أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب، برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، 4 عناوين من مشروع «ديوان الشعر المصري» الذي أطلقته الهيئة مؤخرًا، وجاء الكتاب الأول بعنوان «ابن سناء الملك.. يا شقيق الروح من جسدي»، والثاني «ابن النبيه.. أفديه إن حفظ الهوى أو ضيعا»، والثالث «ابن نباته المصري.. قامت قيامة قلبي» والرابع «البهاء زهير.. يا من لعبت به شمول» والإصدارات من اختيار وتقديم الشاعر أحمد الشهاوي.
[[system-code:ad:autoads]]
وقال الدكتور أحمد بهي الدين، رئيس الهيئة: «مصر منذ فجر التاريخ حضارة ملهمة للإنسانية، مساهمة في إثراء معرفتها، والتجديد في إبداعها، فكانت وما زالت حضارة متجددة حية تنتج وترسل وتستقبل، فتبدع في إنتاج معرفة ممصرة لها طابع إنساني عالمي، وقد عرفت مصر الشعر في أنشودة إيزيس وعلى لسان حتشبسوت، وفي البرديات التي سطرها الكاتب المصري القديم، وأسهمت فيه بنصيب وفير، لم يصل إلينا منه إلا نزر يسير، يصور الروح المصرية الأصيلة والحس الإنساني المحلق.
ولما كان الشعر للعربية ديوانها، كان لمصر ولا يزال نصيب من الإبداع في بنائه، والارتقاء بأغراضه، واستمراريته طوال قرون منذ اتصلت مصر باللغة العربية، لسانا وثقافة وعلما، فقدمت للعربية شعراء كبارًا، أسهموا بإبداعهم في هذا البناء الشامخ، لقي هذا النصيب عناية ورواجا، وبقي الآخر كامنا في كتب التراث، والمخطوطات، وظل في بطون أمهات الكتب إبداع فريد آن لنا أن نميط اللثام عنه، وأن نغطي جوانبه لنكشف عن إسهام مصر في الشعر الذي يعود بنا إلى أبعد.
يبدأ هذا المشروع عند البداية الأولى التي تعرفت فيها مصر اللغة العربية فأبدعت في الشعر، وتغنى بها شعراء قامات من شعراء العربية عندما زاروها ومكثوا بها.
لدينا ذخيرة شعرية ضمت صنوف الإبداع الشعري، لعل هذا المتنوع يكشف عن رصيد مصر الشعري حتى منتصف القرن التاسع عشر، وقد اخترنا لهذا المشروع عنوان "ديوان الشعر المصري"، لتعرف أجيال قادمة إبداع الأجداد وليعرفوا نصيب مصر في بناء الشعر العربي السامق، وأن مصر أثرت الثقافة العربية إبداعا شعريًا، كما أثرت الثقافة الإنسانية قديما وحديثا، على مستويات الفن والإبداع والعلوم».
وقال الشاعر أحمد الشهاوي: «بوصفك من مصر اكتب شِعرًا مصريًا مكتوبًا باللغة العربية بلاغة وأسلوبا؛ لأنك ابن لزمان ومكان مصريين، وابن لأبوين مصريين، وبيئة مصرية مستقلة متفردة رواها النيل المقدَّس بمائه الأزلي الحزين، ولا تستورد أو تستعر حال أحد أو موضوعه أو مِزَاجَه الفني؛ لأنه ابن عالم ليس لك، ولا تنتمي إليه؛ فالشخصية المصرية عقيدة ينبغي أن تؤمن بها.
هل ظلم المصريون شِعْرَهُم؟
يستطيع المرء أن يقول: نعم، ولا.
نعم؛ لأن تقديم هذا الشعر منذ النصف الثاني من القرن الثالث للهجرة؛ تاریخ ظهور شعر مصري خاص وحتى أيامنا هذه، يتم بشكل غير مؤسسي، لا إعداد فيه ولا تنظيم، حيث لا توجد خُطَّةٌ مدروسة ممنهجة لنشر وإبراز شعراء مصر في القرون الغابرة وحتى اللحظة الراهنة.
ولا، لأن هناك أساتذة كبارًا في الجامعات المصرية قد درسوا الحياة الشعرية، و شعر رموز هذه الحياة، وللأسف كان ذلك قبل عقود مضت، حيث لم يُعد نشر دواوينهم والدراسات الأدبية والنقدية عن حيواتهم وشعرهم وعُصُورهم، كما أن أغلب هذه الكتب نُشرت بشكل أكاديمي محدود التوزيع مصريا وعربيا، ولم تخاطب المتلقي العام، كما أنَّ أشعارهم غابت عن المناهج الدراسية، واكتفىواضعو المناهج بنشر نماذج لشعراء من العصور: الجاهلي، الأموي، العباسي... ونسوا تماما شعراء بحجم البهاء زهير ( ١١٨٦ - ١٢٥٨م / ٥ من ذي الحجة ٥٨١ - ٤ من ذي القعدة ٦٥٦ هـ)، ابن سناء الملك ( ٥٥٠ - ٦٠٨ هـ ) ، ابن نباتة المصري (٦٨٦ - ٧٦٨ هـ = ١٢٨٧ - ١٣٦٦م) على سبيل المثال لا الحصر، ولم يمنحوا إفرادا خاصا لدراسة الشعر المصري».