ربما لم تذكر الدراسة نصا الصيام لدى المسلمون، ولكنها تحدثت عن تخصيص الوقت للأكل خلال 8 ساعات فقط، وعدم تناول الطعام بعد ذلك، فهي وصفت بدقة ما يحدث لدى المسلمون في شهر رمضان، حيث يتم تناول الطعام منذ وقت المغرب، وحتى وقت الفجر، وبعدها يمتنع المسلم عن تناول أي طعام في باقي اليوم، ولكن البحث الأمريكي يكشف نتائج مذهلة لمن تم تطبيق تلك الآلية الغذائية على كافة مناحي الصحة لديه، وكيف يؤثر ذلك إيجابيا في علاج عدد من الأمراض المزمنة أيضا.
[[system-code:ad:autoads]]
وبحسب تقرير نشر سابقا في صحيفةNPR الأمريكية، يتمتع الصيام المتقطع بلحظة في الأسر الأمريكية، حيث يقترب في بعض الحسابات من شعبية حساب السعرات الحرارية والأنظمة الغذائية النباتية، وتشير الأبحاث إلى أن مجرد الحصول على وقت أقل لتناول الطعام يمكن أن يدفع الناس إلى تقليل الكمية التي يستهلكونها في نهاية المطاف، دون صعوبات مراقبة كل سعر حراري، والآن، يدعم بحث جديد فكرة أن الصيام المتقطع - وتحديدًا تحديد وقت تناول الطعام في فترة زمنية معينة خلال اليوم - يمكن أن يكون استراتيجية آمنة وفعالة لعلاج عدد من الأمراض المزمنة، بجانب فوائده الجمة على صحة الإنسان.
مرض السكري وضغط الدم
وفقا للصحيفة الأمريكية، وجدت الدراسة، التي نشرت، أن الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع 2 يمكنهم التخلص من الوزن بنجاح وإدارة نسبة السكر في الدم عن طريق تناول الطعام فقط خلال فترة 8 ساعات كل يوم، وتقول الدكتورة جوان برونو ، أخصائية الغدد الصماء في جامعة نيويورك لانجون هيلث والتي لم تشارك في التجربة: "أعتقد أن هذه بيانات مثيرة جدًا"، في حين أنه لا يزال مجالًا ناشئًا، فقد أظهر عدد متزايد من التجارب السريرية أن تناول الطعام المقيّد بالوقت يمكن أن يحسن الصحة الأيضية ويؤدي إلى فقدان الوزن، ولكن القليل من هذه الدراسات ركزت بشكل خاص على مرض السكري من النوع الثاني.
وتضيف النتائج دليلاً على أن الأكل المقيّد بالوقت لديه القدرة على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة السكر في الدم وغيرها من المشاكل التي تؤثر على صحة القلب والأوعية الدموية والتمثيل الغذائي، كما يقول الدكتور بام تاوب ، طبيب القلب في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، ويضيف تاوب، الذي نشر أيضًا دراسات حول الأكل المقيد بوقت : "أعتقد أنك تحصل على أكبر قدر من المال مع هذا النوع من السكان" .
تفاصيل الدراسة
واستمرت الدراسة، التي أجريت في جامعة إلينوي شيكاغو، لمدة ستة أشهر وشملت 75 بالغا يعانون مرض السكري من النوع الثاني، ويقول مؤلفو الدراسة إنها أول تجربة عشوائية محكومة تقارن بشكل مباشر بين الأكل المقيّد بالوقت وحساب السعرات الحرارية لدى المرضى المصابين بداء السكري من النوع 2، وتبحث في التأثيرات على وزن الجسم وA1C، وهو اختبار يوضح مستويات السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
وبشكل عام، وجدت الدراسة أن تناول الطعام المقيد بالوقت أدى إلى نفس التحسينات تقريبًا مثل حساب السعرات الحرارية في مستوياتA1C، فقد كان لدى كلا المجموعتين انخفاض بنسبة تزيد عن 0.7٪ عن خط الأساس على مدار ستة أشهر، وبالنظر إلى أن معظم الأدوية المستخدمة لمرض السكري ستخفض هذا العدد بنحو 1%، يقول برونو إن هذا يمثل "تغييرًا كبيرًا ويمكن أن يكون له فوائد سريرية ذات معنى".
فقدان الوزن النتيجة الأكثر بروزًا
وكان الاختلاف في فقدان الوزن هو النتيجة الأكثر بروزًا، فأولئك الذين تناولوا الطعام فقط لمدة 8 ساعات، انتهى بهم الأمر إلى فقدان ما يقرب من ضعف كمية الوزن مثل أولئك الذين قاموا بحساب السعرات الحرارية، وتقول كريستا فارادي، أستاذة التغذية بجامعة إلينوي والمؤلفة الرئيسية للدراسة: "لقد فوجئت".
وتشير المؤلفة الرئيسة للدراسة، إلى أن دراساتها السابقة أظهرت نفس القدر من فقدان الوزن مثل حساب السعرات الحرارية، وليس أكثر، وتضيف: "لم يكونوا بحاجة إلى حساب السعرات الحرارية أو الكربوهيدرات أو أي شيء من هذا القبيل، وانتهى بهم الأمر إلى تقليل السعرات الحرارية التي يتناولونها فقط عن طريق تناول الطعام خلال فترة الثماني ساعات".
صيام مثل صيام رمضان
وتوضح الصحيفة الأمريكية، أن الدراسة شملت ثلاثة مجموعات: مجموعة المراقبة التي لم تُجري أي تغييرات على نظامها الغذائي، وأولئك الذين طُلب منهم حساب السعرات الحرارية وتقليل تناولهم بحوالي 25%، ومجموعة تناول الطعام المقيدة بالوقت لمدة 8 ساعات (مثل صيام شهر رمضان)، وفي المتوسط، أولئك الذين حافظوا على تناول الطعام لمدة 8 ساعات، فقدوا حوالي 10 أرطال وخسروا دهونًا أكثر من مجموعة حساب السعرات الحرارية، التي انخفضت إجماليًا حوالي 6 أرطال.
ويقول فارادي إنهم اختاروا فترة الظهيرة حتى الساعة 8 مساءً لأن الدراسات الرصدية تظهر أن معظم الأشخاص الذين يطبقون الصيام المتقطع يفضلون تناول الطعام، وتضيف: "لقد وجدوا بالفعل أن تناول الطعام المقيد بالوقت هو بديل لطيف ومنعش، فالعديد من المشاركين في الدراسة قالوا في المقابلات إنهم أمضوا سنوات وهم يُنصحون بحساب السعرات الحرارية، وقد أصيبوا بخيبة أمل إزاء هذا النهج.
الفوائد تتجاوز فقدان الوزن
وعلى الرغم من كونها أكبر تجربة سريرية حتى الآن على مرض السكري من النوع الثاني، إلا أنها لا تزال تعتبر "صغيرة إلى حد ما"، لكنها تم إجراؤها بشكل جيد، كما يقول بنجامين هورن، عالم الأوبئة في معهد إنترماونتن للقلب في سولت ليك سيتي وأستاذ مساعد في جامعة ستانفورد، ويقول: "أود أن أقول إنها أفضل دراسة أجريت على هذه الفئة من السكان حتى الآن، لذلك أعتقد أننا يمكن أن نكون واثقين من أن هناك فوائد محتملة".
وفي الواقع، تعترف فارادي والمؤلفون المشاركون معها بضرورة متابعتها بتجارب أكبر، ويحذرون من أن النتائج المتعلقة بفقدان الوزن لا ينبغي تفسيرها على أنها تثبت أن تناول الطعام المقيد بالوقت هو الأفضل، وتقول: "إنه ليس نظامًا غذائيًا واحدًا يناسب الجميع، نحن نظهر فقط أن تناول الطعام المقيد بالوقت هو خيار آخر"، وهنا يشير هورن إلى بعض نقاط القوة في الدراسة، حيث شملت مجموعة متنوعة من المرضى: كان غالبية المشاركين من السود ونحو الثلث من ذوي الأصول الإسبانية، وأولئك الذين تناولوا الطعام المحدود كان لديهم التزام جيد، والتزموا بفترة 8 ساعات في المتوسط حوالي ستة من أصل سبعة أيام في الأسبوع.
وأخيرًا، بينما كانت مجموعات إنقاص الوزن تجتمع مع اختصاصي التغذية بانتظام، قدمت الدراسة ممارسة يمكن للأشخاص تكرارها حتى لو لم يكونوا في تجربة سريرية، ويقول: "من السهل جدًا اتباع نظام الصيام، ولا تحتاج إلى وصفة طبية للقيام بذلك. فهو لا يكلف شيئًا"، وفي عصر الأدوية الرائجة لإنقاص الوزن ومرض السكري، يقول تاوب إن الدراسة تضيف إلى الأدلة التي تشير إلى أن هذا التدخل في نمط الحياة يمكن أن يساعد أيضًا.