هنأ الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية- الرئيس عبد الفتاح السيسي والشعب المصري والأمة العربية والإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، داعيًا المسلمين جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها إلى اغتنام أيام هذا الشهر الفضيل في العبادة والعمل والبناء مع إخلاص النية في كافة الأعمال والطاعات.
وأضاف "شوقي"، خلال لقائه الرمضاني اليومي ببرنامج “اسأل المفتي” مع الإعلامي حمدي رزق، المعروض على فضائية “صدى البلد”، أن أول سمات التدين الصحيح عدم الانفصال بين الإيمان القلبي وعمل الجوارح، فالعلاقة بين إيمان القلب وعمل الجوارح من أهم قضايا الإيمان، فلا يمكن أن يكون إنسان كامل الإيمان في القلب مع عدم عمل الجوارح مطلقًا، ذلك المنهج الصحيح الذي يربط بين الشكل والمضمون بوضوح تام، ولا يفصل بحال بينهما.
وأوضح أن عدم الانفصام بين العبادة والأخلاق هو من صحيح التدين، وقد اشتُهر على الألسنة أن الدين المعاملةُ، والمقصود بالمعاملة الأخلاق، وفي التدين الحقيقي لا فصل بين الإيمان والأخلاق والعمل، ويؤصل لهذا المعنى حديث جبريل عليه السلام المشهور، حين سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسلام والإيمان والإحسان، فقد بيَّن هذا الحديث الشريف أن الإسلام: شعائر وعقائد وأخلاق، والأخلاق هي مرتبة الإحسان.
ومن علامات التدين الصحيح اللجوء لأهل التخصص؛ فالشرع الكريم قد أرشدنا إلى اللجوء إلى أهل الاختصاص كلٍّ في تخصصه؛ وسؤال أهل الذِّكْر إذا خَفِي علينا شيء؛ فقال تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، والمراد بأهل الذكر: هم أهل التخصص والعلم والخبرة في كل فنٍّ وعلمٍ.
وشدد فضيلة المفتي على أن التكلم في علوم الدين بغير علم يؤول إلى فساد في الاعتقاد والدين، وكذلك التجرؤ في كافة التخصصات الأخرى من طب، وصيدلة، وهندسة، وغيرها قد يؤول إلى فساد في الأنفس، وقد يعرض حياة الإنسان إلى الخطر، ومن المقاصد الشرعية العليا حفظ النفس، وتعد أهم الضروريات المقاصدية الخمس التي قام على أساسها الشرع الشريف؛ فكان حفظها أصلًا قطعيًّا، وكليةً عامةً في الدِّيْن؛ ولذا وجب احترام التخصص.
وردًّا على سؤال عن علامات الصوم المقبول؛ قال: الصوم الحقيقي هو المحلَّى بالأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة التي تحمل المسلم على مجانبة اللغو والكلام فيما لا يفيد، والفحش من القول ومنكر العمل، وهذا يؤكد العلاقة الوثيقة بين العبادات والأخلاق في ترسيخ سمات استقامة الأفراد ومظاهر صلاح المجتمع. ولا يخفى أن مهمة غرس مكارم الأخلاق في النفوس مهمة جليلة بعث الله من أجلها الرسل والأنبياء عليهم السلام؛ وبهذه الدلالات تتجلَّى حكمة كبرى من حِكَم عبادة الصيام ومقصد مهمٌّ من مقاصده؛ مما يرشد المسلمين إلى أنَّ في شهر رمضان وعبادة الصوم فرصة كبيرة للإنابة إلى الله تعالى، ومجاهدة النفس والارتقاء بها، وكف الجوارح والقلوب عن كل ما يُغضب الله تعالى، حتى يتم التحقق بمعاني التقوى التي هي ثمرة من ثمار الصيام.
وعن استفسار البعض عن اختلاف توقيت الإفطار في بعض القرى والمراكز التابعة والبعيدة عن المحافظات قال فضيلة المفتي لقد خاطبنا هيئة المساحة وقامت مشكورة بعمل تقويمات لهذه الأماكن والأذان هو التوقيت الصحيح وليس المدفع.
وردًّا على سؤال يستفسر عن حكم رغبة مريض السكَّر في الصيام، قال فضيلته: إنَّ مرض السكَّر كما يقول أهل الاختصاص في الطب على درجات، منه النوع غير المؤثر، وهذا لا يضره الصوم، وعليه يجب الصيام، بل هناك مَن يقول من الأطباء إن الصوم مفيد له، وهناك نوع من مرض السكَّر ليس بالخطير جدًّا، وله الخيار في الفطر أو الصوم، وعليه اتِّباع الأفضل له وَفق تعليمات الطبيب، وهناك النوع الثالث وهو شديد الخطورة جاز له أن يفطر، بل يجب عليه أن يفطر إذا خشي على نفسه الهلاك؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].
واختتم فضيلة المفتي حوارَه بالتأكيد على أنه يجب على المريض في كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة لمرض السكر وغيره من الأمراض أن يستجيب للطبيب إن رأى ضرورة إفطاره وخطورة الصوم عليه، وعلى المريض المرخص له بالفطر أن يعلم أن حفظ نفسه وبدنه عبادة.