لم تتوقف الولايات المتحدة الأمريكية منذ بداية الأزمة على الدعم الكامل لإسرائيل، فهي شريك أساسي في كل الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة، فدائما تعمل على استخدام مجلس الأمن والمؤسسات الدولية في تحقيق أغراضها وسياساتها بالمنطقة ولمصلحتها الخاصة.
فيتو أمريكي ضد وقف العدوان
واستخدمت الولايات المتحدة، أمس، حق النقض "الفيتو" ضد مشروع قرار جزائري يدعو لوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة.
[[system-code:ad:autoads]]
وحظي مشروع القرار الذي يطالب "بوقف إنساني فوري لإطلاق النار ينبغي أن يحترمه جميع الأطراف" بتأييد 13 عضوا في مجلس الأمن مقابل اعتراض عضو واحد وإحجام عضو آخر عن التصويت هو مندوب بريطانيا.
ويظهر التأييد (13 عضوا) الدعم العالمي الواسع لإنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من أربعة أشهر، والتي بدأت بهجوم حركة المقاومة حماس المفاجئ على جنوب إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 250 آخرين رهائن، ومنذ ذلك الحين، قتل أكثر من 29 ألف فلسطيني في الهجوم العسكري الإسرائيلي، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وقالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، إن "طرح هذا القرار في هذا الوقت ليس مناسبا، ومن شأنه إطالة أمد الصراع ومدة أسر المحتجزين".
وأضافت: "لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار نعمل على اتفاق لإطلاق سراح الرهائن، لنلتزم بالعمل على الشيء الصحيح في الوقت الصحيح".
وتابعت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة: "لا نسعى للتغطية على اجتياح عسكري وشيك لرفح إذْ لا بد من حماية المدنيين، لدينا مشروع قرار آخر ينص على وقف مؤقت لإطلاق النار يتماشى مع ما نراه".
كما قال البيت الأبيض: "أميركا لم تتمكن من دعم قرار مجلس الأمن الدولي الثلاثاء لأنه كان سيعرض محادثات حساسة للخطر".
وأضاف: "الوقت ليس مناسبا لوقف إطلاق النار في غزة".
وهذه هي المرة الثالثة التي تعرقل فيها أميركا مشروع قرار بمجلس الأمن يدعو لإعلان هدنة إنسانية فورية في غزة.
أمريكا هي من تحارب في غزة
وحول إمكانية تغيير قانون مجلس الأمن، قال الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية، إن قانون مجلس الامن لا يمكن تغيره نتيجة وجود الولايات المتحدة الأمريكية، فيجب أولا اسقاط النظام الدولي لتغير نظام مجلس الأمن.
وأوضح فارس ـ في تصريحات خاصة لـ "صدى البلد"، أن النظام الدولي هو الأساس لتغير مؤسسات الدولية كمجلس الامن او تغير نظام الأمم المتحدة، فبالتالي الإدارة الامريكية ستكون عائق بشكل واضح في محاولة ان يكون هناك تحرك دولي لتغير النظام العالمي لان الولايات المتحدة الامريكية تمسك بالنظام الدولي وليس هناك أي قوة قادرة على ان تحل محل الولايات المتحدة حتى هذه اللحظة.
وأكد أن هذا القرار لاستمرار تقديم الحماية السياسية والأمنية والعسكرية والقانونية لدولة الاحتلال الإسرائيلي من قبل الولايات المتحدة الامريكية والدليل على ذلك ان أمريكا هي من تحارب في قطاع غزة وليس إسرائيل لان هذا القرار كان يمثل طوق نجاة للشعب الفلسطيني نتيجة القصف العشوائي والقتل المستهدف.
وأضاف أن الولايات المتحدة تمارس دبلوماسية الدم بشكل واضح في سبيل عدم وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وأستخدمت الولايات المتحدة الأمريكية في 22 ديسمبر الماضي، حق النقض "الفيتو" للمرة الأولى منذ الحرب على غزة، بعد أن أجهضت تعديلًا لروسيا يدعو لوقف إطلاق النار، وتسليم المساعدات في غزة.
وفي 8 ديسمبر 2023، منعت واشنطن مشروع قرار إماراتي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار الإنساني في قطاع غزة.
وفي 18 أكتوبر 2023، استخدمت واشنطن حق النقض ضد مشروع قرار برازيلي يدعو إسرائيل من بين أمور أخرى، إلى سحب الأمر الصادر لسكان غزة بالانتقال إلى جنوب القطاع، ثم عللت الولايات المتحدة قرارها بالقول إن مشروع القرار لم يذكر حق إسرائيل في الدفاع عن النفس.
وحتى أمس، استخدمت الولايات المتحدة حق النقض 46 مرة ضد القرارات التي تنتقد إسرائيل، واستخدمت واشنطن حق النقض ضد 89 قرارًا في مجلس الأمن منذ عام 1945، ما يعني أن ما يزيد قليلًا على نصف حق النقض قد تم استخدامه على قرارات تنتقد الاحتلال.
فشل كبير لمجلس الأمن
استنكر أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية استخدام الولايات المتحدة لحق النقض (الفيتو) لإفشال مشروع قرار تقدمت به الجزائر، نيابة عن المجموعة العربية، للمُطالبة بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية في قطاع غزة.
ونقل جمال رشدي المتحدث الرسمي باسم الامين العام عن أبو الغيط " أسفه الشديد كون هذه هي المرة الثالثة منذ اندلاع الأزمة التي تتدخل فيها الولايات المتحدة لإفشال مشروع قرار يهدف إلى وقف إطلاق النار، بما يُشير بوضوح إلى مسئوليتها السياسية والأخلاقية عن استمرار الحرب الإسرائيلية على القطاع".
وقال أبو الغيط إن "المواقف الأمريكية تخصم من مصداقية المنظومة الأممية، وتُعزز من حالة الشلل التي تشهدها الأمم المتحدة، الأمر الذي يوفر غطاء سياسياً لإسرائيل لمواصلة العدوان في ظل عجز دولي عن إيقافه الجرائم الشنيعة التي تُرتكب كل يوم بحق المدنيين الفلسطينيين".
وأضاف رشدي أن مشروع القرار يعكس موقفاً متوازناً يُعطي الأولوية للأبعاد الإنسانية وإنقاذ مئات الآلاف من الفلسطينيين الذين يظلون عُرضة لآلة القتل الإسرائيلية وللتجويع والمرض في حال استمرار الحرب.
وأعربت دولة الكويت عن أسفها لاستخدام حق النقض "الفيتو" مجددا فى مجلس الأمن، أمس الثلاثاء، للحيلولة دون إصدار قرار مقدم من الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عن المجموعة العربية يدعو إلى وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، ووضع حد للعدوان الوحشي الذي تشنه قوات الاحتلال على شعب فلسطين الأعزل، منذ أكثر من أربعة أشهر.
وجددت دولة الكويت - بحسب بيان لوزارة الخارجية، اليوم الأربعاء، موقفها الداعي لوقف إطلاق النار الفوري والتام في قطاع غزة، لتحذر من مغبة استمرار الوضع الإنساني المتدهور في القطاع ومواصلة إراقة دماء المدنيين من الشعب الفلسطيني.
وأكدت أن فشل مجلس الأمن باعتماد مشروع القرار يجسد بشكل مؤسف حجم التحديات التي تواجه الإرادة الدولية، مما يستدعي التحرك السريع لمواجهتها ومعالجتها لضمان تمكين مجلس الأمن من القيام بواجباته الأساسية في صون الأمن والسلم الدوليين.
مصر تعرب عن أسفها البالغ
من جانبها أعربت قطر عن أسفها العميق لإعاقة مشروع قرار تقدمت به الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لمجلس الأمن، نيابة عن المجموعة العربية، يطالب بالوقف الفورى لإطلاق النار فى قطاع غزة.
وأكدت وزارة الخارجية القطرية - في بيان، اليوم الأربعاء، وفقا لوكالة الأنباء القطرية (قنا) - "أن دولة قطر ستواصل جهودها بالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى مناطق القطاع كافة، فضلا عن العمل على منع اتساع دائرة الحرب في المنطقة".
وأوضحت الوزارة أن "العدوان الغاشم المستمر على غزة يفضح مرة تلو الأخرى ازدواجية المعايير وتباين مواقف المجتمع الدولي إزاء جرائم الحرب الممنهجة التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، لاسيما الأطفال والنساء، كما يفضح عدم اكتراثه بالأوضاع الإنسانية المأساوية في القطاع".
من جهتها أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن أسفها الشديد إزاء إخفاق مجلس الأمن الدولي في تبني مشروع قرار لوقف العدوان العسكري الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة.
وعبرت المنظمة - وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية (واس) - عن بالغ أسفها لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" ضد مشروع القرار، مؤكدة أن ذلك ينعكس سلباً على دور مجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين، وحماية المدنيين، وضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
وجددت المنظمة مطالبتها المجتمع الدولي خصوصاً مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته، واتخاذ الإجراءات العاجلة لوقف جريمة الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
كما أعربت مصر عن أسفها البالغ لعجز مجلس الأمن الدولي عن إصدار قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.
وقالت وزارة الخارجية المصرية في بيان أمس الثلاثاء، إن مصر تعرب عن أسفها البالغ ورفضها، لعجز مجلس الأمن مجددا عن إصدار قرار يقضي بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، على خلفية استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض للمرة الثالثة، وذلك ضد مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر نيابة عن المجموعة العربية.
واعتبرت مصر، أن إعاقة صدور قرار يطالب بوقف إطلاق النار في نزاع مسلح ذهب ضحيته أكثر من 29 ألف مدني، معظمهم من الأطفال والنساء، يعد سابقة مشينة في تاريخ تعامل مجلس الأمن مع النزاعات المسلحة والحروب على مر التاريخ، الأمر الذي يترتب عليه المسئولية الأخلاقية والإنسانية عن استمرار سقوط الضحايا من المدنيين الفلسطينيين، واستمرار معاناتهم اليومية تحت نير القصف الإسرائيلي.
أمريكا لا تكترث لحياة الناس في غزة
واستنكرت مصر بشدة ما يمثله المشهد الدولي من انتقائية وازدواجية في معايير التعامل مع الحروب والنزاعات المسلحة في مناطق مختلفة من العالم، الأمر الذي بات يشكك في مصداقية قواعد وآليات عمل المنظومة الدولية الراهنة، لاسيما مجلس الأمن الموكل إليه مسئولية منع وتسوية النزاعات ووقف الحروب.
وأكدت مصر أنها سوف تستمر في المطالبة بالوقف الفورى لإطلاق النار باعتباره الوسيلة المُثلى التي تضمن حقن دماء المدنيين الفلسطينيين، كما ستستمر في بذل أقصى الجهود لضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع بشكل مستدام، ورفض أية إجراءات من شأنها الدفع نحو تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، بما في ذلك رفض أية عمليات عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح.
وكان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا قال: إن الولايات المتحدة مارست حق النقض "الفيتو" 3 مرات في مجلس الأمن لمنع وقف إطلاق النار في غزة.
وأكد نيبينزيا أن مشروع القرار الجزائري حول غزة قوي ومتوازن، موضحا أن الولايات المتحدة لا تكترث لحياة الناس في غزة.
وأكد السفير الروسي لدى الأمم المتحدة أن الوضع في غزة وخصوصا في رفح جنوبي القطاع في منتهى الخطورة، مشددا على ضرورة بذل كل الجهود لمنع اجتياح رفح.