قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

هادي التونسي يكتب: سيدة من خلال كتاب

هادي التونسي - طبيب وسفير سابق
هادي التونسي - طبيب وسفير سابق
×

لم تولد في هذا الحي، و لا كانت هذه دولتها، و لا حتي عاشت سنين التكوين فيهما، و مع ذلك فهي تعرف الحي اكثر من سكانه، و تعرف شخصياته اكثر مما يعرفون بعضا، و تنتمي اليه و تخدمه اكثر مما يشعر و يفعل اغلبهم، و تشعرهم بماضيه و مآثره و بمحبته حتي باكثر ممن حزنوا علي ماض فات و من يأسوا من مستقبل آت، ففضلوا هجرته بحثا عن الأمل و الراحة خارجه. لكنها فضلت ان تذكر الكل بكنوز لديهم بدلا من الحسرة علي ما ضاع، و ان تحيي فيهم ايجابية الامل و حيوية الشغف و متعة العيش. فكرست ثلاث سنوات من حياتها لإصدار كتاب انيق مصور حافل بالذكريات و الشخصيات،بالمباني و الشوارع، بالشجر و الشعر، بالمرافق و المساكن، بالأفكار و الأزهار، بناديه و نيله، حتي أصبح كتابها بالإنجليزية عن قصص من المعادي مرجعا واجب القراءة لمن يريد العيش بالحي،و يندمج مع سكانه، و يتمتع بإسلوب حياته و إمكانياته.
بعد دراسة فن التصوير و احتراف لعبة كرة السلة في موطنها الالماني جاءت كاترين الي القاهرة عام ١٩٩٠ ، لتعيش مع اسرة زوجها المصري، سكنت سيناء اربعة اعوام ،و كتبت عن سكانها ، و استقرت بحي المعادي ٢٥ عاماّ، اندمجت خلالها تماما مع سكانه و تقاليده و لغته و روحه، حتي اصبحت و اسرتها كبنات البلد، و بقت جسرا بين ثقافتين و شعبين، تصل بينهما بشغف و حماس، بطموح و مودة، فكان هذا الكتاب بمعرفة حتي أدق التفاصيل و أعمق الجذور بعد دراسة تاريخية و بحث موضوعي و تواصل متشعب .
الكتاب يشمل فئات سكانه من الأعرق ارستقراطية الي اصحاب الحرف اليدوية، من العلماء و الاطباء، الي الفنانين و الشعراء، من رواد الفكر و الابداع، الي التجار و الصناع، من رجال اعمال الي مسئولين و عمال، ممن ولدوا فيه الي من قدموا اليه، من شباب و مسنين، الي مصممين و رسامين، من مصريين الي اجانب و مخلطين، سفراء و أدباء،، رهبان و نظار، من هواة الرياضة و محترفي الغناء، الي محبي الشجر و الحدائق الغناء، جمعتهم جميعا، و ربما جمعت بينهم، فسألتهم حتي حكوا ذكرياتهم، و ادلوا بارائهم، و طرحوا رؤياهم، و شرحوا علومهم و فنونهم و اعمالهم و آمالهم، فأثروا القراء بمعارفهم و خبراتهم و اساليب حياتهم من خلال اجابات علي اسئلة تصل للعمق برشاقة، و تنم عن تشعب معرفة و لباقة.
لم تنس كاترين و هي تقدم كتابها في حديقة بديعة لتحفة معمارية سكنية، أن ترجع الفضل الي كل من ساعدوها من مؤرخين و مفكرين و دارسين و مصممين و ناشرين، فألفت بين خبراتهم و علومهم بإدارة محبة شغوفة ، كما لو كانت صاحبة دار نشر محترفة، و قدمت الكتاب في أحلا صورة ، رأت بعين الجمال و الإحتواء ماضي المعادي العريق الباهر، الذي أغري صناع السينما بأناقته و ثرائه و أسلوب حياته الي حاضره المفعم بالحيوية و الفكر ،حتي مع الامتداد العمراني الذي ربما أثر علي تناغم عمرانه و سكانه.
و انت تتصفح الكتاب تشعر أنك أيضا تقرأ مؤلفته، تشعر بحماسها و حيويتها، تشعر بتفانيها و بقدرتها الفذة علي التأقلم و التواصل الاجتماعي، تشعر بطموحها و ريادتها و بجهدها الدءوب ، الذي بذلته بمحبة و خيال، تشعر بتعمقها و بنزعة الي الإتقان و حب الجمال، تشعر انها تنتمي الي المجتمع و المكان، و تشعر انها تستمتع و هي تقدم لنا بمودة ما استمتعت به، لتثري حياتنا و تقارب بيننا في كتاب صاغه خيال فنانة بجهد رياضية و روح منتمية.