شارك الشيخ نور الدين محمد عبد الوارث قناوي، رئيس الإدارة المركزية للعلاقات الخارجية بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، نيابة عن الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في المؤتمر الأول لـ “الترجمة من العربية وإليها جسر الحضارة” “الدورة الثالثة”.
المؤتمر الأول “الترجمة من العربية وإليها”
ونقل قناوي تحيات وزير الأوقاف للحضور وتمنياته بالتوفيق لهذا المؤتمر، مشيرًا إلى أن الترجمة ولا تزال بمثابة الجسر الذي تعبر الثقافات من خلاله إلى باقي المجتمعات، فهي تلعب دورًا كبيرًا في الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة، وتعزيز التواصل الإنساني والثقافي، وتضييق الفجوة بين مختلف الحضارات، وتهيئ الظروف لإيجاد مشترك عالمي، وهي أداة هامة لسد حاجة التواصل بين البشر فرادى وجماعات.
وقال: “وفي العصر العباسي كان للترجمة أثر كبير في الحياة العلمية والثقافية، فتدفقت بواسطة الترجمة أنهار من مختلف الثقافات والحضارات العالمية إلى البحر العربي، كما أن الترجمة عن العربية كانت سببًا في النهضة التي شهدتها أوروبا، وكانت بمثابة الشعاع الذي فند دياجير الظلام في هذه الحقبة”.
وأكد أن الترجمة من أهم محاور التواصل الإنساني والثقافي، وأن حوار الأديان والثقافات لا يمكن أن يتم إلا من خلال الاهتمام والعناية بحركة الترجمة وتعلم اللغات في آن واحد.
وذكر أن أهمية الترجمة عن العربية في مجال الفكر الديني والثقافة الدينية تأتي في هذه المرحلة بالذات نظرًا لما تم من تشويه لبعض جوانب ثقافتنا، سواء بفعل الجماعات الإرهابية والمتطرفة التي اتخذت من الدين ستارًا لها، أم من جراء عمليات التشويه المتعمد لثقافتنا العربية الإسلامية، فعلى من يعمل في مجال ترجمة الخطاب الديني أن يتحلى بقدر كبير من الحكمة، فيراعي مشاعر الآخر وثقافته، إذ لا يمكن أن تنطلق حركة ناجحة في مجال الخطاب الديني تنظر فقط إلى ثقافتنا نحن، وإنما يجب أن ننظر إلى ثقافة الآخر وطبيعة الآخر وما يمكن أن يتقبله.
وتابع: وإيمانًا من وزارة الأوقاف المصرية بأهمية التواصل والتعارف بين الشعوب والأمم، وانطلاقًا من مسئوليتها الشرعية والوطنية والثقافية، وقيامًا بدورها في تصحيح الصورة المغلوطة عن الإسلام، والتي ساهمت فيها الكثير من الترجمات الخاطئة والمحرفة لكتاب الله تعالي ولسنة نبيه (صلى الله عليه وسلم) وللمؤلفات الإسلامية بشكل عام، فقد أولت عناية فائقة بالترجمة إلى اللغات المختلفة من خلال المحاور الآتية:
أولًا: الخطبة المترجمة
فالخطبة المترجمة تحرص على ترسيخ أسس التعايش السلمي بين الناس جميعًا، وبدأت تجربة الخطبة المترجمة من عام 2015م وكانت تترجم باللغة الإنجليزية فقط واستمرت حتى عام 2017م، حيث تم التوسع في باقي اللغات حتى وصلت الترجمة للخطبة إلى تسع عشرة لغة بجانب لغة الإشارة حتى نصل لمن لا يستطيعون السمع والتحدث، وحرصًا على العمق الأفريقي فقد ترجمنا الخطبة إلى خمس لغات أفريقية وهي (الهوسا ، الأمهرية ، الصومالية ، البمبرا، السواحيلية)، وهو ما يخدم أكثر من عشرة ملايين نسمة في البلاد الناطقة بغير اللغة العربية والمتحدثين باللغات الأفريقية المختلفة.
ثانيًا: ترجمة معاني القرآن الكريم
بدأت ترجمة معاني القرآن الكريم من عام 1985م بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، حتى نتمكن من خدمة ونشر صحيح الإسلام لأكبر عدد ممكن من دول العالم الذين يريدون معرفة ما هو الإسلام الصحيح عن طريق توضيح المعاني الصحيحة للقرآن الكريم.
وصل عدد اللغات المترجم إليها كتاب المنتخب إلى ست عشرة لغة هي: (الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية، الروسية، الصينية، الإسبانية، الإندونيسية، الألبانية، الكورية، السواحيلية، اليابانية، التركية)، وآخر الترجمات كانت ترجمة المنتخب إلى أربع لغات هي: الأردية واليونانية والهوسا والعبرية، ويتم كل عام تدقيق وتنقيح النسخ المترجمة من الأساتذة المترجمين القائمين على الترجمة من أساتذة الجامعات المتخصصين.
ثالثًا: إصدارات سلسلة رؤية المترجمة للفكر المستنير وهي سلسلة القرن الحادي والعشرين في مجالها من حيث غزارة الإنتاج وجودة المضمون، ففي إطار التعاون بين وزارتي الأوقاف ووزارة الثقافة متمثلة في الهيئة المصرية العامة للكتاب تم إطلاق مشروع سلسلة (رؤية) للفكر المستنير في عام 2019م، والتي تهتم بالخطاب الديني وتأمل وزارة الأوقاف بالتعاون مع وزارة الثقافة أن تكون هذه السلسلة هي سلسلة القرن الحادي والعشرين في مجالها لغزارة إنتاجها ودقة مضمونها، وكنا في العام الماضي نحتفل بالإصدار رقم (100) في هذه السلسلة، ونحن في هذا العام وصلنا إلى الإصدار رقم (200) من سلسلة (رؤية)، وتتنوع هذه السلسلة ما بين اللغة العربية، واللغات الأجنبية، وجميع الكتب قد تم مراجعتها كلمة كلمة وصفحة صفحة باللغة العربية قبل الدفع بها إلى الترجمة للتأكد من أنها تراعي مشاعر الآخر وبما لا يخل بثوابت ديننا الحنيف.
ومن بين إصدارات سلسلة (رؤية) المترجمة كتاب: حماية الكنائس في الإسلام، وكتاب: حماية دور العبادة، وكتاب: فلسفة السلم والحرب والحكم ، وكتاب: ضلالات الإرهابيين وتفنيدها ، وكتاب: الأدب مع سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وكتاب: مفاهيم يجب أن تصحح في مواجهة التطرف، وكتاب: الجاهلية والصحوة، كما تنوعت إصداراتها ما بين قضايا دينية لتصحيح المفاهيم وقضايا ثقافية عامة، والتي يتم توزيعها عبر بعض المؤسسات الدينية، وما تم طبعه باللغات الأجنبية من إصدارات سلسلة (رؤية) للفكر المستنير بلغ: 84 كتابا، إلى (15) لغة.
رابعًا: إصدارات سلسلة رؤية للنشء
تم إطلاق مشروع سلسلة (رؤية للنشء)، وبلغ إجمالي إصدارات سلسلة (رؤية للنشء) من الكتب باللغة العربية 29 كتابًا، حيث إن هذا المشروع يتم بالتعاون بين وزارة الأوقاف ووزارة الثقافة من خلال الهيئة العامة للكتاب، وقد تم ترجمة 21 كتابًا إلى 7 لغات.
وتقوم وزارة الأوقاف بإسناد الترجمة إلى المتخصصين من أساتذة اللغات بالجامعات المصرية، وعلى رأسهم أساتذة اللغات بكلية اللغات والترجمة بجامعة الأزهر، حيث تدرك الوزارة أن الترجمة، وخاصة الإسلامية، لا بد أن يقوم بها من هم على دراية بعلوم اللغة العربية والعلوم الشرعية مع الإتقان التام للغات المترجم إليها، كما تقوم أيضًا بمراجعة ما يتم ترجمته وعرضه على المتخصصين للتأكد من سلامته من أي خطأ، ونقل المعنى على الوجه الأمثل.