ماذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود غير سبحان ربي الأعلى؟ سؤال يغفل عنه الكثيرون وإن كان من السنن المهجورة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومع دخول وقت الفجر عليك أن تعلم ما الذي يقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟
ماذا كان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في السجود؟
وفي جواب ما الذي يقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟، يقول الشيخ محمد عبدالعظيم الأزهري : «أغلبنا في السجود بنقول "سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى ، سبحان ربي الأعلى"، فيه حاجه مهمة جدا نقدر نضيفها وهي سنة مهجورة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويا بخت الي يحيي سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم».
وأضاف: «دعاء جميل جدا ردده: "اللَّهُمَّ لكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ، وَصَوَّرَهُ، وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الخَالِقِينَ"».
ما الذي يقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟
وفي جواب سؤال: ما الذي يقال في السجود غير قول: سبحان ربي الأعلى؟، قالت الإفتاء: يُستحب الدعاء والتسبيح في السجود عمومًا، وقد وردت بعض صيغ الدعاء والاستغفار في السجود عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم،
وأوضحت أن من ذلك ما يلي: ورد عن السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: «سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وعَنْ عَلِي بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ قَالَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ، اللهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَنْتَ رَبِّي وَأَنَا عَبْدُكَ، ظَلَمْتُ نَفْسِي، وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَاهْدِنِي لِأَحْسَنِ الْأَخْلَاقِ لَا يَهْدِي لِأَحْسَنِهَا إِلَّا أَنْتَ، وَاصْرِفْ عَنِّي سَيِّئَهَا لَا يَصْرِفُ عَنِّي سَيِّئَهَا إِلَّا أَنْتَ، لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ، وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ، أَنَا بِكَ وَإِلَيْكَ، تَبَارَكْتَ وَتَعَالَيْتَ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ»، وَإِذَا رَكَعَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِي وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي»، وَإِذَا رَفَعَ قَالَ: «اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَاوَاتِ وَمِلْءَ الْأَرْضِ وَمِلْءَ مَا بَيْنَهُمَا وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»، وَإِذَا سَجَدَ قَالَ: «اللهُمَّ لَكَ سَجَدْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَلَكَ أَسْلَمْتُ، سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ، تَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ» أخرجه مسلم في "صحيحه".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ» رواه مسلمٌ وأبو داود في "سننه".
آراء المذاهب الفقهية في حكم السجود على قدم المصلي عند الزحام الشديد
قد اختلف الفقهاء في حكم المصلي إذا تعذَّر عليه أن يُمَكِّنَ جبهته من الأرض عند السجود بسبب الزحام الشديد -خاصة في صلاة الجمعة كما هي مسألتنا-، فسجد على قَدَمِ المصلي الذي أمامه؛ هل تصح صلاته ويجزئه ذلك عن مباشرة الأرض بجبهته أو لا؟
فذهب جمهور الفقهاء؛ من الحنفية -كما هو مقتضى مذهبهم-، والشافعية في الصحيح، والحنابلة: إلى أنه يجزئه السجود على قدم المصلي الذي أمامه وهو معه في نفس جماعة الصلاة، ولا يجب عليه في هذه الحالة إعادة الصلاة، وهو أيضًا قول الأئمة: الثوري، وأبي ثور، وابن المنذر، واستحب الحنفية تأخير السجود إلى أن يزول الزحام، واشترط بعضهم أن تكون ركبتاه -عند سجوده على قدم المصلي- على الأرض، وأن يكون المسجودُ عليه ساجدًا على الأرض، واشترط الشافعية مراعاةَ هيئة السجود؛ بحيث لا يرتفع رأسُه فيخرج عن هيئة الساجد.
ودليل ذلك: ما أخرجه الإمامان: البيهقي في "السنن الكبرى"، وأحمد في "المسند" عن سَيَّارِ بن الْمَعْرُورِ قال: سمعتُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه يخطب وهو يقول: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا الْمَسْجِدَ بَنَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ مَعَهُ؛ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ، فَصَلُّوا فِيهِ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مِنْكُمْ مَكَانًا فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ".
فإذا جاز سجود المصلي على ظهر مصلٍّ غيره عند الزحام وتعذر تمكين جبهته من الأرض؛ فلَأَن يجوز السجود على قدم المصلي الذي أمامه من باب أولى؛ إذ السجود على قدم المصلي أضبطُ وأمكنُ لهيئة السجود من الذي يسجد على الظهر؛ فإن الساجد على القدم لا يرتفع رأسه كما يرتفع الساجد على الظهر.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِيّ الحنفي في "المبسوط" (1/ 207، ط. دار المعرفة): [قال: (ومَن زَحَمَهُ الناسُ فلم يجد موضعًا للسجود فسجد على ظهر رجلٍ أجزأه)؛ لقول عمر رضي الله تعالى عنه: "اسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيكَ؛ فَإِنَّهُ مَسْجِدٌ لَكَ"، وقال في خطبته حين طلب من الناس أن يوسع المسجد: "أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا مَسْجِدٌ بَنَاهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ مَعَهُ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا فَلْيَسْجُدْ عَلَى ظَهْرِ أَخِيهِ"، وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى قال: إن كان السجود على ظهر شريكه في الصلاة يجوز، وإلا فلا؛ لأن الجواز للضرورة، وذلك عند المشاركة في الصلاة، ومِن أصحابنا مَن قال: المراد ظهر القدم، فأما إذا سجد على ظهره فهو راكعٌ لا ساجد فلا يجزئه؛ وهو قول الحسن بن زياد، والأصح أنه يجوز؛ لأن الرخصة فيه ثابتةٌ شرعًا للضرورة] اهـ.
وقال العلامة شيخي زاده الحنفي في "مجمع الأنهر" (1/ 98، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وإن سجد للزحمة على ظهرِ مَن هو معه في صلاته) يعني لو سجد للزحام على ظهرِ مَن يصلي صلاته (جاز) للضرورة، ولا تجوز لو سجد على ظهرِ مَن لا يصلي أو يصلي ولكن لا يصلي صلاته؛ لعدم الضرورة، وهذا إذا كان ركبتاه على الأرض، وإلا فلا يجزيه، وقيل: لا يجزيه إلا إذا سجد الثاني على الأرض] اهـ.
وقال العلامة الطحطاوي الحنفي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (ص: 232، ط. دار الكتب العلمية): [قوله: (على ظهر مصلٍّ صلاتَه.. إلخ) وشرط في "الكفاية": كون ركبتي الساجد على الأرض، وشرط في "المجتبى": سجود المسجود عليه على الأرض، فجملة الشروط خمسة، بل ستة بزيادة الزحام، لكن في "الْقُهُسْتَانِيّ" عن "الأصل": أنه يجوز ولو على ظهر غير المصلي، ونقل الزاهدي جوازه على ظهر كلِّ مأكول، وفي "الْقُهُسْتَانِيّ" عن صدر القضاة: أنه يجوز وإن كان سجود الثاني على ظهر الثالث، وفيه: أنه في هذه الحالة يكون الساجد الثالث في صفة الراكع أو أَزْيَد، ونقل عن الجلابي: أنه يستحب التأخير حتى يزول الزحام اهـ. قوله: (وهو اختيار الفقيه) وقيل: إن وضع اليدين والركبتين سُنة، وعليه يقال: إنَّ الحديث يقتضي وجوب السجود على الأعضاء السبعة المصرح بها فيه، ولم يقولوا به. والجواب أن الاستدلال بهذا الحديث إنما هو على أن محل السجود هذه الأعضاء لا أنَّ وَضْعَ جميعها لازمٌ لا محالة؛ فوضع اليدين والركبتين سُنة عندنا] اهـ.
فإذا كانت نصوصُ فقهاء الحنفية السابقةُ تفيد جواز السجود على الظهر؛ فإنها تقتضي جواز السجود على القدم من باب أَوْلَى؛ كما سبق بيانه، بل هذا ما صرح به بعض فقهائهم؛ حيث حملوا لفظة "الظهر" على "ظهر القدم"؛ كما تقدم ذكره في كلام شمس الأئمة السَّرَخْسِيّ في "المبسوط".
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (4/ 563-564، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: إذا مَنَعَتْهُ الزحمة من السجود على الأرض في الركعة الأولى مِن الجمعة مع الإمام؛ فإن أمكنه أن يسجد على ظهرِ إنسانٍ أو رِجله أو غير ذلك مِن أعضائه -قال الشيخ نصر المقدسي وغيره: أو ظهر بهيمةٍ-: لزمه ذلك على الصحيح الذي قطع به الجمهور ونص عليه الشافعي، ومِن أصحابنا مَن قال فيه قولان: (أحدهما): هذا. (والثاني): قاله في القديم: يتخير؛ إن شاء سجد على الظهر، وإن شاء صبر ليسجد على الأرض، وهذا الطريق حكاه المصنف وآخرون، واتفقوا على أن المذهب وجوب السجود على الظهر ونحوه؛ للحديث الصحيح: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»، ولأثر عمر رضي الله عنه، ولأنه متمكنٌ منه، ثم قال الجمهور: إنما يسجد على الظهر ونحوه إذا أمكنه رعاية هيئة السجود؛ بأن يكون على موضعٍ مرتفعٍ، فإن لم يكن فالمأتيُّ به ليس بسجودٍ فلا يجوز فعله، وفيه وجه ضعيفٌ: أنه لا يَضُرُّ هنا ارتفاع رأسه وخروجه عن هيئة الساجد للعذر؛ حكاه الرافعي وغيره، والمذهب الأول] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 232-233، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهرِ إنسانٍ، أو قدمِه: لزمه ذلك، وأجزأه. قال أحمد في رواية أحمد بن هاشم: يسجد على ظهر الرجل والقدم، ويُمَكِّنُ الجبهة والأنف في العيدين والجمعة، وبهذا قال الثوري، وأبو حنيفة، والشافعي، وأبو ثور، وابن المنذر] اهـ.