في عمق البحر الأحمر، على بُعد نحو 35 كيلومترًا غرب جزيرة شدوان ومُقابلةً لمدينة الغردقة، تنام في سكون شعاب أبو النحاس، وهي منطقة تشبه المثلث الغامض لبرمودا.
بعيدا عن عواصف الدومات المائية القاتلة، تتألق هذه المنطقة بشعابها المرجانية الخلابة، ولكنها تحمل مخاطر مميتة للغواصين والبحارة.
منذ عقود، أثارت شعاب أبو النحاس فضول المستكشفين وعشاق رياضة الغوص حول العالم، ورغم جاذبيتها السياحية، إلا أن هذه المنطقة تعتبر موطنًا للعديد من السفن الغارقة، حيث يعتقد البعض أن عددها يصل إلى سبع سفن ضخمة، تمتد قصصها عبر تاريخ مضطرب من البحر.
السفينة "إس إس كارناتيك"، التي غرقت في عام 1896، والسفينة "كيمون إم"، التي غرقت عام 1978، والسفينة "أولدن"، التي غرقت عام 1987، والسفينة "تشريسكولا كيه"، التي غرقت عام 1981، والسفينة "غيانيس دي"، التي غرقت عام 1983، هي جزء من الأسرار التي تحتجزها أعماق هذه الشعاب.
وبالرغم من الجهود الدؤوبة للباحثين، إلا أن عدد السفن لا يزال مجهولًا، ما يضيف إلى غموض المنطقة.
تتميز شعاب أبو النحاس بتواجد أكثر من عشرين موقعًا للسفن الغارقة والمُحطمة، وتعتبر المنطقة الوحيدة التي تضم حطام خمس سفن عملاقة، ما يجعلها مركزًا للاهتمام من قِبَل هيئة الموانئ البحرية ووزارة البيئة.
تتربع هذه السفن العملاقة على أعماق تفوق 30 مترًا، وتشكل تحديًا للغواصين والباحثين على حد سواء.
تجربة استكشاف هذه الأطلال البحرية تتطلب خبرة وتجهيزات خاصة، نظرًا لتعقيد البيئة وتحديات الغموض التي تحيط بكل سفينة.
وعلى الرغم من جمالها، فإن "أبو النحاس" تحمل سمعة مُرعبة بين الصيادين والغواصين، حيث يصفونها بأنها "نحس على السفن"، معتقدين أن الخطر يكمن في كل شعابها.
ورغم أن بعض النظريات تربط اسمها بغرق سفن محملة بالنحاس، إلا أن أصل اسمها لا يزال غامضًا كأعماق البحر التي تحيط بها.
بفضل جهود الحفاظ على هذا التراث البحري، يسعى الباحثون والجهات المعنية إلى الحفاظ على هذا التاريخ البحري والمحافظة على بيئة شعاب أبو النحاس الرائعة.
بهذا، تظل هذه المنطقة مصدرًا للإثارة والغموض، مهيمنةً على أعماق البحر الأحمر بجمالها وأسرارها، متحديةً الباحثين والمغامرين لاستكشاف أسرارها والغوص في أعماقها المجهولة.