أحدٌ سِواهم.
عبادةٌ خفية
واستشهد بما ورد عن سهلِ بنِ سعدٍ رضي اللهُ عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة بابًا يُقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخلُ منه أحدٌ غيرُهُم، فإذا دخلوا أُغلِقَ فلم يدخُل منه أحد)، ومِن أعظمِ ما يُفيده الصائمُ من مدرسة الصومِ تحقيقُ الإخلاصِ لله تعالى، وتعميقُ مراقبته سبحانه.
وأفاد بأن الصومُ عبادةٌ خفية لا يطلع عليه إلا الله تعالى، فيسري أثرُه إلى نفسِ الصائمِ وأحوالِه وأيامِه، لافتًا إلى أن في رمضان يُتلى القرآن، وتتحرك به الشِّفاهُ آناءَ الليلِ والنهار، كيف لا ورمضانُ شهر القرآن، وفيه أُنزل على النبيِّ محمدٍ صلى الله عليه وسلم (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) الآية 185 من سورة البقرة.
وأشار إلى أنه كان النبي صلى الله عليه وسلم - يَلقى جبريلَ عليه السلامُ كلَّ ليلةٍ فيدارسه القرآن، موضحاً أن رمضانُ شهرُ قيامٍ لله تعالى، وقد ضَمِن النبيُّ صلى الله عليه وسلم لمَن قامه إيماناً واحتسابًا أن تُغفَرَ ذنوبُه، فعن أبي هريرة رضي اللهُ عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه).
وأكد أن الله تعالى تَفضَّل على المسلمين بعظيم هِباتِه، وكريمِ عطاءاتِه، فمَن لم يَربَح في هذا الموسمِ الرابح ففي أي موسِمٍ يَربح؟ ومَن قَعَد عن التزوُّدِ فيه من الخيرِ فمتى يُفلِح، ومَن لم يتُب إلى ربه فإلى كم يَتمادى ومتى يَصلُح؟ وفي الحديث: (رَغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ ثم انسلخ قبل أن يُغفَرَ له).