لماذا 25 يناير؟ ! قبل الإجابة على هذا السؤال يحتم علينا الحديث اولاً حول يوم 25 يناير عام 1952، ذلك اليوم الذي شهد اعظم بطولة للرجال البواسل بمركز شرطة البستان بمحافظة الإسماعيلية عندما رفضوا تسليم سلاحهم و مبنى القسم والمحافظة للاحتلال البريطاني، وكان من بين الضباط؛ النقيب حينئذٍ صلاح احمد مراد ذو الفقار، و اللواء الراحل مصطفى رفعت، قائد الشرطة حينذاك في ملحمة الإسماعيلية التي جرت أحداثها يوم الجمعة الموافق 25 يناير عام 1952، بضلوع القوات الإنجليزية بمحاصرة المبنى وبدء التفاوض مع القائد الإنجليزي «إكسهام» الذي طلب منهما الانسحاب وإنزال العلم المصري، وقوبل طلبه بالرفض، لتبدأ معركة شرسة بين قوات مصرية ببنادق بدائية وأخرى انجليزية مسلحة بأسلحة حديثة، لمدة 9 ساعات، وسقط خلالها قرابة 60 شهيدا من الشرطة، وأُصيب مئات آخرون، كان عدد الجنود المصريين لا يزيد عن 800 جندي في الثكنات و80 جندي داخل مبني القسم والمحافظة لا يتعدي تسليحهم البنادق القديمة، صمد رجال الشرطة في تلك المعركة وقاوموا ببسالة حتي نفذت ذخيرتهم .
وبعد انهيار جدران القسم والمحافظة طلب الجنرال" أكسهام " من الجنود والضباط الخروج من القسم رافعي الأيدي مستسلمين ألا أنهم رفضوا وقرروا المقاومة لآخر قطرة دماء وصنعوا بشجاعتهم ملحمة فداء ووطنية في حب مصر، و كان لتك المعركة الشرسة الفضل في القيام بثورة 23 يوليو من نفس العام بقيادة الضباط الأحرار.
[[system-code:ad:autoads]]
و لكن مع بداية تقدم مصر وانتصارها وتحرير كامل أراضيها ظلت دول الأعداء تحاول النيل منها و تم إقرار عدة مخططات والبدء في تنفيذها على عدة مراحل تستهدف هدم أعمدة الدولة التي ترتكز عليها السلطة و التي تتمثل في هدم " الشرطة، الجيش، القضاء، التعليم، المؤسسة الدينية، الاقتصاد، الإعلام " و سبق و شرحت أيديولوجية الهدم في عدة مقالات سابقة حملت عنوان " من طرف خفي "، و تم وضع مدى زمني لتنفيذ مراحل خُطَّة الهدم، و تم اختيار يوم 25 يناير عام 2011 ليكون الشرارة الأولي لبدء الهدم، و لكن بفضل جيشنا المصري العظيم الذي كان متيقظا لكل ما يحاك ضد أرضنا استطاعت مصر وأد تلك المخططات و وقف إقرار مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي وصعه برنارد لويس، الذي اقره الكونجرس الأمريكي في جَلسة سرية رسمية عام 1983 على أن يتم البدء في تنفيذه خلال مدى زمني يستغرق عشرون عاما، وبدأت محاولات تنفيذ السيناريو بالمطالبات بضرورة إنشاء منظمات حقوق الإنسان في مصر عام 1981 أي بعد نصر أكتوبر بستة سنوات واتفاقية كامب دافيد بأقل من عامين اثنين و بالمواكبة مع عرض المستشرق اليهودي برناد لويس لمشروعه الذى بدائه من وحى تصريحات مستشار الأمن القومى الأمريكي برجنسكى عقب اتفاقية كامب دافيد بعدة اشهر عام ١٩٨٠ و فى ظل اشتعال العراقية الإيرانية، صدرت تصريحاته التي أكد فيها أن المعضلة التي ستعانى منها الولايات المتحدة الأمريكية منذ الآن هي كيفية تنشيط حرب خليجية ثانية تقوم على هامش الحرب الخليجية الأولى التي حدثت بين العراق وإيران، واستنزفت مقدرات الشعب العراقى، تستطيع أمريكا من خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو، وعقب إطلاق هذا التصريح- وبتكليف من البنتاجون- بدأ المستشرق البريطاني اليهودي «برنارد لويس» عام ١٩٨١ بوضع مشروعه الشهير الخاص بتفكيك الوحدة الدستورية لمجموعة الدول العربية والإسلامية جميعًا كل على حدة، ومنها العراق وسوريا ولبنان ومصر والسودان وإيران وتركيا وأفغانستان وباكستان والسعودية ودول الخليج ودول الشمال الإفريقي. وغيرها، وتفتيت كل منها إلى مجموعة من الكانتونات والدويلات العرقية والدينية والمذهبية والطائفية، وقد أرفق بمشروعه المفصل مجموعة من الخرائط المرسومة تحت إشرافه تشمل جميع الدول العربية والإسلامية المرشحة للتفتيت بوحي من مضمون تصريح «بريجنسكى» مستشار الأمن القومى. ، و بدأت الإدارة الأمريكية في ابتكار ما يسمى بحقوق الإنسان وتم استقطاب بعض العملاء المصريين لهم وأوعزوا لهم بضرورة تأسيس اول منظمة لحقوق الإنسان وتم تشكيلها بشكل سرى غير معلن حيث بدأت في تونس لتكون النواة الأولي نحو الانطلاق لتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الكبير، الذي أحبطته مصر و تم القضاء عليه بقيام ثورة 30 يونيه عام 2013.
و للإجابة على السؤال الذي طرحته في بداية المقال، لماذا 25 يناير؟ !
الإجابة هي العمل على محو تاريخ البطولات المصرية واستبدال ذلك التاريخ بأحداث أخرى ترتبط بتواريخ ومناسبات وطنية لصنع تاريخ يناسب طبيعة المخطط لمحو الهوية المصرية وتفريغ انتصاراتها من مضمونها.
حفظ الله مصر أرضا و جيشا وشعبا