خلال يومين من إعلان مجلس الوزراء عن صفقة الاستثمار الكبرى بين مصر والإمارات في مدينة رأس الحكمة، انعكس التأثير الفوري لتلك الصفقة وشهدت الأسعار في مصر انخفاضات متتالية لجميع السلع المرتبطة بالدولار، ويتوقع الخبراء تحسن وضع الاقتصاد المصري وانتهاء السوق السوداء.
انخفاض سعر الدولار
تعتبر صفقة الاستثمار الكبرى بين مصر والإمارات في مدينة رأس الحكمة هي بداية لانتهاء الأزمة الاقتصادية الحالية، كما أنها تعتبر حافزا لجذب مزيد من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة.
وأنخفض سعر الدولار في السوق الموازية اليوم، الأحد 25 فبراير، وتكبد المضاربون وتجار العملة خسائر كبيرة ومدوية نتيجة سقوط الدولار الكبير، حيث تراجع سعر الدولار ليهبط دون مستويات الـ 50 جنيها ليخسر 22 جنيها من أعلى سعر.
ومع بداية تعاملات اليوم، شهد سعر الدولار استقرارا أمام الجنيه المصري في عدد من البنوك الحكومية والخاصة وشركات الصرافة العاملة في السوق المصرفية المصرية، حيث سجل سعر الدولار في البنك المركزي نحو 30.83 جنيه للشراء، و30.96 جنيه للبيع.
القضاء على السوق السوداء
وفي هذا الإطار، قال أحمد معطى، الخبير الاقتصادي، إن مشروع رأس الحكمة، الذي أعلنت عنه الحكومة يشكل أكبر مشروع في تاريخ مصر.
وأوضح "معطي" أن هذا المشروع يساهم في خفض معدلات التضخم واستقرار سعر الصرف، ما يلبي احتياجات الشارع المصري في الوقت الحالي، بالإضافة إلى إنهاء أزمة الدولار والقضاء على سعر دولار السوق السوداء.
أنخفاض أسعار الذهب
وأيضا منذ إعلان الصفقة، شهدت أسعار الذهب تراجعا كبيرا، ليتراجع سعر جرام الذهب عيار 21 بنحو 305 جنيهات، ليهبط لأدنى مستوى له منذ أكثر من شهرين، كما انخفض سعر الجنيه الذهب بنحو 2440 جنيها دفعة واحدة.
جاء ذلك تزامنا مع إعلان أكبر صفقة استثمار مباشر من خلال شراكة استثمارية مع الجانب الإماراتي، وهو مشروع رأس الحكمة، وذلك في ضوء جهود الدولة حاليا لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وزيادة موارد الدولة من النقد الأجنبي.
وفي هذا الصدد، قال الخبير المصرفي ماجد فهمي، إن هناك ارتباطا كبيرا بين تسعير الذهب وبين الدولار.
وأوضح أن السبب الرئيسي في انخفاض سعر الذهب هو تحسين قيمه الجنيه أمام الدولار، حيث إن معظم التجار يقوم بتحديد سعر الذهب بناءً على بورصة الذهب العالمية بالدولار، ثم يقوم بتحويل سعره للجنيه على حسب سعر صرفه مقابل الدولار.
انخفاض أسعار السلع
وطالت الانخفاضات بعض أنواع الخضراوات، حيث تراجعت أسعار الطماطم والبطاطس بقيمة 2 جنيه، وتراجعت الكوسة بقيمة 4 جنيهات، فيما تراجع البصل بقيمة 3 جنيهات، بينما تراجع العلف بقيمة 500 جنيه.
وفي هذا الصدد، قال السيد خضر، الخبير الاقتصادي، إن تدفق العملة الصعبة، وضخ الاستثمارات في مصر من خلال مشروع رأس الحكمة، سيؤدي إلى انخفاض أسعار السلع خاصة بعد هبوط أسعار صرف الدولار في السوق الموازية، بعد الإعلان عن الصفقة، والتي أدت الى خلق أزمة ومخاوف كبيرة لدى تجار العملة الصعبة.
ووقعت مصر الجمعة الماضي صفقة مع الشركة القابضة الإماراتية، وهي الصندوق السيادي لإمارة أبو ظبي، لتطوير مدينة رأس الحكمة، بإجمالي استثمارات 35 مليار دولار وسيتم تأسيس شركة رأس الحكمة وستكون الشركة القابضة للمشروع، والتي تتضمن فنادق ومشروعات ترفيهية، ومنطقة المال والأعمال، وإنشاء مطار دولى جنوب المدينة.
وستحصل مصر بموجب الصفقة على 35 مليار دولار خلال شهرين، منها 11 مليار دولار وديعة إماراتية في البنك المركزي المصري، إضافة إلى 24 مليار دولار ستضخها الإمارات.
تنعكس إيجابيا على سوق النقد
كما ستحصل مصر على 35% من أرباح مشروع رأس الحكمة، وتكون الدولة ملتزمة بالتعويض النقدي والعيني لأهالي المتواجدين على أراضي المدينة، كما ينخفض الدين الخارجي المصري بمقدار 11 مليار دولار نتيجة تحويل وديعة إماراتية بالمركزي إلى استثمار بالمشروع.
وفي هذا الإطار، قال الدكتور فرج عبد الله، الخبير الاقتصادي، إن الصفقة الاستثمارية الكبرى تهدف بشكل أساسي لجذب الاستثمار الأجنبي بشكل مباشر، وان هذا سيكون له تأثير إيجابي على السياسات المالية بشكل عام وعلى الصعيد الاقتصادي ككل.
وأضاف عبد الله أن الحكومة خلال الفترة الماضية كانت عاكفة على إظهار دورها الاقتصادي، حيث أوجدت إتاحة كبيرة للقطاع الخاص سواء على المستوى المحلي أو الأجنبي وطرحت المزيد من المحفزات المباشرة وغير المباشرة، مؤكدًا أن صفقة الاستثمار المباشر ستنعكس إيجابيا على سوق النقد الأجنبي.
وأشار إلى أنه من المتوقع خلال الفترة المقبلة زيادة الاستثمار الأجنبي غير المباشر، وأنه من المتوقع أيضًا أن تكون الأولوية لقطاعات الطاقة والطاقة النظيفة نظرا للمجهودات التي قامت بها الحكومة خلال الفترة الماضية.
وأوضح أن الفترة المقبلة ستشهد حراكا صناعيا سيؤدي إلى اقتصاد متوازن يؤسس إلى قاعدة تصنيعية يتم من خلالها استهداف الأسواق المحلية والأسواق الأجنبية.