"الليلة الليلة الليلة يا سمرا يا سمارة الليلة يا سمرا" عندما تسمع هذه الكلمات وتغمض عينيك، تذهب بصوت "الكينج" إلى أرض النوبة الطيبة، بسمارها وجمالها، فـ محمد منير يعد من أساطير الأغنية المصرية الأصيلة، فمهما اختلف الجمهور على فنان بعينه، لا يختلف أحد على "الكينج"، فهو صاحب الصوت الرنان والكلمات الطيبة المحملة بالكثير من المعاني، والتي تعبّر عن المصريين، سواء في وجعهم أو فرحهم أو حزنهم أو حتى مشاكلهم.
[[system-code:ad:autoads]]
عندما أسمع أغنية لـ “الكينج”، أو أحضر حفلا له، أشعر كأني في حضرته، وهذا حال كل عشاقه ومحبيه، فلك أن تتخيل أنك داخل منزله، يبعد عنك بمسافة أقل من متر واحد فقط، فأنا كنت من المحظوظين الذي اجتمعوا بمحمد منير داخل منزله لساعة تقريبًا.
عندما ذهبت إليه بمدينة السادس من أكتوبر، وسألني شاب نوبي على باب الكومباوند “إلى أين تذهب”، رددت عليه بكل تلقائية: "إلى الأستاذ محمد منير"، فكان الشاب من النوبة ولكن يعمل هنا بالقاهرة، فرد قائلًا: "اتفضّل ولكن هو اسمه الكينج"، فراودني سؤال: لماذا هو الكينج؟
ركنت سيارتي ووقفت أجاوب على نفسي بصوت في داخلي قائلًا: "هو الكينج لأنه من أقدم مغني الفلكلور النوبي والتراثي، فمجرد صوت منير على الكلمات يعد علامة مسجلة جديدة في حياة الأغنية، وكذلك طبيعة أغانيه التي لمست كل شيء في حياة المصريين، فمنير لم يغنِ للنوبين فقط، لكنه غنّى لجموع الشعب المصري، فلا يوجد مصري مرّ بحالة اكتئاب أو فرح أو تفاؤل أو مشكلة إلا ووجد نفسه داخل ألبومات محمد منير في جميع الحالات، فلذلك هو الكينج يا سادة.
غادرت السيارة متجها إلى المنزل، وعندما دخلت من الباب شعرت أني في حالة غريبة لم أشعر بها من قبل، وكأني في أدفأ وأهدأ مكان بمصر، فأنا لم أزر النوبة على الإطلاق، ولكنني في هذه اللحظة شعرت أني على أرض النوبة، من خلال الوجوة النوبية الطيبة التي تلتف حوله داخل منزله، ولا ننسى أيضًا الطابع النوبي الجميل الذي يزين المنزل في جميع الأركان.
ودون الدخول في أي تفاصيل حدثت في هذه الجلسة التي استمرت 50 دقيقة تقريبًا، ولكن هذه هي المرة الأولى الذي أشعر بها أني في حضرة الكينج، ولكن على الواقع وليس في خيالي على أنغام أغانيه.
أنا وجميع محبيه ننتظر طلته علينا من خلال حفل عيد الحب، والمقرر إقامته يوم 16 فبراير من الشهر الجاري، ونتخيّل الكينج الذي لم تتغير حركات يده منذ أن أطلّ لأول مرة على جمهوره، فهو صاحب الأصابع الثلاثة التي تتحرك بنفس الشكل بطريقة لا إرادية، لا يعرف علماء لغة الجسد تفسيرا لتلك الحركات، ولكنها أصبحت علامة مسجلة لشخصية الكينج، وأصبحت أيضًا أشهر من ماركات عالمية، فأصبح كل من يحاول أن يقلد الكينج أو يجسد شخصيته، أن يبدأ بتلك الحركات بيده اليسرى.
فالكينج استطاع أن يقدّم مشوارا يقترب من نصف قرن حافل بالنجاحات، مما جعله يضع نفسه في مكانة مميزة، ضمن أبرز نجوم الطرب في الوطن العربي، وأعتقد أنه كان أكثر هؤلاء النجوم تنوعًا في الغناء، فهو الوحيد الذي وضع بصمة لأغانيه وقدم من خلالها الغزل المباشر.