لا يزال الصراع الخفي كما يصفه المراقبون بين رئيس الحكومة في طرابلس عبدالحميد الدبيبة ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، مستمرا منذ أن ظهر للعلن في نوفمبر الماضي، فالدبيبة لم يغير مساعيه الرامية بقوة لعزل الكبير عقب اتخاذ الأخير خطوات لترشيد الإنفاق الموسع للحكومة.
صراع الدبيبة والصديق الكبير
ويتمسك الدبيبة بموقفه ويسعى لتغيير محافظ مصرف ليبيا المركزي عبر الوصول لمجموعة من التفاهمات مع الشركاء في الحكم تقضي باستبدال الكبير على غرار صفقة النفط، لكن لا يزال هذا الموقف يلقى معارضة من أغلب الأعضاء في مجلسي النواب والدولة، والذين يرفضون الإقدام على الخطوة حاليا في ظل ما يلقاه الكبير من دعم دولي.
[[system-code:ad:autoads]]
ويخشى المهتمون بالشأن المالي في ليبيا أن تدفع البلاد ثمن الصراع الخفي بين الدبيبة والكبير، والذي بات يثير جدلا واسعا في الأوساط الليبية المتخصصة، فالخلاف بين الطرفين يؤثر على وضع العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في السوق الموازية للعملة.
وأوقف الصديق الكبير في ديسمبر الماضي، تمويل الإنفاق العام لحكومة الوحدة الوطنية، ورفض دفع عقود لقريب الدبيبة ومستشاره، بل وامتد الصراع بين الرجلين إلى رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، فرحات بن قدارة، لأجل السيطرة على عائدات النفط التي تودع في المصرف المركزي، والكبير وحده المتصرف في توزيعها.
ليقرر الدبيبة الانقلاب على الكبير وإقالته من منصبه على أن يقوم بتعيين شخص مقرب له، وبالتالي يضمن عدم تكرار أزمة وقف الإنفاق على حكومته والجماعات التابعة له، بل وتواصل مع الجماعات التابعة للكبير حتى لا تقف عائقاً أمام تنفيذ خطته.
وبحسب المعلومات، عقد اجتماعا بين الدبيبة وقائد مجموعة الردع، عبد الرؤوف كارة، وبحضور وزير الداخلية عماد الطرابلسي، وتم الاتفاق على أن يتم تمرير مخطط إقالة الكبير من منصبه دون أي تدخل من الجماعات الداعمة له مقابل مبلغ مالي سيتم صرفه شهرياً لهذه الجماعات، وفي حال لجوء الصديق الكبير لطلب الدعم من الجماعات ستقوم الأخيرة بتسليمه فوراً للمدعي العام لمحاكمته في قضايا فساد على مدار الأعوام الماضية.
وسبق أن قال الخبير الاقتصادي مختار الجديد، إن “أي أخبار تسمعونها عن وجود خلاف بين الصديق الكبير والدبيبة تعتبر أخباراً سارة، فهذا هو الوضع الطبيعي، الوضع غير الطبيعي هو ما كان قبل فترة ”لما كان الدبيبة يحط في الكبير على يمينه ويدهور به من مكان لمكان".
هذه الكلمات جاءت على لسان "الجديد" في نوفمبر الماضي عندما تداولت الأنباء خبر وجود صراع خفي بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية، ومحافظ مصرف ليبيا المركزي حول آلية توزيع عائدات النفط الليبي فيما بينهما وبين الجماعات المسلحة في المنطقة الغربية.
وتجدر الإشارة إلى أن الصديق الكبير والذي تولى منذ عام 2011 إدارة مصرف ليبيا المركزي لم تتمكن الحكومات الثمانية التي تعاقبت على حكم ليبيا من تنحيته على الرغم من المطالب العديدة بذلك.
بينما عملت بعض الحكومات على إبقائه في منصبه كونه يخدم مصالح شركائهم في الداخل والخارج. وعلى مدار هذه الفترة كشفت تقارير ديوان المحاسبة الليبي عن العديد من المخالفات التي ارتكبها الصديق الكبير والتي تعرضه للمساءلة القانونية فور إقصائه من منصبه.
الصراع الخفي بين الطرفين يأتي على خلفية اتهامات وجهها محافظ مصرف ليبيا المركزي لحكومة الوحدة الوطنية في نهاية 2023، بإهدار المال العام بعد تسجيل عجز في الميزانية بقيمة 11 مليار دولار.
وقام محافظ مصرف ليبيا المركزي على خلفية هذه الأزمة بوقف صرف مرتبات الحكومة عن شهري ديسمبر ويناير الماضيين قبل اجتماع عقده مطلع الشهر الجاري مع الدبيبة لاحتواء الموقف المتأجج بينهما.