الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شخصت الداء ووصفت الدواء.. مصر تفضح الجرائم الإسرئيلية أمام محكمة العدل في مرافعة تاريخية|تفاصيل

العدل الدولية
العدل الدولية

منذ بداية التصعيد بين قوات الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الفلسطينية حماس كانت مصر الدولة الساندة لأشقائها في فلسطين بداية من إعلانها إجراء اتصالات مكثفة لوقف إطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية بجانب دعوتها وتصريحاتها المتكررة من خطورة التهجير القسري.

الرئيس السيسي 

مصر ومسارات الدعم المستمر 

وفي مساندة جديدة قامت مصر، أمس، بتقديم توثيق للحقوق الفلسطينية وبتأكيد مسئولية إسرائيل كقوة احتلال عن كافة الممارسات غير الشرعية من استيطان وتهجير واضطهاد وتمييز، ولوضع العالم أمام مسئولياته أمام محكمة العدل الدولية.

وكشف المتحدث باسم الخارجية أحمد أبو زيد تفاصيل مرافعة مصر الشفهية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي بشأن الممارسات الإسرائيلية في فلسطين منذ عام 1967.

وقال بيان الخارجية المصرية: "قد تضمنت المرافعة الدفوع والأسانيد القانونية لتأكيد اختصاص المحكمة بمنح الرأي الاستشاري في تلك المسألة، ومن الناحية الموضوعية تأكيد عدم شرعية ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة ضد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف".

وأوضح أن مصر أكدت في مرافعتها أمام المحكمة على الأهمية القصوى للأبعاد القانونية المترتبة على منح الرأي الاستشاري للمحكمة بشأن الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأن طلب الرأي الاستشاري يأتي في ظل ظرف دقيق، وعلى خلفية تاريخ يمتد لنحو خمسة وسبعين عاماً من الممارسات الإسرائيلية الرامية للدفع بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وسلب للأراضي والمنازل، وتنفيذ سياسات العقاب الجماعي، واستخدام ممنهج وعشوائي للعنف ضد المدنيين، ومواصلة تعريض أبناء الشعب الفلسطيني للمعاناة الإنسانية بنهج غير مسبوق الحجم والتأثير، وبينما لايزال العالم يقف صامتاً أمام اتخاذ موقف حازم بحتمية إنهاء الإحتلال طويل المدى.

الاعتداءات الإسرائيلية 

وأوضحت مصر في المرافعة أنه بات من المستحيل تجاهل مسؤولية الأطراف الدولية عن تغيير الوضع الراهن، فالاعتداءات الإسرائيلية ضد سكان قطاع غزة المحتل لاتزال مستمرة، حيث تجاوز أعداد الضحايا 29 ألفا من أبناء الشعب الفلسطيني، وتم نقل وتهجير ما يقرب من 2.3 مليون شخص قسرا، في انتهاك صارخ لأحكام القانون الدولي، وفي ظل عجز مجلس الأمن عن تحقيق وقف إطلاق النار بشكل فوري، مشيرة إلى أن هذا الوضع الكارثي قد امتد ليشمل الضفة الغربية، حيث تم تهجير مجتمعات فلسطينية كاملة على إثر تصاعد عنف المستوطنين الإسرائيليين، ووضع قيود على تنقل المواطنين، وتنفيذ الإجراءات العقابية بهدم المنازل، فضلاً عن توسع سياسات الحكومة الإسرائيلية في أنشطتها الاستيطانية على نحو يزيد من الفصل بين الأراضي الفلسطينية، ويهدد أسس مقررات الشرعية الدولية بحل الدولتين، بل ويقوض من آفاق إرساء السلام الدائم والتعايش بين شعوب المنطقة.

وأوضح المتحدث الرسمي باسم الخارجية، أن المرافعة ركزت في متنها على الدفع بالأسانيد والحجج القانونية تجاه أربعة موضوعات رئيسية، أولاً- تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بمنح الرأي الاستشاري في الممارسات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وثانيا - استبيان الآثار القانونية المترتبة عن الإحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده بالمخالفة لقانون الحرب والمبادئ التي تحكم مشروعية استخدام القوة، فضلاً عن الآثار القانونية الخاصة بحظر الإستيلاء على الأراضي بالقوة، ومبدأ حق تقرير مصير الشعوب، وحظر العنصرية والفصل العنصري، وثالثاً- دحض المبررات القانونية الخاصة باستخدام مبدأ الدفاع عن النفس، والضرورة الأمنية أو العسكرية، ورابعاً- ملخصاً للآثار القانونية الناشئة عن الممارسات الإسرائيلية.

وأردف أن المرافعة المصرية استندت إلى سوابق أحكام وآراء المحكمة، التي تؤكد انطباق القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذا مبدأ عدم شرعية ضم الأراضي والإستيلاء على الإقليم بالقوة، ورفض ممارسات إسرائيل بتهويد القدس، وإدانة إنتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وعلى رأسها الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الخاص بالجدار العازل في الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما أكدت مواقف المحكمة سابقاً انطباق المبادئ القانونية الواردة بميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة جنيف الرابعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وكذا قواعد لاهاي الخاصة بقانون وأعراف الحرب، والمعاهدات الخاصة بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، وخاصة الإتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، بالإضافة إلى مبادئ القانون الدولي العرفي، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة.

المتحدث باسم الخارجية

من هي ياسمين موسى؟ 

ويذكر أن المستشارة “ياسمين موسى” التي قدمت المرافعة أمام محكمة العدل الدولية هي أحد أعضاء مكتب وزير الخارجية، والمستشارة القانونية بمكتب الوزير، حاصلة على الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة كامبريدج بإنجلترا، ⁠وكان آخر عملها بالخارج مستشارة بالوفد المصري في جنيف.

وتقلدت المستشارة القانونية العديد من المناصب الهامة، قبل عام 2019، كانت السكرتيرة الأولى للشؤون الإنسانية والقانونية في بعثة مصر الدائمة إلى الأمم المتحدة في جنيف، وذلك وفقًا للموقع الرسمي لمركز جنيف للتحكيم الدولي التابع للأمم المتحدة.

وقبل توليها هذا المنصب تولت العديد من المناصب المختلفة في مصر، حيث عملت في وزارة الخارجية المصرية، ثم حصلت على منصب المستشار القانوني بمكتب وزير الخارجية المصري.

أستاذة مساعدة في القانون بالجامعة الأمريكية

ومن 2014 إلى 2016 كانت أستاذة مساعدة في القانون بالجامعة الأمريكية في القاهرة، حيث قامت بتدريس القانون الدولي العام.

وأخيرًا حصلت على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من كامبريدج، كما أشرفت على القانون الدولي في كلية المجدلية وكلية سانت إدموند في جامعة كامبريدج البريطانية.

واستطاعت “ياسمين موسى” من خلال دراستها للقانون الدولي في جامعة كامبريدج البريطانية، وعملها بالخارج ضمن الوفد المصري في جنيف كمستشارة قانونية، التركيز في مرافعتها الدولية على العديد من النقاط التي من شأنها تأكيد ارتكاب دولة الاحتلال الإسرائيلي جريمة الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين.

وأكدت الدكتورة ياسمين أن أوامر إسرائيل بإخلاء سكان غزة بالقوة بمثابة تطهير عرقي، مؤكدة أن المادة 49 باتفاقية جنيف الرابعة لا تمنع ترحيل السكان فقط، بل تؤكد بأن أي إجراءات لقوات الاحتلال بترحيل جزء أو كل من السكان هو أمر مرفوض.

واضافت خلال تقديمها المرافعة المصرية أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، ان إسرائيل تسعى لتوسيع المستوطنات وضم الأرض وتشريد الفلسطينيين بالقوة مضيفة أن إسرائيل تسعى لتغيير الوضع القائم بمدينة القدس، بما يخالف القوانين الدولية.

وشددت ممثلة مصر أمام محكمة العدل الدولية على أن عمليات الاستيطان المستمرة من جانب إسرائيل تقوض أسس حل الدولتين والسلام فى المنطقة كاشفة عن أن عدد المستوطنين وصل الآن إلى 750 ألفا مما يغير بشكل متعمد طبيعة الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأضافت أن الاحتلال الإسرائيلي يمارس سياسة الفصل العنصري بحق الفلسطينيين مشيرة أن الاحتلال الإسرائيلي الممتد غير شرعي وغير قانوني ويجب إنهاؤه.

ومن الرسائل التحذيرية التي أطلقتها مصر، وهي "على إسرائيل التراجع عن إجراءاتها، حيث أكدت على أن إسرائيل تعمدت القيام بالتغيير الديمغرافي للأراضي الفلسطينية، والتطهير العرقي، وتقوم بتغيير الهوية الديمغرافية وزيادة الهيمنة اليهودية بشكل ممنهج.

المستشارة ياسمين موسى

أطول احتلال في التاريخ الحديث

وأشارت إلى أن التدمير الذى تقوم به إسرائيل فى غزة وفرض الحصار لمنع الفلسطينيين من حقوقهم يظهر مدى الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل وهي إجراءات غير شرعية وخاطئة فالفلسطينيون يواجهون عقابا جماعيا على مدار 75 عاما متسائلة: "إلى متى ستستمر الأمم المتحدة في التعامل مع عواقب الانتهاكات الإسرائيلية بدون معالجة الأسباب الجذرية؟"

وأطلقت خلال المرافعة عدة رسائل فى مقدمتها أن استقرار الشرق الأوسط لن يتحقق إلا بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة كما قدمت مصر أدلة على عدم قانونية الاحتلال للأراضي الفلسطينية.

وأشارت أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية هو أطول احتلال في التاريخ الحديث ويعمل على منع دخول المساعدات إلى قطاع غزة بشكل مستمر  والتخطيط لاقتحام رفح التي يسكنها أكثر من مليون و300 ألف فلسطيني.

واكدت مندوبة مصر أمام محكمة العدل الدولية أن الاحتلال يسعى لفرض سياسة الأمر الواقع وهو وضع غير قانوني ومخالف لقرارات الشرعية الدولية كما إن إسرائيل تسمح بعنف المستوطنين ضد الشعب الفلسطيني مضيفة أن حل القضية القلسطينية سيعمل على استقرار الشرق الأوسط.

قالت الدكتورة ياسمين موسى المستشارة القانونية بمكتب وزير الخارجية، إن ممارسات الاحتلال الاسرائيلي في غزة ليست دفاعا عن النفس بل هي عدوان على الشعب الفلسطيني، وحرب غاشمة، ولا يمكن استخدام القوة على الأراضي الفلسطينية، وأن استحواذ إسرائيل على الأراضي الفلسطينية غير قانوني.

وقالت إن إسرائيل يجب أن تدفع تعويضات عن كل ما سببته للشعب الفلسطيني من أضرار خلال العقود الماضية.

تعد محكمة العدل الدولية جهازا قضائيا رئيسيا للأمم المتحدة، وتتولى المحكمة الفصل في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقدم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.

ووفقا للمادة 65 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، فإن من حق الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تطلب رأيا قانونيا استشاريا غير ملزم  بشأن أي موضوع معروض على الجمعية وليس عليه توافق دولي.

وتعد هذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها الجمعية العامة للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار رأي استشاري يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة في ظل تصاعد الضغوط السياسية على إسرائيل بسبب حرب غزة.

وسبق لمحكمة العدل الدولية أن أصدرت في يوليو 2004، قراراً بأن الجدار العازل الذي تقيمه إسرائيل في الضفة الغربية ينتهك القانون الدولي ويجب تفكيكه، وذلك رغم استمرار وجوده حتى اليوم.

وفقا لما هو معلن من جانب المركز الإعلامي للأمم المتحدة، تقدم 52 دولة إفاداتها المكتوبة والشفهية أمام المحكمة، ومن بينها عدد من الدول العربية تشمل مصر والسعودية والإمارات، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين، كما قدمت إسرائيل في وقت سابق إفادتها مكتوبة إلى المحكمة.

وأذنت المحكمة لثلاث منظمات إقليمية بتقديم إفادتها حول القضية، وهي الجامعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب الاتحاد الأفريقي.

ووفق موقع الأمم المتحدة، فإن إسرائيل ركزت في إفادتها على أن السؤالين اللذين طرحهما قرار الجمعية العامة على المحكمة يمثلان تشويها واضحا لتاريخ الصراع الإسرائيلي الفلسطيني وواقعه الحالي.

محكمة العدل الدولية 

المرافعة شخصت الداء ووصفت الدواء

وفي هذا الصدد، قال الكاتب والباحث السياسي جمال رائف، إن مصر هي الحصن والسند للقضية الفلسطينية، والداعم الأول للشعب الفلسطيني، والجهود المصرية لا غبار عليها فيما يتعلق بالمسار السياسي والدبلوماسي أو ما يتعلق بالمسار الإنساني.

ومن جانبه، قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية، إن المرافعة المصرية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، كانت عبارة عن جانب من المذكرة الكاملة التي قدمتها مصر ضد جرائم إسرائيل في فلسطين المحتلة.

وأضاف فهمي ـ أن ما طرحته ممثل مصر أمام محكمة العدل الدولية بمثابة توثيق لكافة جرائم إسرائيل منذ احتلالها لفلسطين على مدار 75 عاما، وكشف تجاهلها لقرارات الشرعية الدولية والقرارات الحاكمة للصراع العربي الإسرائيلي وكل القرارات الدولية الأخرى.

وأكد أن مصر دولة جوار وعلى دراية بكل ما يجري في فلسطين المحتلة، بالتالي ما تم طرحه توثيق حرفي كامل لجرائم الاحتلال.

وتابع: جرائم إسرائيل لا تسقط بالتقادم، والملف التاريخي المصري موثق بحرفية ومهارة كبيرة من الأجهزة المصرية المعنية لإدانة إسرائيل، وإقرارا للحقوق التاريخية للفلسطينيين".

كما قال الدكتور أحمد سيد أحمد، أستاذ العلاقات الدولية، إن مرافعة مصر المنددة بانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية مرافعة تاريخية، شخصت الداء ووصفت الدواء لمرض استمرار الاحتلال بكل أشكاله وممارساته العنصرية والعدوانية على مدار 75 عاما، بحق الشعب الفلسطيني الأعزل الذي يطالب بحقه في تقرير مصيره والعيش في دولة مستقرة.

لدكتور أحمد سيد أحمد