يقوم وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورني بجولة إلى منطقة الشرق الأوسط فى الفترة من 3 إلى 5 فبراير تشمل مصر والأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ولبنان، حسبما أفاد نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، اليوم الجمعة.
زيارة مرتقبة للشرق الأوسط
وأكد كريستوف لوموان أن جولة سيجورنى تهدف إلى العمل على وقف إطلاق النار فى قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين، وأيضا الحديث عن إعادة فتح أفق سياسي وهى إحدى ركائز مبادرة السلام والأمن للجميع التي قدمها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
ويبدأ سيجورنى جولته بمصر ثم الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية ثم إلى لبنان حيث من المقرر أن يلتقى بنظرائه فى المنطقة فى إطار التنسيق الوثيق بين فرنسا وشركائها الإقليميين من أجل تنفيذ مبادرة الرئيس الفرنسي للسلام والأمن للجميع.
وشدد على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية على أساس المبادئ المعروفة وهى حل الدولتين.
وشدد المتحدث باسم الوزارة كريستوف لوموان على "حزم" الموقف الفرنسي بالنسبة إلى "الظروف التي يجب أن تكون سائدة" في مرحلة ما بعد الحرب في غزة.
وقال إن "مستقبل غزة يندرج في إطار دولة فلسطينية موحدة يجب أن تمارس فيها سلطة فلسطينية معاد تنشيطها دورها"، مشدّدا على أن "فرنسا رفضت وترفض على الدوام إقامة مستوطنات في غزة أو النقل القسري للسكان الفلسطينيين".
وتأتي الجولة في خضم مفاوضات مكثّفة تجري بين الأميركيين والمصريين والإسرائيليين والقطريين من أجل التوصل إلى هدنة جديدة، بعدما أتاحت هدنة موقتة تم التوصل إليها في نهاية نوفمبر واستمرت أسبوعا، الإفراج عن رهائن من قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر، وهو ما ردت عليه إسرائيل بهجوم متواصل حتى الان تسبب بمقتل أكثر من 27 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال.
لعودة الهدوء لأوروبا
في هذا الصدد قالت الدكتور جيهان جادو عضو مجلس فرساي بفرنسا، إن زيارة وزير خارجية فرنسا لمنطقة الشرق الاوسط تعكس مدى اهمية فرنسا ومتابعتها للأحداث في منطقة الشرق الاوسط ، مشيرة إلى أن فرنسا ليست بعيدة عن الشأن الخارجي او الشأن الدولي، حيث إن الحرب ما بين اسرائيل وفلسطين هزت ارجاء العالم بأكمله ويمكن من اهمها ايضا الداخل الفرنسي الذي يعتبر أن منطقة الشرق الاوسط وبالأخص مصر حلقة هامة لضمان استقرار الامن في تلك المنطقة.
وأضافت خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أن الوضع محتدم للغاية لافتة إلى أن وزير خارجية فرنسا جاء في هذا توقيت لوضع بعض الحلول و لا نستبعد ابدا ان يكون هناك مباحثات على مستوى دولي لعودة الامن او الهدوء لمنطقة الشرق الاوسط، مشيرة إلى أن فرنسا تشهد مظاهرات يوماً بعد يوم بسبب ما يحدث في غزة ، فبكل تأكيد استقرار منطقة الشرق الاوسط سوف يعود ايضاً بأهمية على دول اوروبا ومن ضمنها فرنسا.
واستكملت : سيكون هناك بعض المباحثات على المستوى الوزاري للوصول إلى التهدئة ووضع يناسب جميع الاطراف ، ولا نستبعد ان يكون هناك مداخلات ايضا فرنسية ومباحثات ما بين مصر وفرنسا على اعتبار انهما مشتركان في الرؤية ومجريات الامور التي تحدث سواء فيما يخص حرب اسرائيل وفلسطين وايضا لبنان .
وتابعت : مصر هي رمانة الميزان ، وبالتالي وزير الخارجية سوف يستهل زيارته الى مصر مشيرة إلى أن مصر هي المحور الامني الهام والعالم بأكمله يعلم الدور التي تقوم به مصر من أجل عودة استقرار الامن في منطقة الشرق الاوسط .
وبدوره قال الدكتور طارق البرديسي خبير العلاقات الدولية، إن الزيارة محاولة من فرنسا لكي تثبت وجودها وأن لها دور وأنها ما زالت قوة من القوى العظمى الفاعلة والتي تتمتع بحق الفيتو في مجلس الامن، وتحاول ان تكون لها سياسة تحمل درجة من الاستقلالية عن الولايات المتحدة الامريكية، وانها لم تعد تابعة كالمملكة المتحدة وانها مختلفة في سياساتها الخارجية .
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد" الزيارة تأتي كمحاولة لوضع حلول ولاثبات التواجد والحضور، ولكن الزيارة لن تختلف كثير عن زيارة انتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة ، وبالتالي وزير خارجية فرنسا سيزور القاهرة وعمان وتل ابيب ورام الله ، وسيكون هناك زيارة هذه المرة إلى لبنان نظراً للعلاقات الوثيقة التي تربط بين لبنان و فرنسا.
تصب في خدمة القضية الفلسطينية
ومن جانبه قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي ، إن السياسة الخارجية الفرنسية شهدت منذ عدوان إسرائيل الغاشم وحربها على غزة عدة تحولات بدأت بدعم كامل لإسرائيل ثم تغير بعض الشئ في الخطاب الإعلامي والرئاسي بعد تظاهرات عدة فى فرنسا تضامنا مع فلسطين وزيادة الضغوط العربية وظهور موقف إسرائيل المضلل بارتكاب جرائم حرب مكتملة الأركان في حق الأطفال والنساء والشيوخ الفلسطينيين.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أنه فى كل الأحوال أرى أن هناك ارتباكا وترددا في مقاربتها مع الأزمة، خاصة أن فرنسا كان تحظى بتميز في التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ما يعنى أن فرنسا فى ظل الأزمة الراهنة خسرت هذا التميّز.
واستكمل : هناك أسباب كثيرة لخسارة هذا التميز، أولها - فى وجهة نظرى - أن فرنسا تحرص على الالتحاق بالموقف الأمريكي فقط، بالإضافة إلى تراجع دورها ومكانتها بعض الشئ داخل الاتحاد الأوروبي ما أثر على تواجدها فى المشهد الدولي حتى في الأماكن التى كانت تبسط نفوذها خاصة في أفريقيا.
وأكد : استثمار زيارة وزيرة الخارجية الفرنسية يصب فى خدمة القضية الفلسطينية، خاصة أن فرنسا فى النهاية من أعضاء الدائمين فى مجلس الأمن وموقفها مهم فى إطار الضغط لوقف إطلاق النار حتى ولو خفت اطلالتها فى الشرق الأوسط، وبعيدا عن أهمية الزيارة ونتائجها فاعتقادي أن الحل لا يأتي إلا من خلال إعادة ترتيب البيت الفلسطيني وصمود الفلسطينيين فى التمسك بارضهم واتحاد وتكامل الموقف العربي موظفا كافة أوراقها وثقله السياسي والاستراتيجي والاقتصادي لاجبار المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة بالقيام بمسؤولياتها تجاه إنهاء الحرب والتوقف عن دعم إسرائيل اللامحدود .