حكم صيام شهر شعبان ، سؤال يشغل ذهن الكثيرين خاصة مع دخول شهر شعبان 2024، وهو المقدمة التي نستعد من خلالها لاستقبال شهر رمضان المعظم.
حكم صيام شهر شعبان
وفي بيان حكم صيام شهر شعبان ، قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: اقتضت حكمة الله عز وجل تفضيل بعض الشهور على بعض, ومن ضمن هذه الشهور يجيء شهر شعبان الذي فضله الله, وعظمه رسول الله ﷺ, فحري بنا أن نعظمه وأن نكثر من العبادة والاستغفار فيه.
كما جاء عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم في شعبان, فقال ﷺ: ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان, وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله, فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم (رواه النسائي) فقوله ﷺ: شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان يشير إلى أنه لما جاء بين شهرين عظيمين -رجب ورمضان- اشتغل الناس بهما عنه وغفلوا عنه, وكثير من الناس يظن أن صيام رجب أفضل من صيام شعبان لأن رجب شهر حرام, والأمر ليس كذلك.
وتابع في بيانه حكم صيام شهر شعبان : في الحديث السابق إشارة إلى أن بعض ما يشتهر فضله من الأزمان أو الأماكن أو الأشخاص قد يكون أفضل منه, وفيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة.
ومن شدة محافظته ﷺ على الصوم في شعبان ظن بعض أزواجه رضي الله عنهن أنه يصوم شعبان كله, مع أنه ﷺ لم يستكمل صيام شهر غير رمضان, وقد بينت السيدة عائشة رضي الله عنها ذلك فقالت: كان رسول الله - ﷺ- يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم, وما رأيت رسول الله استكمل صيام شهر قط إلا شهر رمضان, وما رأيته في شهر أكثر صياما منه في شعبان (رواه البخاري ومسلم).
ولعل اتباع هَدْيَ النبيِّ ﷺ بالإكْثَارِ من الصيام في شهر شعبان يُيَسِّرُ على المسلم مهمة الصيام في شهر رمضان، ولا يشعر بعناء في تلك العبادة العظيمة، وذلك لأن شعبان شهر يتناسب في المناخ وطول النهار وقِصَرِه مع شهر رمضان لأنه الشهر الذي يسبقه مباشرة، فالتعوُّد على الصوم فيه يُيَسِّرُ على المسلم ذلك.
وهناك أمر آخر للاستعداد لاستقبال الشهر المعظم، وهو القرآن الكريم ومدارسته وتلاوته ومحاولة خَتْمِ المصحف في شهر شعبان، وذلك لتيسير قراءته وختمه في شهر رمضان، فقراءة القرآن عبادة نَيِّرَة، تُعِينُ المسلم على باقي العبادات في شهر رمضان وغيره، تلاوة القرآن الكريم ومدارسته تُنِيرُ قَلْبَ المسلم وتَشْرَحُ صَدْرَه، فلا ينْبغي للمسلم أن يتركها طول السنة ويَقْصُرَها على رمضان، إلا أنه يزيد منها فيه لاستغلال هذه الدَّفعة الإيمانية والنفحة الربَّانِيَّة.
الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان
فيما قال مركز الأزهر العالمى للفتوى الالكترونية، إن شعبان شهر كريم، نبه سيدنا النبي ﷺ إلى فضله، وكان يُكثر الصوم فيه؛ فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قَالَتْ: «ما رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ». [متفق عليه]
يستحب الإكثار من الصيام في شعبان، وهو شهر تُرفع فيه أعمال العباد إلى ربهم، وَرَفْعُها حال صَوم العبد أَرْجَى لقبولها؛ فعن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ». [أخرجه النسائي]
يجوز الصيام في النصف الثاني من شهر شعبان لمن أراد صوم فرض كقضاء رمضان فائت وكفارة نذر، أو وافق الصوم فيه عادة له كصوم الاثنين والخميس، ولمن وصل صيام النصف الثاني منه بأيام من النصف الأول، أما ابتداء الصوم في النصف الثاني منه في غير الحالات المذكورة فلا يشرع؛ لقول سيدنا رسول الله ﷺ: «إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا». [أخرجه الترمذي]
نهى سيدنا النبيُّ ﷺ عن صيام يوم الشك (وهو اليوم الثلاثين من شهر شعبان) بقوله: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ، فَلْيَصُمْ ذَلِكَ اليَوْمَ» [متفق عليه]، ومن حكم ذلك الفصل بين النَّفل والفرض، للتَّقَوِّي على صيام رمضان، ولئلا يتعسف الناسُ فيصوموا يوم الشك احتياطًا فيُدْخِلُوا في رمضان ما ليس منه، وهذا ما لم يوافق هذا اليوم عادة أو قضاءً أو كفارة نذر.