يمر اليوم ذكرى قرار الزعيم النازي أدولف هتلر بالتراجع عن خطة غزو بريطانيا المعروفة باسم "أسد البحر" خلال الحرب العالمية الثانية. ورغم الأسباب التي أدت إلى هذا القرار، ما زال هناك جدل حول مدى جدية هتلر في تنفيذ الخطة أو ما إذا كانت مجرد حيلة دعائية لإظهار قوته أمام بريطانيا.
عملية أسد البحر
كانت ألمانيا تخطط لاستخدام القوة الجوية في الحرب العالمية الثانية بأهدافين رئيسيين. الهدف الأول كان سحب القوات الجوية البريطانية من المشاركة في الحرب وتحقيق النصر عليها، في حين أن الهدف الثاني كان فتح الطريق لعمليات الغزو البرمائي. وعملت بريطانيا خلال تلك الحرب على تعزيز قدراتها العسكرية واستخدام أسلحة جديدة بدل الأسلحة التقليدية.
[[system-code:ad:autoads]]
لم تكن إنجلترا خائفة من القوات البحرية الألمانية بقدر ما كانت قلقة من الأسطول الفرنسي، الذي كان يُعتبر واحدًا من أكبر الأساطيل البحرية وأكثرها تحديًا. لم تتمكن ألمانيا من تنفيذ عملياتها البرية والبحرية بسبب نقص التدريب وعدم توفر المعدات العسكرية اللازمة للهجوم. وبالتالي، قررت ألمانيا بناء سفن كبيرة لخوض الحرب، لكنها لم تكن لديها الوقت الكافي لاستكمال عملية البناء، واضطرت إلى الاعتماد على القوارب والمساعدة من هولندا وبلجيكا وفرنسا.
وفقًا لكتاب "تاريخ العالم المعاصر" لمحمد حمزة حسين الدليمي ولبنى رياض عبد المجيد الرفاعي، عملية "أسد البحر" تشير إلى عملية إنزال على جبهة واسعة تمتد من مضيق دوفر في الشرق إلى النهاية الجنوبية للجزيرة البريطانية في الغرب، ثم احتلال لندن. ومع ذلك، كانت هذه الخطة موضع شك من قبل الباحثين، وقد أدرك هتلر نفسه صعوبة تنفيذها، مما يشير إلى أن الخطة قد تكون كانت نظرية وأن هتلر كان يهدف إلى استخدامها لأغراض دعائية. هذا مدعوم بالمعلومات التاريخية المتاحة حتى الآن.
بعد الانتصار البريطاني في معركة بريطانيا الجوية في عام 1940، يُعتقد أن هتلر أدرك أن القوات الجوية الألمانية ليست قادرة على تحقيق الهدف الأول للخطة، وهو سحب القوات الجوية البريطانية وتحقيق النصر عليها. كما أن الأسلحة الجديدة التي طورتها بريطانيا، مثل نظام الرادار وطائرات سبيتفاير وهوريكين، كانت تمنح القوات الجوية البريطانية تفوقًا في المعارك الجوية.
هناك رأي آخر يشير إلى أن هتلر لم يكن جادًا في تنفيذ الخطة من البداية، وأنها كانت مجرد حيلة دعائية لزيادة الضغط على بريطانيا وتهديدها بعملية الغزو. وربما كانت الهدف الحقيقي لهتلر هو إجبار بريطانيا على التفاوض والتوصل إلى صفقة سلام معه.
بصفة عامة، لا يزال هناك جدل ونقاش بين الباحثين والمؤرخين حول نوايا هتلر الحقيقية والأسباب التي دفعته للتراجع عن خطة "أسد البحر". وتظل الأدلة المتاحة محدودة ومتناقضة في بعض الحالات، مما يجعل من الصعب التوصل إلى استنتاج قاطع بشأن هذا الموضوع.