عندما تأخذك قدماك إلى منطقة الهلال أمام مدرسة الاتحاد الابتدائية بمحافظة سوهاج، ترى عينيك القماش يُسدل من أعلى قطع من الأخشاب المُتراصة إلى جانب بعضها البعض وفانوس رمضان يُنير لهم عتمة الليل، وفرن بالطوب ومغطى بالحديد، واسطوانة بوتاجاز.
هذه هي مُستلزمات خيمة إعداد الكنافة والقطايف التي يعمل بها الحاج أحمد محمد منذ نعومة أظافره، حيث توارثها عن أجداده ووالده وأحب أن يورثها لأبنائه الثلاثة عشر وزوجته.
[[system-code:ad:autoads]]
رجلاً ترى في وجهه أصول الزمن الجميل فهو من مواليد عام 1964، وعايش العادات والتقاليد الصارمة بين أهالي وأبناء محافظة سوهاج جنوب صعيد مصر فتحب أن تُحدثه وتستمع إليه، حتى تشعر بأنك تحيا وقت زمنه الذي كان فيه الخير يفيض ويزيد بين البشر.
مهنة بالوراثة من 270 سنة
"انا بشتغل في الكنافة من أيام ما كان الكيلو منها بقرشين ونص.. معايا معدات أثرية ضد الصدأ لو قعد العجين فيها سنة ميتغيرش حتى رائحته"، تلك الكلمات التي بدأ بها أقدم بائع كنافة في محافظة سوهاج، الحاج أحمد محمد، حديثه مع موقع صدى البلد، موضحًا أنه يعمل بهذه المهنة منذ إن كان عمره 10 سنوات، 50 عامًا بين الكنافة والقطايف، ما جعل الرجل الستيني يعلم خبايا المهنة وأسرارها التي توارثها عن أجداده، حيث أن عائلته لوالده توارثتها منذ 270 عامًا واستمرت حتى يومنا هذا.
لم يتخلى الحاج أحمد عن تسليم هذا الإرث إلى أبنائه، وبالفعل ورثه إلى نجله الأكبر زياد أحمد محمد، وعلمه أسرار مهنة الكنافة، وكيفية تمييزه عن غيره لدى الزبائن، “مفيش منافس ليا في مهنتي لإني أُتقن أصولها من أيام الزمن الجميل واللي طالعين دلوقتي مجرد دخلاء على المهنة وأرزقجيه”.
واختتم حديثه قائلًا:"أنا اشتغلت في الكنافة من أيام ما كان الكيلو بقرشين ونص.. اهم حاجة النظافة مادام اللي بيشتغل نضيف ويعرف ربنا يبقى هيراعي الناس ويحافظ على صحتهم".