قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

كارثة أودت بحياة 53 ألف إنسان.. رغم مرور عام لا يزال الآلاف يعيشون في الملاجئ بعد زلزال تركيا المدمر| تفاصيل المعاناة كاملة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
×

تعرضت تركيا لزلزال قوي في العام الماضي 2023 ما ترتب عليه انهيارات كثيفة في المباني، والعديد من المناطق في البلاد علاوة على تشريد آلاف المواطنين ورغم مرور عام على الكارثة إلا أن وضع هؤلاء لم يتغير حتى الآن.

نجت أمينة تانريكا من الزلزال القوي الذي وقع العام الماضي والذي دمر أجزاء من تركيا وسوريا، وهي تعيش في مأوى مؤقت في أحد المخيمات العديدة للنازحين المنتشرة في المنطقة، ورغم مرور عام على الكارثة، إلا أنها مازالت تتساءل "متى قد ترى السكن الجديد الذي وعدت به الحكومة التركية منذ أشهر".

وتقول تانريكا البالغة من العمر 47 عاماً: "الحياة ليست سهلة هنا"، فهي كانت تعيش مع عائلتها في غرف كبيرة قبل وقوع الزلزال، وبعد ذلك أتينا إلى هذه الحاوية الضيقة، وأنا مريضة، وقد ذهبت إلى المستشفى في وقت سابق من اليوم وهي تعاني من صعوبة في التنفس وتسارع في ضربات القلب.

الذكرى الأولى واستمرار آلام الضحايا

ووفقا لتقرير نشرته صحيفةNPR الأمريكية، فبعد مرور عام، مازال ضحايا زلزال تركيا يعيشون في الخيام، في انتظار السكن الدائم، وقد أحيت تركيا هذا الأسبوع الذكرى السنوية الأولى للزلزال الذي أودى بحياة أكثر من 53 ألف شخص في البلاد وترك أكثر من 3 ملايين بدون سكن، وتجمع الآلاف في وقفة احتجاجية يوم الثلاثاء الماضي حزنا على ما تسميه الحكومة "كارثة القرن"، ولكن حتى مع تعهد الرئيس رجب طيب أردوغان بإعادة بناء المدن المتضررة وإعادة إسكان النازحين، لا يزال مئات الآلاف من الأشخاص في مخيمات في انتظار السكن.

وكانت أنطاكيا، التي بنيت على موقع مدينة أنطاكية القديمة، واحدة من المدن الأكثر تضررا من الزلزال الذي وقع في 6 فبراير 2023، وقد انهار جزء كبير من المدينة الحديثة، حتى أن بعض أولئك الذين سُمح لهم بالعودة إلى منازلهم يقولون إن وجودهم هناك أمر مرهق، وتقول نورية البالغة من العمر 19 عاماً إن عائلتها فرت إلى مدينة نفسهير، في منطقة الأناضول بوسط تركيا، بعد الزلزال، ولم يكونوا متأكدين مما سيجدونه عندما عادوا إلى أنطاكيا، والمفتشون صنفوا منزل عائلتها في أنطاكيا على أنه "تعرض لأضرار طفيفة"، لكنها لا تشعر بالأمان هناك، فإذا حدث زلزال آخر، فمن المرجح أن ينهار منزلنا المكون من طابقين، فلا أعتقد أن الأعمدة قوية، والآن لدينا خيمة خارج المنزل، وعندما تهتز نخرج، فنحن في حالة سيئة، ولأكون صريحا، أريد أن أغادر هنا أريد أن أذهب.

وعود بـ150 مليار دولار ولكن الواقع مختلف

وفي الربيع الماضي، قدرت الحكومة التكلفة الإجمالية للأضرار التي لحقت بالزلزال في تركيا بأكثر من 103 مليارات دولار، ويقول اقتصاديون مستقلون إنه يقترب من 150 مليار دولار على مدى خمس سنوات، وقد وعد الرئيس رجب طيب أردوغان في مايو برنامج إعادة إعمار قوي، وتعهد ببناء حوالي 319 ألف منزل جديد آمن في السنة الأولى، وحتى الآن، لم تصل جهود إعادة الإعمار إلى هذا المستوى، ويقول النقاد إن هناك سبباً للقلق بشأن وتيرة إعادة الإعمار وجودتها، وهنا يشير مصطفى أوزجليك، رئيس غرفة المهندسين والمعماريين الأتراك، إلى أن معظم عمليات إعادة البناء حتى الآن تمت على مشارف مدن مثل أنطاكيا، في حين أن وسط المدينة الذي تعرض لأضرار بالغة لا يزال يتعرض لهدم المباني المدمرة.

ويتساءل أوزجيليك لماذا لم تقم الحكومة بسرعة ببناء مساكن مؤقتة أفضل للنازحين، والحفاظ على سلامتهم بينما تلا ذلك جهود إعادة الإعمار المناسبة، وتابع: "إنهم يبنون حوالي 40 ألف منزل، ولكن الحاجة إلى 290 ألف منزل، وكان ينبغي عليهم بناء مساكن مؤقتة جيدة، حيث يعيش الناس حياة بائسة في حاويات الشحن، لأنه لا توجد طريقة يمكنهم من خلالها تسليم هذا العدد الكبير من المباني الدائمة بسرعة".

هل سيتم محاسبة المسؤولين؟

إذا سألت محمد دوغو، البالغ من العمر 24 عامًا، وهو أحد سكان أنطاكيا، والذي يعيش في حاوية شحن، من هو المسؤول عن الهياكل سيئة البناء التي انهارت بسرعة كبيرة في الزلازل، فلن يتردد، يقول: "حسناً، الناس يلومون البلدية بالطبع، لأنها هي التي تسمح لك ببناء مبنى مكون من سبعة أو عشرة طوابق، فمن أين تحصل على الرخصة؟ تحصل على الرخصة من البلدية، وبعد مرور عام على زلزال تركيا، لا تزال الدعوات لمحاسبة المسؤولين دون إجابة".

وتتمتع تركيا بتاريخ طويل من الزلازل القاتلة، وهذه ليست المرة الأولى التي يثير فيها الجمهور تساؤلات حول التواطؤ الرسمي في تفاقم آثار الكوارث الطبيعية، وأثار زلزال إزميت عام 1999 إدانات عامة للمقاولين، الذين اتُهموا باستخدام مواد رخيصة وتقصير إجراءات السلامة المصممة لمساعدة المباني على مقاومة الأضرار الجسيمة الناجمة عن الزلازل، وفي السنوات التي تلت ذلك، رفع المدعون العامون أكثر من 1300 دعوى قضائية تتعلق بممارسات البناء غير القانونية المزعومة من قبل المقاولين في المدن الأكثر تضررا، ولكن 35 من تلك المحاكمات فقط أسفرت عن إدانات.

جدل حول محاكمات حالية

وبعد مرور أكثر من عقدين من الزمن، يحاول الادعاء العام محاسبة المسؤولين بعد كارثة 2023، بنتائج متباينة، فقد طالبوا بالسجن لمدة 22 عامًا ونصف العام لرئيس بلدية بلدة في مقاطعة غازي عنتاب المتضررة بشدة بسبب دوره المزعوم، قبل توليه منصبه، كمقاول قام ببناء مبنى سكني انهار في الزلازل. توفي ستة وعشرون شخصًا في المبنى المنهار، وقال ممثلو الادعاء إن الأدلة أظهرت أن المقاول السابق، أوكيس كافاك، تجاوز قوانين البناء وإجراءات السلامة التي تساعد المباني على مقاومة الأضرار الناجمة عن الزلازل، لكن تمت تبرئته، وقد أثار إطلاق سراح كافاك، استنكارا من عائلات الضحايا والمدعين العامين، وأعيد اعتقاله في يناير، ولم تتم إعادة محاكمته بعد ولم يعلق هو أو محاموه.

ومع ذلك، يشير النقاد إلى أنه لم يكن بمفرده، فقد أظهرت دراسة استقصائية شملت أكثر من 1700 مبنى انهارت في أنحاء جنوب تركيا، وتسببت في سقوط قتلى، أن أكثر من نصفها كانت مباني غير مرخصة، وتقول إيما سينكلير ويب من منظمة هيومن رايتس ووتش إن الممارسة القائمة منذ فترة طويلة المتمثلة في التركيز على "المقاولين المارقين" يجب توسيعها لتشمل الموظفين العموميين الذين يوقعون على مشاريع غير آمنة، وتوضح: "رؤساء البلديات وأعضاء مجالس المدن وإدارات التخطيط في جميع أنحاء تركيا بحاجة إلى تكثيف قوانين البناء ومعايير السلامة وتنفيذها بجدية، حيث يتحمل كل هؤلاء الأشخاص مسؤولية القيام بعملهم على النحو الصحيح، وعدم التهاون، وعدم السماح لعلاقاتهم السياسية أو "علاقاتهم المحسوبة" مع المقاولين بالتأثير على عملية صنع القرار الخاصة بهم".