أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً ابتدائياً وتدابير طارئة بحق إسرائيل في الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب إفريقيا متهمة إسرائيل بانتهاك اتفاقية الأمم المتحدة بشأن الإبادة الجماعية.
[[system-code:ad:autoads]]كيف ينظر لقرار محكمة العدل الدولية؟
ويتضمن الحكم: اتخاذ جميع التدابير لمنع أي أعمال يمكن اعتبارها إبادة جماعية، ضمان عدم قيام الجيش الإسرائيلي بأي أعمال إبادة، منع ومعاقبة أي تصريحات أو تعليقات عامة يمكن أن تحرض على ارتكاب إبادة جماعية في غزة، اتخاذ جميع الإجراءات لضمان وصول المساعدات الإنسانية، عدم التخلص من أي دليل يمكن أن يستخدم في القضية المرفوعة ضدها، تقديم تقرير للمحكمة خلال شهر بمدى تطبيقها لهذه التدابير والأحكام.
[[system-code:ad:autoads]]وتفصل المحكمة، وهي أكبر هيئة قضائية في منظمة الأمم المتحدة، في النزاعات بين الدول الأعضاء في المنظمة الدولية وقرارتها ملزمة، إلّا أن المحكمة لا تملك آلية لفرض تنفيذ تلك القرارات.
وتتولى المحكمة، التي تتخذ من لاهاي في هولندا مقراً لها، الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول.
كما أنها تقدم آراءً استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.
في هذا الصدد قال مجيد بودن أستاذ القانون الدولي، أن قرار محكمة العدل الدولية هام قانونيا حيث إنه قضائياً يعد الأول في التاريخ ويصدر من أعلى محاكم في العالم لحماية الشعب الفلسطيني، وهو قرار يعترف بحق الشعب الفلسطيني وبحقه في الوجود أساساً، وضرورة أن يحميه المجتمع الدولي ، وعلى دولة اسرائيل أن تنفذه وعلى كل دول العالم أن تلتزم به ولا يمكن تجاهل هذا القرار ولا يمكن تعطيله، مشيراً إلى أن محكمة العدل الدولية طلبت من اسرائيل بأن تتخذ كل الإجراءات التي تحمي الشعب من القتل والإبادة الجماعية والحصار وجميع الجرائم التي بتعرض إليها الشعب الفلسطيني، وعلى إسرائيل أن تقدم تقريراً موثقاً خلال شهر بالإجراءات التي اتخذتها.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أن المسألة المهمة الأساسية في هذا القرار إنه أعلن بشكل فعلي بأنه ليس هناك معيارين في القانون الدولي بل هناك معيار واحد ، وهو القانون الدولي وامتثال الدول للقانون الدولي، وإن كان هناك خرق لذلك فإن محكمة العدل الدولية تفرض على الجميع تطبيق القانون الدولي، ولفت إلى أهمية القرار بالنسبة للفلسطينيين وخاصة لأهالي غزة خاصة لأن القرار يعطيهم الحماية، مؤكداً أن أي انتهاك جديد للمدنيين في غزة سيحاسب عليه بشكل قانوني.
من جانبه قال الدكتور جهاد الحرازين أستاذ العلوم السياسية والمحلل السياسي الفلسطيني، إن قرارات محكمة العدل الدولية اليوم تشكل حالة من التطور القانوني الذي يمكن البناء عليه خاصة في ظل أن دولة الاحتلال للمرة الأولى تقف أمام القضاء الدولي بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية ، وبالتالي القرارات التي صدرت اليوم تضع لبنة أولى في القضية التي ستنظر أمام محكمة العدل الدولية على مدار الأيام والأشهر القادمة للتأكيد على أن دولة الاحتلال قامت بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني من خلال ما مارسته على الأرض ومن خلال تصريحات قادتها ووزرائها الذين يدعون إلى إبادة الشعب الفلسطيني وقتله، ولذلك هذا القرار يعد قفزة قانونية بأن إسرائيل لم تعد دولة فوق القانون الدولي وأن إسرائيل لم يعد بإمكانها الإفلات من عقاب على جرائمها التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أن القرار ملزم لطرفيه ولكن ندرك جيدا بأن دولة الاحتلال لن تلتزم ولن تقوم بعملية التنفيذ مما يتطلب أن يكون هناك إجراء بصيغة تنفيذية يصدر من خلال مجلس الأمن، لافتاً إلى أن رد الفعل الاسرائيلي كانت رافضة لهذا القرار حتى أن بعض الوزراء اتهم المحكمة بأنها معادية للسامية والبعض الأخر مثل رئيس وزراء الاحتلال قال بأن المحكمة كاذبة ، ولكن إجمالاً هذا القرار سيكون له تأثير ايجابي على قضية إدخال المساعدات وعدم تعطيل ادخالها ووقف حالة الحصار والتجويع التي تفرض من قبل الاحتلال الاسرائيلي على قطاع غزة وهذا الأمر الذي يتطلب أن يكون هناك حالة من الرقابة الحقيقية .
واستكمل : محكمة العدل الدولية وقفت موقفا لصالح الانسانية ولصالح حماية القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق الدولية من حالة الانتهاكات ومن حالة القفز عليها ومن حالة المغالاة التي تمارسها دولة الاحتلال ، والتي تعتقد نفسها بانها فوق الاتفاقيات الدولية والتي تدير ظهرها لكل تلك الامور، وبالتالي هذا القرار الذي صدر يشكل لبنة اولى في عملية البناء ومواصلة الجهد، والان المجتمع الدولي مطالب بأسره بالضغط لتنفيذ مثل هذه القرارات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها محكمة اليوم لصالح وقف جريمة الابادة التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني.
تأثير القرار على غزة
بدوره قال زيد الأيوبي المحلل السياسي الفلسطيني ، إن قرار محكمة العدل الدولية الذي صدر اليوم بخصوص الشكوى المقدمة من قبل جنوب افريقيا بشأن الحرب على قطاع غزة، يحمل صفة التوازن بين الجانب الفلسطيني والجانب الاسرائيلي، فهو لم يوقف الحرب ولم يدعو الى وقف اطلاق النار وإنما دعا إسرائيل إلى اتخاذ قائمة من التدابير التي من شأنها حماية المدنيين ولكن المحكمة في ذات الوقت ركزت على انه هنالك تصريحات صدرت عن المسئولين الاسرائيليين وخصوصا وزير الجيش الاسرائيلي جالانت ترفع الصفة الانسانية عن أهالي قطاع غزة، وايضا هناك تصريحات صدرت مسؤولين اسرائيليين تدعو لمنع ادخال المساعدات الغذائية والدوائية والوقود إلى سكان قطاع غزة وتدعو إلى ترحيل وتهجير سكان غزة الى خارج قطاع غزة، وهذه التصريحات جعلت المحكمة تقتنع بانه لابد من اتخاذ اجراءات وتدابير لحماية أهالي غزة من الاعمال العسكرية الاسرائيلية.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد" انعقاد المحكمة ومتابعتها من من كل العالم يعد أمرا هاما وله انعكاس سياسي كبير على القضية الفلسطينية لأن العالم يتابع ويريد محاكمة إسرائيل حتى ولو لم تحكم المحكمة ولم تصدر قراراً بوقف الاعمال الحربية الاسرائيلية في داخل قطاع غزة، فيكفي أن تكون هذه المحاكمة هي فضيحة كبرى وتاريخية لإسرائيل التي تعتبر نفسها هي الدولة الديموقراطية الاولى في المنطقة.
واستكمل : قرار المحكمة بعدم وقف اطلاق النار يعني أن الحرب ستبقى مستمرة وبالتالي الجانب الاسرائيلي اعتبر ذلك انتصار له، مشيراً إلى أن تنفيذ القرارات يحتاج لتدخل من مجلس الامن الدولي باعتباره هو السلطة التنفيذية في منظمة الامم المتحدة ، لافتاً إلى أن مجلس الامن دائما مكبل بالفيتو الامريكي، لذلك لا يمكن اتخاذ قرار مشمول بالصفة التنفيذية من مجلس الامن الدولي ضد اسرائيل نتيجة وجود الفيتو امريكي ، لكن هناك دول حرة كثيرة على مستوى العالم ستضغط على اسرائيل من اجل التنفيذ بالوسائل السياسية والدبلوماسية.
وأكد : فيما يتعلق بتأثير القرار على قطاع غزة، فإن الشعب الفلسطيني من يوم 7 اكتوبر 2023 وحتى الآن وهو يعاني من الدمار والقتل جراء الالة العسكرية الاسرائيلية التي تفتك الحجر والبشر في داخل قطاع غزةـ، والتي تستهدف المدنيين والاطفال بشكل متعمد وبالتالي المدنيين لا زالوا عرضة لجرائم الابادة الجماعية وجرائم الحرب الاسرائيلية في داخل قطاع غزة، وبالتالي لا يمكن وقف هذه الحرب الا بقرار وبمسار سياسي.
وقال الدكتور أحمد سيد احمد خبير العلاقات الدولية والشئون الامريكية بالأهرام، إنه لن يكون هناك مردود وتأثير كبير لهذا القرار على غزة من الناحية العسكرية والميدانية ، فإسرائيل مستمرة في أعمالها وهي تقوم الان بمنطقة عازلة في شرق غزة بطول القطاع بما يعني اقتطاع 20% من مساحة قطاع غزة.
وأضاف خلال تصريحات لــ"صدى البلد" أنه على الجانب الانساني ربما يلزم هذا القرار اسرائيل بإدخال مزيد من المساعدات الانسانية وفتح المعابر، لكن القرار لم يلزمها بتقديم حد اقصى من المساعدات، ولكنه حثها على ادخال المساعدات دون ان يضغط عليها فيما يتعلق بفتح المعابر كاملة، وبالتالي القرار ربما يكون له مردود انساني، ويمثل خطوة مهمة كما قالت جنوب افريقيا والسلطة الفلسطينية باتجاه محاسبة اسرائيل ومحاكمتها على جرائمها في غزة.