تواصل الحكومة مساعيها لحل أزمة نقص العملة (الدولار)، من خلال إبرام الاتفاقيات والشراكات مع عدد من الدول والكيانات لجذب استثمارات أجنبية مباشرة تساهم في زيادة التدفقات من النقد الأجنبي، إضافة إلى تنفيذ برنامج الإصلاح المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي إن فريقا من صندوق النقد الدولي موجود حاليا في القاهرة لمناقشة برنامج قرض الصندوق والإصلاح لمصر بقيمة 3 مليارات دولار، وسط مناقشات حول تمويل إضافي لتخفيف الضغوط المرتبطة بالحرب في غزة.
أزمة نقص العملة
وأضاف المتحدث أن الفريق، بقيادة رئيسة بعثة صندوق النقد الدولي في مصر فلادكوفا هولار، سيواصل المناقشات حول المراجعة الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح في مصر الذي يدعمه صندوق النقد الدولي في إطار تسهيل الصندوق الممدد، وفقا لما ذكرته رويترز.
وأوضح أن مدير صندوق النقد الدولي للشرق الأوسط وآسيا الوسطى، جهاد أزعور، كان في القاهرة في وقت سابق والتقى بالسلطات المصرية وأصحاب المصلحة الإقليميين.
وقالت جولي كوزاك، المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، للصحفيين الأسبوع الماضي، إن التمويل الإضافي "حاسم" لنجاح برنامج مصر، لكن المبالغ والمدفوعات المحتملة قيد المناقشة كما جرت مناقشة الحاجة إلى تشديد السياسة المالية والنقدية.
وبعد قرابة شهرين، من موافقة صندوق النقد الدولي على إقراض مصر 3 مليارات دولار، ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي مقابل الجنيه المصري، بنسبة اقتربت من 20% بالسوق الرسمية المصرفية، كمحاولة قوية من الحكومة لـ توحيد سعر الصرف بين السوق الرسمية والموازية، للقضاء على السوق السوداء.
وكانت توقعت وزارة المالية إتمام صندوق النقد الدولي المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يتعاون فيه مع مصر خلال الربع الأول من عام 2024.
وقالت الوزارة، في منشور إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة للعام المالي 2024-2025، والمنشور على موقعها الإلكتروني: "من المتوقع أن يتم إتاحة الشريحة الثانية والثالثة (من قرض صندوق النقد) بعد إتمام المراجعات الأولى والثانية في الربع الأول من العام الميلادي القادم (2024)".
وأشارت الوزارة إلى نجاح مصر في التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل ومساندة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الوطني الشامل والممتد لمدة 4 سنوات بقيمة 3 مليارات دولار، وتمت إتاحة الشريحة الأولى من القرض في ديسمبر 2022 بقيمة 347 مليون دولار.
كان من المفترض إجراء صندوق النقد الدولي المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري في مارس وسبتمبر الماضيين، لكن عدم التزام السلطات المصرية ببعض الإجراءات المتفق عليها خاصة فيما يتعلق بالالتزام بمرونة سعر الصرف أدى إلى تأجيل المراجعتين حتى الآن.
وتجري حاليا مفاوضات بين الجانبين للعمل على رفع قيمة التمويل المقدم لمصر لدعم البرنامج إلى 5 مليارات دولار أو أكثر بدلا من 3 مليارات دولار حاليا.
وكشفت بيانات صندوق النقد الدولي أن مصر ستسدد له 261 مليون دولار فى يناير المقبل، ضمن 6.7 مليار دولار مديونيات يتعين عليها سدادها للصندوق خلال 2024.
وسددت مصر نحو 564 مليون دولار للصندوق خلال ديسمبر الحالي، ليرتفع إجمالي ما تم سداده نحو 3.764 مليار دولار.
وقالت مديرة صندوق النقد، كريستالينا جورجيفيا، إنهم يدرسون بجدية زيادة قيمة قرض مصر، لمساعدتها على تجاوز تحديات الحرب فى فلسطين على السياحة.
وذكرت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك في مؤتمر صحافي يوم 7 ديسمبر ، إن الصندوق يجري محادثات مع الحكومة المصرية بخصوص تقديم تمويل إضافي في إطار البرنامج الحالي.
وأضافت "الحجم المضبوط للتمويل جزء من المناقشات التي يجريها ممثلو صندوق النقد الدولي مع السلطات المصرية".
صندوق النقد الدولي
ونقلت وكالة "بلومبرغ" أن قيمة القرض الجديدة قد تكون 6 مليارات دولار، فيما يرى بنك "إتش إس بى سي" أن زيادة حصص الدول الأعضاء 50% كما أقر مؤخرًا المجلس التنفيذى للصندوق قد يضيف 8 مليارات دولار للتمويل، وهو ما اتفق معه بنك الاستثمار الأميركى "مورغان ستانلى" الذى ذكر فى تقرير بحثي أن سداد مصر لجزء من الديون وزيادة حصص الأعضاء يكفل زيادة قيمة البرنامج التمويلي.
وتتوقع مصر الإفراج عن شرائح ديون بقيمة 6.5 مليار دولار خلال العام من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2024، بخلاف إيرادات لقناة السويس بقيمة 8.3 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي.
مصر نجحت تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، في اتخاذ خطوات جادة لإصلاح السياسة النقدية للبلاد، وكانت البداية بتحرير سعر الصرف في مطلع نوفمبر 2016، ليتم تسعيره وفقًا لقوى العرض والطلب، ونجحت هذه الإجراءات في زيادة الاحتياطي النقدي للشهر الـ14 على التوالي ليصل إلى 35.102 مليار دولار مليار دولار في نهاية أكتوبر، وتحقيق فائض كلي في ميزان المدفوعات خلال السنة المالية 2022 -2023 بلغ 882.4 مليون دولار مقابل عجز كلي بلغ 10.5 مليار دولار خلال السنة المالية السابقة.
كما أدت زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر خلال عام 2022 إلى 8.9 مليار دولار، لتحقق مصر المركز الأول على مستوى دول شمال إفريقيا في مؤشر التدفقات الواردة من الاستثمار الأجنبي والأولى عربيًا من حيث نمو الاستثمارات الأجنبية.
واستهدف البنك المركزي من تلك السياسات إصلاح التشوه السعري بسوق الصرف والقضاء على السوق الموازية، وتمكين الدولة من توفير العملات الأجنبية اللازمة لاستيراد السلع الأساسية والوفاء بالتزاماتها نحو الشركات الأجنبية العاملة بالسوق المصرية، وبناء الاحتياطي الأجنبي لمستويات ما قبل أحداث يناير ليغطي الواردات لمدة 6 أشهر على الأقل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، والسيطرة على الموجة التضخمية الناتجة عن تحرير سعر الصرف، وتحقيق مستهدفات السياسة النقدية في استقرار الأسعار على الأجل المتوسط.