يشهد قطاع غزة مأساة إنسانية غير مسبوقة في العالم بسبب الحرب الإسرائيلية والقصف المستمر وتدمير البنية التحتية للقطاع ككل وتهجير آلاف الأهالي من منازلهم وتعنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي منعهم دخول المساعدات الإنسانية، مما هدد بمجاعة لم يشهد العالم لها مثيل في غزة.
وحذرت العديد من الجهات الفلسطينية والعالمية من حدوث مجاعة غير مسبوقة في قطاع غزة تهدد آلاف الفلسطينيين بسبب عدم دخول المساعدات الإنسانية الكافة إلى الأهالي والقصف الإسرائيلي المستمر والعمليات العسكرية البرية التي تقوم بها القوات الإسرائيلية وتدميرها للبنية التحتية وأي مصدر للحياة في غزة بحجة محارية حركة المقاومة الفلسطينية حماس.
البنك الدولي يحذر
حذر البنك الدولي في تقرير له، أن الدمار الذي أحدثه القصف الإسرائيلي في غزة أدي إلى انكماش مذهل بنسبة 24% في اقتصاد غزة في عام 2023، حيث شهد الربع الأخير انخفاضًا غير مسبوق بنسبة 80%.
وقال البنك الدولي في تقريره، إن انعدام الأمن الغذائي في غزة يؤثر على واحد على الأقل من كل 4 أفراد، كما أن خطر المجاعة يلوح في الأفق، وقد أدى انتشار الفقر على نطاق واسع، إلى جانب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية، إلى ترك سكان غزة يعانون من آثار الصراع.
وأضاف البنك الدولي أن تهجير 1.7 مليون فلسطيني، يمثلون أغلبية سكان غزة، يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية التي تتكشف في المنطقة.
وحذر البنك من آثار مضاعفه ستؤثر على مستويات المعيشة في الضفة الغربية، مما سيؤدي فعليا إلى إلغاء أي تقدم تم إحرازه منذ ظهور جائحة كوفيد-19.
كما يرسم التقرير صورة واقعية للتحديات الهائلة التي يواجهها الفلسطينيون، حيث لا يستطيع أكثر من 650,000 فرد العودة إلى منازلهم بسبب الأضرار الجسيمة التي لحقت بالبنية التحتية.
برنامج الأغذية العالمي
قدر برنامج الأغذية العالمي، أن أكثر من ربع سكان قطاع غزة استنفدوا إمداداتهم الغذائية وسط تحذيرات من أن 90% من الأطفال يعانون سوء تغذية مؤلما.
وقال المدير الإقليمي لبرنامج الأغذية العالمي ماثيو هولينجورث، إن قطاع غزة سيشهد مستويات جوع غير مسبوقة لم يعهدها العالم من قبل.
وأضاف هولينجورث أن البيانات الواردة من شمال قطاع غزة تظهر تفاقم سوء التغذية لدى الأطفال إلى مستويات طارئة خلال 4 أشهر فقط.
وكالة الأونروا
كما حذرت وكالة الأونروا من الوقع في قطاع غزة، حيث قالت إيناس حمدان، القائم بأعمال مدير مكتب إعلام وكالة الأونروا، إن الوضع الإنساني في غزة يتدهور يومًا بعد يوم، والمجاعة تلوح في الأفق.
وأضافت حمدان أن هناك نقصا حادا في منطقة شمال ووسط قطاع غزة، في المواد الطبية والغذائية، مشيرة إلى أن الأطفال لا يحصلون على الكمية المناسبة من الطعام.
وأوضحت أن شح المساعدات الإنسانية من الأمور التي تؤدي لتفاقم الوضع الإنساني، خاصة في شمال قطاع غزة، والذي يتعرض لمجاعة حقيقية.
وأشارت إلى أن الوضع بشكل عام صعب ولا يمكن وصفه، مؤكدة أن الأمراض باتت تنتشر بين الأطفال وكبار السن، إضافة إلى نقص كبير في مياه الشرب النظيفة.
وعلى جانب آخر، أكد المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، أن هناك إمكانية لتجنب المجاعة في شمال غزة إذا سمح بدخول المزيد من قوافل الغذاء على أساس منتظم.
وقال مفوّض الأونروا، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "اكس"، إنّ "آخر مرة تمكنا فيها من إيصال المساعدات الغذائية إلى شمال قطاع غزة كانت في 23 يناير الماضي".
وتابع: "دعواتنا لإرسال المساعدات الغذائية وتحذيراتنا من المجاعة في شمال قطاع غزة تم رفضها ولقيت آذانا صماء".
وأضاف لازاريني أنه "لا يزال من الممكن تجنب المجاعة، من خلال الإرادة السياسية الحقيقية لمنح الوصول والحماية للمساعدة الهادفة".
واختتم منشوره بالقول: "ستختبر الأيام القادمة مرة أخرى إنسانيتنا وقيمنا المشتركة".
الصحة الفلسطينية تستغيث
أما عن الجهات المحلية الفلسطينية، قالت وزارة الصحة بغزة، أن الاحتلال الإسرائيلي يضع سكان قطاع غزة في مثلث الموت المتمثل بالاستهداف والمجاعة والأوبئة.
وأشارت صحة غزة في بيان لها، إلي أن استمرار العدوان على غزة يعني مزيد من الإبادة الجماعية وهذا ما يريده الاحتلال وداعميه.
وأوضحت أن نصف مليون مواطن شمال غزة يقساون المجاعة التي تفتك بأرواحهم بصمت.
وبينت الوزارة أن 350 الف مريض مزمن و 60 الف سيدة حامل ونحو 700 الف طفل في قطاع غزة يتعرضون لمضاعفات خطيرة نتيجة سوء التغدية والجفاف وعدم توفر الامكانيات الطبية.
وعلى جانب آخر، أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أن هناك مجاعة حقيقية في غزة بشكل مقصود ومتعمد، و800 ألف مواطن مهددون بالموت، بسبب سياسة التجويع والتعطيش.
وقال المكتب الحكومي في بيان له: "ندق ناقوس الخطر من جديد حول تركيز جيش الاحتلال الإسرائيلي على إيقاع مجاعة حقيقية في محافظتي غزة وشمال غزة بشكل مقصود ومتعمّد، وما يؤكد ذلك هو منعه إدخال المساعدات والإمدادات والمواد الغذائية والتموينية".
وأضاف: "الاحتلال يطلق النار على الشاحنات التي تحاول الوصول إلى المحافظتين، وأسقط أكثر من 14 شهيدا كانوا يبحثون عن لقمة طعام يأكلونها، وكذلك استهدافه لجميع خطوط مياه الشرب والآبار، وتعطيله لكل مناحي الحياة تماما".
وأوضح: "استمرار سياسة التجويع والتعطيش يعني أن قرابة 800,000 مواطن من أبناء شعبنا في محافظتي غزة والشمال، يتهددهم الموت نتيجة ذلك".
وأشار إلى أن "هذه السياسة المفضوحة تؤكد النية المبيتة لحكومة الاحتلال بارتكاب حرب إبادة جماعية، وتهجير المواطنين من منازلهم قسريا، تحت تهديد القتل، والسلاح، والقصف، والتجويع، والتعطيش، في مخالفة واضحة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني ولكل المعاهدات الدولية الأخرى".