قبل 15 يوما وتحديدا صباح الأحد 25 فبراير الماضي كانت عزبة ربيع، على موعد مع مأساة راح ضحيتها 10 شباب ملأت مياه نهر النيل رئاتهم بعدما غرق بهم مركب صيد صغير أثناء العبور بهم بين ضفتي النيل في الواقعة التي اشتهرت إعلاميا بـ"معدية منشأة القناطر".
96 ساعة بحث من الضفادع البشرية
على مدار 96 ساعة كان جلوس أهالي الضحايا على شاطئ النيل وصراخهم بأسماء ذويهم يتصدر المشهد، وفي الخلفية رجال يرتدون ملابس الضفادع البشرية السوداء للغطس بحثا عن جثامين الضحايا التي ابتعلتها المياه فور ميل المركب بنهر النيل، حيث غمرته المياه بسبب "ثقب ضخم" في جسد المركب.
[[system-code:ad:autoads]]
فور انتشار نبأ غرق المعدية توافد أهالي قرية ميت الديبة من محافظة كفر الشخ على قرية نكلا، موقع الحادث، بعدما تبين ان غالبية الضحايا من محافظة كفر الشيخ، خرجوا جميعا للبحث عن لقمة العيش حيث عملوا في مشروع مقاولات ضخم على ضفاف النيل، وانتشر الاهالي على الشاطئ في انتظار خروج جثامين أبنائهم.
16 ضحية وحمولة زائدة في مركب صيد
المؤشرات الاولية تضاربت فيها اعداد الضحايا.. ففي البداية تردد غرق 6 أشخاص وخروج 4 احياء ثم تزايد عدد المتوفين الى 8 حتى انتهت الحصيلة الى 10 متوفين و6 مصابين. وفجرت التحقيقات مفاجأة حول القاء القبض على المراكبي الذي كان سببا في وقوع الحادث بسبب تحميله المركب حمولة زائدة وتبين انه من بين الناجين فتحفظت عليه قوات امن الجيزة وأحيل الى النيابة العامة التي باشرت التحقيقات معه.
وسط صرخات الأهالي ونداء الأمهات المكلومات على أبنائهن المفقودين توالى انتشال جثامين المتوفين بمعرفة رجال الانقاذ النهري ومعاونة صيادين من القرى المجاورة حتى مرت 4 ايام وانتهت عمليات البحث وأعلنت مديرية أمن الجيزة "كف بحث" بعد خروج كافة الضحايا المتوفين وتسليمهم لذويهم.
ووسط حالة من الحزن الشديد شيع اهالي قرية نكلا مسرح الحادث وقرية ميت الديبة بكفر الشيخ جثامين ضحاياهم في جنازات مهيبة شارك بها المئات الذين أوصلوا شهداء لقمة العيش الى مثواهم الأخير.
عريس ومراته حامل.. روايات محزنة من أهالي الضحايا
أهالي عدد من الضحايا سردوا تفاصيل المأساة وكواليس تلقيهم الخبر المشئوم، حيث قالوالد زوجة محمود محمد ابو عامر أحد الضحايا من قرية ميت الديبة بكفر الشيخ، إن الفاجعة كبرى على أهالي القرية جميعهم، وأوضح: "لقمة العيش صعبة وذهب الشباب للعمل صباح السبت وفي صباح الأحد تلقينا اتصالا بوفاة زوج ابنتي والذي أعتبره ابني فزواجهما لم يمر عليه سوى أربعة أشهر فقط وابنتي علمت انها حامل قبل يومين من المأساة ومحمود تلقي الخبر قبل وفاته بساعات قليلة".
وقال محمد رشدي القربة شقيق أسامة رشدي أحد الناجين الخمسة من الحادث، إنه سافر الأحد إلى القاهرة من أجل الاطمئنان على شقيقه بعد تلقيه اتصالا منه بعد نجاته عبر أحد تلفونات الأهالي، وهو من أبلغنا عن الحادث.
وأوضح أن الشباب الضحايا جميعهم في بداية العشرينيات، مضيفا أن المركب الذي كان يقلهم إلى البر الآخر من فرع بنهر النيل بموقع العمل الذي يعملون به بإحدى شركات المقاولات الكبرى بمحافظة الجيزة انقلب بهم ونتيجة اندفاع المياه الشديد غرق الشباب، ودفعتهم المياه إلى مسافات بعيدة.
أحد أهالي الضحايا، قال إنهم فوجئوا بخبر غرق المعدية بالعمال أثناء ذهابهم إلى عملهم معقبا: "بيروحوا يشتغلوا ويفضلوا غايبين عن بيوتهم كذا يوم.. ويرجعوا تاني البلد عشان لقمة العيش".
محاكمة عاجلة
أجرت نيابة شمال الجيزة الكلية تحقيقات موسعة منذ وقوع الحادث وقررت بعد انتهاء التحقيقات واستجواب المراكبي المتهم احالته الى المحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنح باتهامات القتل الخطأ والإصابة الخطأ وتشغيل مركب بدون ترخيص وتشغيل مركب بحمولة زائدة.