نظمت القاعة الرئيسية في معرض القاهرة الدولي للكتاب بدورته الـ٥٥ ندوة بعنوان "الموسيقى والغناء في مصر القديمة"، أدارها الإعلامي حسام الدين حسين، بحضور الدكتور خيرى الملط، أستاذ بكلية التربية الموسيقية في جامعة حلوان ومؤسس المشروع القومي لإحياء الموسيقى المصرية القديمة، بالإضافة إلى ابنته نيفين خيرى الملط، طالبة دكتوراة في جامعة فراي ببرلين.
[[system-code:ad:autoads]]
قال الدكتور خيرى الملط: "إن المشروع القومي لإحياء الموسيقى المصرية خرج إلى النور في عام ٢٠٠٠ بعد ١٢ عامًا من البحث عن الهوية في جنوب مصر في رحلة تكوين هذه الهوية في آفاق مظلمة، ولم يسبقنا في هذا المجال أحد، سواء من علماء المصريات الأجانب أو المصريين."
وأضاف الملط: "تناول المشروع قسمين، الأول أكاديمي يتناول الموسيقى المصرية القديمة علميًا، ويهدف إلى إنشاء أول دبلومة في الموسيقى المصرية القديمة، وقد تم تمويلها من البنك الدولي بمجرد إعلانها وحظيت بالاهتمام من جهات عدة. والجانب الثاني كان ثقافيًا وقد تم تمويله من قبل الاتحاد الأوروبي."
وأوضح الملط أن الدبلومة كانت تشمل فصلين دراسيين، يتناولان موادًا ثقافية تهدف إلى نشر هذه الثقافة وفهم الهوية القومية الثقافية في هذا المجال. وأشار إلى أن هناك أعداءً كثيرين للحضارة المصرية القديمة، بدءًا من ادعائهم بأنهم بناة الأهرامات، وقد نجح المشروع في خروجه إلى النور.
وتطرق "الملط" في حديثه إلى الأنشطة الموسيقية في المجتمع المصري القديم سواء الدينية أو الدنيوية.
وحول الموسيقى والغناء في الحياة الدينية، قال الدكتور خيري الملط إن الكهنة هم الذين يتحملون المسؤولية الكاملة عن الموسيقى، بداية من وضع المناهج والمقررات للطلاب، حيث كانت كل دار عبادة تحتوي على فصول لتعليم الموسيقى، وكان اهتمام الكهنة يتمثل في الحفاظ على خصوصية الموسيقى المصرية وتأثيرها ببعض القوميات التي عاشت في مصر.
وأوضح أن هناك إشارات وتوجيهات خاصة لكل عازف، حيث يتم توجيه جزء منها إلى المسافة بين الكوع والرقبة، وكل شكل للأصابع والأيدي له معنى محدد.
وشدد الملط على أن الموسيقى المصرية تتفوق على موسيقى العالم، موضحًا أن في أوروبا في القرون الأولى حتى السابعة الميلادية كان لديهم فقط آلتين أو ثلاثة آلات، في حين كانت الآلات في مصر في أوج تطورها، سواء من حيث الصنع والمواد وتطوير الآلة لتصل إلى ٢٢ نغمة.
وأضاف: "كانت الفرق الأجنبية والمصرية تشارك في المناسبات والاحتفالات القومية، حيث كانت قبائل آسيوية وأفريقية تشارك في العزف والغناء والرقص. وفي الأعياد والاحتفالات القومية والدينية، يتحرك الأوبريت من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر بآلات العود والفرق الراقصة سنوياً في شهر الفيضانات".
وحول مظاهر الغناء في المناسبات الاجتماعية، قدم "الملط" مجموعة من الصور التي تعكس اهتمام المصريين القدماء بالموسيقى في حياتهم الاجتماعية، مثل صورة لزوج نبيل بصحبة زوجته على السرير، حيث كانت تعزف على الهارب، وتحت السرير يوجد الطعام والشراب.
وأشار إلى إيمان القدماء المصريين بدور الموسيقى في تحفيز إدرار اللبن، الذي تم تأكيده الآن من خلال الدراسات، حيث أظهرت أن الموسيقى تعزز إدرار اللبن بنسبة تتراوح بين ١٥ إلى ٢٥٪. وعرض صورة لأم ترضع طفلها ويترافق ذلك مع الغناء والعزف على الهارب. كما استعرض صورًا تظهر دور الموسيقى في مختلف جوانب الحياة، مثل عملية الحصاد وصيد السمك والاسترخاء. وأكد أن المكفوفين كانوا يشكلون عددًا كبيرًا من المنشدين والعازفين في مصر القديمة.