فتاوى تشغل الأذهان
ما المعنى الصحيح لقرب النبي من الله تعالى في رحلة المعراج؟
هل ثبت أن ليلة الإسراء والمعراج يوم 27 رجب؟
ما الحكمة من الابتلاء بمسألة الرضا عن الله؟
نشر موقع “صدى البلد”، خلال الساعات الماضية، عددا من الفتاوى الدينية المهمة التي تشغل الأذهان وتهم كل مسلم في حياته اليومية، نرصد أبرزها في تقرير عن فتاوى تشغل الأذهان.
في البداية، قالت إن دُنُوُّ الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلَّم من ربه سبحانه وتعالى في رحلة المِعراج واختراقه الحجب وبلوغه أعلى المنازل والدرجات، إنَّما هو دنُوُّ تشريف وكرامة، وليس انتقالًا أو قطع مسافة؛ قال الإمام القُشيري في "لطائف الإشارات" (3/ 481، ط. الهيئة العامة): [«فَتَدَلَّى»: تفيد الزيادة في القرب، وأنّ محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم هو الذي دنا من ربّه دنوّ كرامة، وأنّ التدلِّيَ هنا معناها السجود] اهـ.
أكدت الإفتاء أن المعتمد من أقوال العلماء سلفًا وخلفًا وعليه عمل المسلمين أنَّ الإسراء والمعراج وقع في ليلة سبعٍ وعشرين من شهر رجبٍ الأصمِّ؛ فاحتفال المسلمين بهذه الذكرى في ذلك التاريخ بشتَّى أنواع الطاعات والقربات هو أمرٌ مشروعٌ ومستحب؛ فرحًا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتعظيمًا لجنابه الشريف.
وأوضحت أن الأقوال التي تحرِّمُ على المسلمين احتفالهم بهذا الحدث العظيم فهي أقوالٌ فاسدةٌ وآراءٌ كاسدةٌ لم يُسبَقْ مبتدِعوها إليها، ولا يجوز الأخذ بها ولا التعويل عليها.
وتابعت: تحديد تاريخ رحلة الإسراء والمعراج بالسابع والعشرين من شهر رجب ذكره كثيرٌ من الأئمة واختاره جماعةٌ من المحققين، وهو ما جرى عليه عمل المسلمين قديمًا وحديثًا.
وفي جواب متى موعد ليلة الإسراء والمعرج 2024، قالت إن ليلة الإسراء والمعراج تبدأ من مغرب يوم الأربعاء 26 رجب 1445هـ الموافق 7-2-2024 إلى فجر الخميس 27 رجب 1445هـ الموافق 8-2-2024.
وحول كيفية إحياء ليلة الإسراء والمعراج، بينت الإفتاء أن إحياءُ المسلمِ ذكرى الإسراءِ والمعراجِ بأنواع القُرَب المختلفة أمرٌ مُرَغَّبٌ فيه شرعًا؛ لِمَا في ذلك من التَّعظيمِ والتَّكريمِ لنبيِّ الرَّحمة وغوث الأمَّة سيدنا محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الإيمان بالقدر خيره وشره، من أهم مظاهر الإيمان بالله، حيث يعني الرضا بالله ربا وحاكما، وهو كذلك ثمرة الإيمان بالله وحلاوته.
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: يتمثل دستور الإيمان بالقدر في قوله تعالى : ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ ، وما قاله عبادة بن الصامت رضي الله عنه لابنه: «يا بنى إنك لن تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله ﷺ يقول : « إن أول ما خلق الله القلم، فقال له : اكتب. قال : رب وماذا أكتب ؟ قال : اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة ». يا بنى إني سمعت رسول الله ﷺ يقول : « من مات على غير هذا فليس منى ».
وقوله ﷺ لابن عباس رضي الله عنه « واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف ».
وأكد علي جمعة أنه ينبغي على المسلم أن يعتقد اعتقادًا جازمًا بأنه لا فعل إلا الله، وأن كل ما يجري في الكون، وكل ما جرى، وكل ما سيجري، هو فعل الله سبحانه وتعالى، وأن الله كتب هذا الفعل من الأزل.
وبين عضو هيئة كبار العلماء أنه توجد حكمة عالية في قضية القضاء والقدر، وهي حكمة الابتلاء بمسألة الرضا عن الله، فالإنسان لا يعلم ماذا كتب عليه غدًا؛ ولذلك من حقه أن يتمنى، وأن يسعى إلى تحقيق ما هو مباح ومشروع، فعندما لا تتحقق هذه الأماني والأحلام ويختلف ما رتبه المخلوق مع ما أراده الخالق يظهر الإيمان الحقيقي، فإذا كان ما كتبه الخالق أحب إليه مما رتبه لنفسه فذلك المؤمن الصالح، وإن أبى واعترض وسخط فذلك العاصي الجاهل، والذي قد يترتب على عدم رضاه وسخطه الخروج من الملة والعياذ بالله.
وأوضح: الإيمان بالقضاء والقدر هو التعبير الفعلي للإيمان بالله، فإن كنت تؤمن بوجود الله وصفات كماله وجلاله وجماله، فيجب أن تؤمن بأثر هذه الصفات وهي أفعاله سبحانه وتعالى، فالإيمان بأفعال الله أن تؤمن بأنه لا فعل إلا لله، وأن ترضى بما يصدر في الكون عن الله حتى تكون عبدًا ربانيًا.
يستحب الصوم في شهر رجب والدليل على ذلك ما قاله سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» الأمر الذي يؤكد ويحث على الصوم في شهر رجب وهو شهر رجب الذي تحقق فيه الكثير من الانتصارات الكبرى منها غزوة تبوك، وتحرير المسجد الأقصى من أيدى الصليبين على يد صلاح الدين (عام 583هـ ـ 1187م) ومعجزة الإسراء والمعراج، وفي فضل شهر رجب روى ابن أبى حاتم فى تفسيره عَنْ قَتَادَةَ قال: إِنَّ الظُّلْمَ فِى الشَّهْرِ الْحَرَامِ أَعْظَمُ خَطِيئَةً وَوِزْرًا مِنَ الظُّلْمِ فِيمَا سِوَاهُ، وَإِنْ كَانَ الظُّلْمُ- عَلَى كُلِّ حَالٍ عَظِيمًا-، وَكَأَنَّ اللَّهُ يُعَظِّمُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ.
وحول الصيام في شهر رجب فإن هذا الشهر الحرام يشرع فيه من الصيام مثل غيره من الشهور، سواء كان صيام الاثنين والخميس والأيام الثلاثة البيض وصيام يوم وإفطار يوم، وقال ابن عباس: وجعل الذنب فيهنّ أعظم، والعمل الصّالح والأجر أعظم.
وكما ذكر العلماء والفقهاء إن المعاصيَ تعظُمُ فى الشهرِ الحرامِ أيضًا إن الحسناتُ والطّاعاتُ تعظُمُ وتُضاعفُ فى هذه الأيّام؛ فالتّقرّبُ إلى اللهِ عزّ وجلّ بالطّاعةِ فى الشّهرِ الحرامِ أفضلُ وأحبُّ إليه سبحانه من التّعبُّدِ فى سائرِ الأيّامِ، وروى البخارى عن أبى رجاء العطاردى قال: كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة (كوم من تراب) ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه فى شهر رجب.
كما أن في الأشهر الحرم هم أربعة أشهر وضحها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث "الصحيحين" في حجة الوداع بأنها ثلاثة سَرْد -أي متتالية-: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، وواحد فرد: وهو رجب مضر الذى بين جمادى الآخرة وشعبان.