ورد سؤال إلى الدكتور عطية لاشين أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، ييقول صاحبه: " لقد أذنبت ذنبا تمثل في أخذي مالا لغيري وقد هداني الله ورزقني التوبة لكن سمعت أن هذه التوبة لا تقبل إلا إذا ردد المال إلى صاحبه وأنا الآن فقير لا أستطيع رد هذا المال فما الحكم؟٠
بدأ الدكتور عطية لاشين إجابته مستشهدا بقول الله تعالى: ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى )٠
والصلاة والسلام على من كان يستغفر ربه في اليوم والليلة أكثر من 70 مرة من باب الشكر لمن خلقه فسواه وقدره فهداه وأختص بتنزل الوحي عليه من مولاه.
وتابع: فإن الإنسان ضعيف في كل شيء وإن ظن أنه قوي بما أوتي من أسباب الدنيا المتمثلة في المنصب والجاه واليسار وكثرت العشيرة والأولاد! لعدم ضمانه دوام هذه الأسباب حيث لم يأخذ صكا على الله باستمرارها بل هي معرضة للزوال في أي وقت في أقل من غمضة عين أو ارتداد طرفها قال تعالى :(كل يوم هو في شأن )٠
كما أنه ضعيف أمام المغريات والشهوات وكل ما له بريق لمعان وغالبا ما تزل قدمه وتتعثر ويحصل منه تقصير وهو يؤدي لله حقوقه و للمخلوقين حقوقهم وعبر عن هذا الضعف العام الملك العلام في القرآن فقال:( وخلق الإنسان ضعيفا)٠
ولأن الإنسان مجبول على الضعف مفطور عليه فكان في حاجة إلى من يجبر هذا الضعف ويعالج هذا الخلل فكان الأمر بالتوبة وفتح بابها لمن غلبه الشيطان وهز مته نفسه الأمارة بالسوء وسيطر عليه الهوى قال الله عز وجل بشأن صفات المتقين الذين أعد لهم جنات النعيم :(والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلمو أنفسهم ذكرو ا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )٠
وتأكد ما جاء في القرآن بكثير من الأحاديث المروية عن خير الأنام منها ما رواه الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :(من قال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان قد فر من الزحف)٠
ومنها قوله صلى الله عليه وسلم :(إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر )٠
وفيما يخص واقعة السؤال، لقد حدد أهل العلم للتوبة الصادقة النصوح شروطا تختلف هذه الشروط باختلاف الذنب الصادر من العاصي
فإذا كان ذنبه بينه وبين خالق الأكوان فلا يطلب منه إلا إظهار الندم الحقيقي والحزن الفعلي على ما كان منه من تقصير في جنب الله وانه في المستقبل عازم عزما أكيدا على عدم معصية الله ما دام فيه نفس أو عرق ينبض بالحياة ٠
وأوضح لاشين أما إذا كان الذنب بينه وبين مخلوق مثله فبالإضافة إلى ما تقدم يجب لكي تكون توبته صحيحة يرجى لها القبول أن يرد الحقوق إلى أصحابها إن كانوا أحياء أو إلى ورثتهم إن كانوا في عداد الأموات وكان قادرا على أداء هذه الحقوق فإن لم يكونوا موجودين تصدق بهذه الحقوق عنهم إن كان في يسار وإن كان في عسرة طلب منهم العفو والمسامحة فإن عفوا قضي الأمر وإن لم تطب نفسهم بالعفو والصفح ولم يجد السبيل للخروج مما عليه لأنه معسر فعفو الله مأمول، وفضله مبذول فكم ضمن من التبعات وبدل من السيئات بالحسنات ويوجد من المغريات ما يرضي به أصحابها إن الله بالناس لرؤوف رحيم٠