الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صدفة غريبة تمنع إطلاقه.. 3 روايات مختلفة تكشف مراحل ظهور مدفع رمضان

صدى البلد

يعد أحد الشواهد التاريخية لبدء شهر رمضان، وهو مدفع كان يستخدم كإعلان عن موعد الإفطار وإخبار العامة عن هذا الموعد، وهو تقليد متبع في العديد من الدول الإسلامية؛ بحيث يتم إطلاق قذيفة مدفعية صوتية لحظة مغيب الشمس؛ معلنًا انتهاء الصوم خلال شهر رمضان، 
وعلى الرغم من توقفه طوال 30 عامًا، إلا أنه ظل في قلوب وأذهان المصريين، حيث أصبح من التقاليد الراسخة ومظهر من مظاهر الشهر الكريم.

إفطار المسلمين قديما

كان المسلمون في بادئ الأمر أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، يفطرون عند سماع الأذان من الصحابيان بلال بن رباح، وابن أم مكتوم، واستمر هذا الوضع حتى ظهر بالصدفة مدفع الإفطار إلى الوجود.

كان المدفع في بادئ الأمر يعمل بالذخيرة الحية، ولكن بعد اقتراب الزحف العمراني المجاور للقلعة، توقف عن الضرب حفاظًا على سكان القاهرة، وكانت هذه هي المرة الأولى التي توقف فيها.

بداية ظهور مدفع شهر رمضان بالصدفة

ظهر مدفع شهر رمضان لأول مرة عندما انطلقت من ساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، بالصدفة، قذيفة مدفعية دوت في سماء القاهرة عندما كان أحد الجنود يقوم بتجربة أحد المدافع، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أول يوم من رمضان في أواخر القرن الخامس عشر.

وظن الناس أن الحاكم ‏تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم ‏لتشكره، وعندما رأى سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع ‏كل يوم إيذانًا بموعد الإفطار‎.‎

وانتشرت بعد ذلك الفكرة من القاهرة إلى العديد من الدول العربية والإسلامية في جميع أنحاء العالم، فأصبح من التقاليد الراسخة ومظهر من مظاهر الشهر الكريم.

إعادة تشغيل مدفع شهر رمضان 

أعيد تشغيل المدفع مرة ثانية، لكن باستخدام ذخيرة فشنك "كتلة من البارود تعطى صوت مرتفع فقط" ثم توقف في عام 1992، حفاظًا على التراث المعماري الأثري لأسوار القلعة خوفًا من تأثير ‏قوة الصوت وتفريغ الهواء على جدران القلعة، وكانت هذه هي المرة الثانية التي يتوقف فيها.

وفي عام 2021 بعد مرور 30 عامًا من توقفه، أحيت وزارة ‏السياحة والآثار هذا التقليد بتشغيله مرة أخرى، لأنه ظل في قلوب وأذهان المصريين، ولكن بشكل رمزي بطريقة ‏تضمن الحفاظ على التراث الأثري للقلعة، وفي نفس الوقت مواكبة استخدام التكنولوجيا الحديثة عن طريق إطلاق شعاع ليزر بجوار المدفع يصل لمسافة بعيدة مع سماعات لإخراج صوت مماثل لصوت المدفع‎، ولكنه تعطل في العام التالي لإصلاحه.

أسباب تعطل إطلاق مدفع شهر رمضان

أكد الدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الاسلامية بوزارة السياحة والآثار السابق، أن مدفع الإفطار بقلعة صلاح الدين الأيوبي، كان يعمل بدون استخدام ذخيرة حية، وكانت مجرد ذخيرة صوتية فقط.
وأوضح أنه تعددت القصص حول حقيقة قصة مدفع رمضان، إلا أنها جميعا تؤكد أنها نشأت فى مدينة القاهرة، تحديدًا بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة.

وتروي إحدى القصص، أن مدفع رمضان يرجع إلى عهد السلطان المملوكي خشقدم، حين أراد أن يجرب مدفعًا جديدًا وصل إليه، وصادف إطلاق المدفع وقت غروب شمس أول يوم من رمضان عام  1467، فظن الناس أن السلطان تعمد إطلاق المدفع لتنبيه الصائمين إلى أن موعد الإفطار قد حان، فخرجت جموع الأهالي إلى مقر الحكم لتشكره على هذه البدعة الحسنة، وعندما رأى السلطان سرورهم قرر المضي في إطلاق المدفع كل يوم إيذانًا بموعد الإفطار.

وهناك قصة أخرى، تقول إن بعض الجنود في عهد الخديوي إسماعيل كانوا يقومون بتجربة أحد المدافع، فانطلقت منه قذيفة دوت في سماء القاهرة، وتصادف أن كان ذلك وقت أذان المغرب في أول يوم من رمضان، فظن الناس أن الخديوي اتبع تقليدًا جديدًا للإعلان عن موعد الإفطار، فصاروا يتحدثون عن ذلك، وعندما علمت الحاجة فاطمة ابنة الخديوي إسماعيل بما حدث، أعجبتها الفكرة فطلبت من الخديوى إصدار فرمان بأن يجعل من إطلاق المدفع عادة رمضانية جديدة وعرف وقتها باسم مدفع الحاجة فاطمة، وفيما بعد اضيف إطلاقه فى السحور والأعياد الرسمية.

أما الرواية الثالثة، تقول إن والي مصر محمد علي الكبير كان قد اشترى عددًا كبيرًا من المدافع الحربية الحديثة، في إطار خطته لبناء جيش مصري قوي، وفي يوم من الأيام الرمضانية كانت تجري الاستعدادات لإطلاق أحد هذه المدافع كنوع من التجربة، فانطلق صوت المدفع مدويًا في نفس لحظة غروب الشمس و أذان المغرب من فوق القلعة الكائنة حاليًا في نفس مكانها في حي مصر القديمة جنوب القاهرة، فتصور الصائمون أن هذا تقليد جديد، واعتادوا عليه، وسألوا الحاكم أن يستمر هذا التقليد خلال شهر رمضان.

أماكن ومواصفات مدافع رمضان

كان هناك ستة مدافع في القاهرة حتى وقت قريب، موزعة على أربعة مواقع، اثنان في القلعة، ومثلهما في العباسية، وواحد في مصر الجديدة وآخر في حلوان، تطلق مرة واحدة من أماكن مختلفة بالقاهرة حتى يسمعها كل سكانها.

وكانت هذه المدافع تخرج في صباح أول يوم من رمضان في سيارات المطافئ لتأخذ أماكنها المعروفة، ولم تكن هذه المدافع تخرج من مكانها إلا في خمس مناسبات، وهى رمضان والمولد النبوى وعيد الأضحى ورأس السنة الهجرية وعيد الثورة، وكان خروجها في هذه المناسبات يتم في احتفال كبير، حيث تحمل على سيارات تشدها الخيول، وكان يراعى دائما أن يكون هناك مدفعان في كل من القلعة والعباسية خوفا من تعطل أحدهما.

ويُعتقد أن المدفع تم تغييره أكثر من مرة وانتقل إلى أكثر من مكان، ويعرض حاليا بساحة متحف الشرطة بقلعة صلاح الدين الأيوبي بالقاهرة، ومواصفاته هى مدفع ماركة كروب إنتاج عام 1871 عبارة عن ماسورة من الحديد ترتكز على قاعدة حديدية بعجلتين كبيرتين من الخشب بإطارات من الحديد، وكان يقوم بتشغيله اثنين من الجنود أحدهم لوضع البارود فى الفوهة والأخر لاطلاق القذيفة.

أسباب توقف مدفع رمضان

أكد الخبير السياحي الدكتور عبدالرحيم ريحان، أن أسباب توقف مدفع شهر رمضان في بعض الأعوام بسبب الحروب التي خاضتها مصر ومنها حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر مما أدى إلى إهمال عمل المدفع حتى عام 1983، عندما صدر قرار من وزير الداخلية المصرى بإعادة إطلاق المدفع مرة أخرى ومن فوق قلعة صلاح الدين الأثرية جنوب القاهرة، ولكن استمرار شكوى الأثريين من تدهور حال القلعة وتأثر أحجارها بسبب صوت المدفع أدى لنقله من مكانه خصوصًا أن المنطقة بها عدة آثار إسلامية هامة.

وكان يطلق المدفع من فوق هضبة المقطم، ونصبت مدافع أخرى في أماكن مختلفة من المحافظات المصرية ويقوم على خدمة المدفع أربعة من رجال الأمن الذين يُعِدُّون البارود كل يوم مرتين لإطلاق المدفع لحظة الإفطار ولحظة الإمساك.