الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

لماذا بدأت سورة الكهف بالحمد لله؟ أسرار قرآنية لا يعلمها كثير

 لماذا بدأت سورة
لماذا بدأت سورة الكهف بالحمد لله

لماذا بدأت سورة الكهف بالحمد لله؟ ثبت في فضل سورة الكهف أحاديث صحيحة ، ومنها قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه وعنان السماء»، وأكدت أحاديث أخرى أن قراءة الآيات العشر الأواخر من سورة الكهف تحمي المسلم من فتنة الدجال.

 

ختم المولى سبحانه وتعالى سورة الإسراء بالحمد، وبدأ سورة الكهف بالحمد، والحمد لله سبحانه وتعالى هو الشّعار الّذي أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خير الكلمات: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر)، (سبحان الله) بدأتْ بها سورة الإسراء، و﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ بدأت بها سورة الكهف.

 

سبحان الله تنزيهٌ لذاته سبحانه وتعالى أن يكون له شريكٌ، لا في الذّات، ولا في الأفعال، ولا في الصّفات، والحمد لله كذلك تكبرةٌ للذّات، وبعد ذلك جاء العطاء من الذّات، فسبحان الله تنزيهٌ، والحمد لله شكرٌ على العطاء.

 

والحمد يشترك معه في المعنى العامّ: ثناءٌ وشُكْرٌ ومدحٌ، إلّا أنّ هذه الألفاظ وإنْ تقاربت في المعنى العامّ فلكُلٍّ منها معناه الخاصّ، وكلّ هذه الألفاظ فيها ثناءٌ، إلّا أنّ الشّكر يكون من مُنعَمٍ عليه بنعمةٍ خاصّةٍ به، كأن يُسدي لك إنسانٌ جميلاً لك وحدك، فتشكره عليه.

 

أمّا الحمد فيكون على نعمةٍ عامّةٍ لك ولغيرك، فرُقْعة الحمد أوسع من رُقْعة الشّكر، أمّا المدح فقد تمدح ما لا يعطيك شيئاً، كأن تمدح مثلاً الشّكل الجميل لمجرّد أنّه أعجبك.

لماذا بدأت سورة الكهف بالحمد لله؟

 

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الله سبحانه وتعالى قال في آخر سورة الإسراء «وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُ وَلِيٌّ مِّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا»، ثم جاء بعد هذه الآية بسورة الكهف، وذلك من أجل تنفيذ ما ورد في آخر سورة الإسراء.

 

وأضاف «الجندي»، في تصريح له: «لما كان الله سبحانه وتعالى صاحب كل النعم ما ظهر منها وما بطن، اختص منها القرآن».


 

وحول سبب ابتداء سورة الكهف بقوله تعالى «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ»، أوضح أن هناك اختلافاً بين الحمد والشكر؛ لأن الحمد معناها تمام النعمة، وبداية السورة بهذه الكلمة، تدل على أنه لا يوجد نعمة بعد القرآن.
 

الفرق بين الحمد والشكر

 

قال الدكتور على جمعة، مفتي الجمهورية السابق، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، عبر فيديو على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي « فيس بوك» في بيانه الفرق بين الحمد والشكر،  الحمد والشكر يشتركان ويفترقان، وهناك أركان لكل منهما، فأركان الحمد هي: «الحامد، والمحمود، الحمد»، أما أركان الشكر فهى: « الشاكر والمشكور، والشكر».


وأوضح عضو هيئة كبار العلماء أن الحمد والشكر يشتركان في الثناء، والحامد قد يكون قديما أو حديثا، والمحمود قد يكون قديما أو حديثا، كالإله والإنسان، وكذلك الشكر أيضًا.

 

وتابع المفتي السابق أنهما يختلفان في الدافع والسبب، فسبب الحمد يكون مطلقا سواء أكان في مقابلة نعمة أو غيرها، والشكر لابد أن يكون في مقابلة نعمة من الله أو خدمة من العبد.وأضاف أنه "من لا يشكر الناس لا يشكر الله"، فالحمد لله مطلق لأنه يقال عند المصائب أيضًا، فلا يقتصر على النعم فقط، أما الشكر جزء من الحمد أنه في مقابل نعمة، فبنهما عموم وخصوص مطلق، فكل شكر يندرج تحت الحمد، وليس العكس.

 

وواصل: لأنك لا تشكر إلا من أدي لك خدمة تستوجب الشكر، كما أن الحمد غير مرتبط بنعمة، فيقال في الضراء والسراء، لافتًا: « ولا يعني هذا أن الحمد أعلى من درجة الشكر، فليس بينهما درجات، وإنما دائرة الحمد أوسع، فمن كان في دائرة الشكر فهو في الشكر والحمد، ومن كان خارج دائرة الشكر فهو في الحمد فقط». 

 

كيفية شكر الله على نعمه

تفضّل الله سبحانه وتعالى على عباده بالنِّعم التي لا تُعدُّ ولا تُحصى، وفضّل بني آدم على سائر المخلوقات وحباهم بكافة النِّعم؛ قال -تعالى-: "ولقد كرّمنا بني آدم"؛ فمن تفضّل عليك بالنِّعم ووهبك إيّاها من غير حولٍ منك ولا قوةً هو الله؛ فواجب العباد شُكر الله المُتصل على هذه النِّعم.

 

فضل الشكر ومنزلة الشاكرين
شكر الله على نعمه له منزلةٌ عظيمةٌ وفضائل كثيرةٌ، منها:

أنّ من أسماء الله تعالى الشاكر والشكور.

أنّ الشكر من صفات الأنبياء عليهم الصّلاة والسّلام.

أنّ الله تعالى أمر عباده بشكره.

أنّ الشكر من صفات عباد الله المؤمنين، ففي الحديث النبوي يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ».

كيفية شكر نعم الله

يوجد العديد من الوسائل لشكر الله على نعمه، أبرزها:

الإكثار من قول الحمد لله في اليوم والليلة؛ فالحمد لله مع سبحان الله كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان.

عند حدوث ما تُحب وتتمنى يستحب الإكثار من ترديد: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

سجود الشُّكر لله تعالى فور تلقي الخبر السّار أو حصول النِّعمة أو دفع البلاء؛ وتكون سجدة من غير صلاةٍ، ولا يشترط فيها الوضوء أو التوجه إلى القِبلة أو الطّهارة؛ فيسجد المسلم على الحال الذي هو عليه فور حدوث أو سماع ما يتمنى.

من شُكر الله على نعمه استخدام هذه النِّعم في طاعة الله سبحانه وتعالى، وفي تحقيق العدل ودفع الظُّلم، وتجنب ارتكاب الذُّنوب والمعاصي؛ فشُكر القلب بالاعتراف بأنّ الله هو صاحب الفضل بالنِّعم، وشُكر اللِّسان هو ترديد قول الحمد لله مقتنعًا بها.

وفي الصلاة لا بُدّ من تدبر قولنا عند الرَّفع من الرُّكوع:"سمع الله لمن حَمِد" أيّ أنّ الله يستمع ويجيب ويعطي من يحمده.

التَّحدث بنعم الله على عبده صورةٌ من صور النِّعم دون مبالغةٍ أو جرحٍ لمشاعر الآخرين، وفي حال أمِن الحسد والعين، كذلك استخدام هذه النِّعم فتظهر على الإنسان في مطعمه وملبسه ومسكنه وسائر شؤون حياته العامّة والخاصّة دون إسرافٍ أو تقتيرٍ.

من شُكر الله شُكر عباد الله الذين جعلهم الله سببًا في مساعدتك؛ فمن عَجِز عن شُكر النَّاس فهو عن شُكر الله أعجز.

دفع صدقةٍ للفقراء والمحتاجين قُربةً لله الذي أعطاك ووهبك هذه النِّعم.

حمد الله وشكره بعد تناول الطعام والشراب بقول: الحمد لله الذي أطعمنا وأسقانا من غير حول منا ولا قوة، وقول:الحمد لله عقب تمام كل نعمة.

 

فوائد شكر الله على نعمه

الشكر سببٌ لرضى الله تعالى عن عبده، قال الله تعالى: «إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ».

 شكر الله أمانٌ للعبد من عذاب الله.

 شكر الله سببٌ في زيادة النعم، قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ).

الشكر سببٌ في حصول العبد على الأجر العظيم في الآخرة.

 رضا الله تعالى معلّقٌ بشكره؛ فمتى شكر العبد ربَّه نال رضاه.

دخول الشاكر في قائمة المؤمنين: لأنّ العبد المؤمن يتميّزُ بشكر الله تعالى على كلّ ما يصيبه، إن كان خيرًا فرح وشكر، وإن كان شرًا احتسب وصبر، فهو يعلم أنّ كلّ ما يأتي من الله هو خيرٌ له وإن كان ظاهره شرًا، وهذا ما يسمّى "النعمة الباطنة".

فوائد شكر الله على نعمه

زيادة النعمة: من كرم الله تعالى أنّه يكافئ العبد على شكره النعمة، فيُديمها لصاحبها ويزيدُها له، وليحذرْ المسلم من نسيانِ الشكر؛ لأنه بذلك يعرّض نفسه للعذاب وزوال النعمة.

اكتسابُ الأجر في الآخرة: لا تقتصرُ مكافأة الله لعبده الشكور على حدود الحياة الدنيا، إنما تجتازُها لينالَ الأجرَ والجزاء العظيمَ منه تعالى في الآخرة. فهو سبحانه القائل: «وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ»، [آل عمران، الآية: 145].

باب لرضا المولى سبحانه وتعالى عن عبده.

سبب للنجاة من العذاب الذي قد يحلّ: لأنّ العبد الشكور ينجيه اللهُ -عزّ وجل- من العذاب كما ينجي المؤمن بسبب إيمانه.

 

حكم شكر الله تعالى
ذهب الفقهاء والأئمة من المذاهب الفقهيّة، إلى أنّ شكر الله على نعمه واجبٌ في الشرع من حيث الجملة، ولا يجوز تركه بالكليّة، وقد أُستدلّ على ذلك بالآيات القرآنيّة الكريمة التي فيها الأمر بالشكر؛ كقول الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم: «فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلاَ تَكْفُرُونِ»، وقول الله تعالى أيضًا: «فَاذْكُرُوا آلاَءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ»، ويُستحب الإكثار من شكر الله تعالى على نعمه.