قال الشيخ الدكتور عبدالباري بن عواض الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي، إن الدعاء للذرية أساس التربية، ومفتاح الصلاح والإصلاح، فلا يفتر لسان الوالدين عن اللهج به، ولا يغفل قلبهما عن استحضاره في كل وقت وحين.
[[system-code:ad:autoads]]أساس التربية
وأوضح "الثبيتي" خلال خطبة الجمعة الأولى في رجب من المسجد النبوي بالمدينة المنورة، أن من الخطورة بمكان أن تخرج الأم عن طورها حال الغضب والانفعال فتدعو على الذرية بالهلاك وعدم التوفيق، فيوافق ذلك ساعة إجابة، منوهًا بأن امرأة عمران عليها السلام أحاطت النية الصادقة بدعاء خالص أن يتقبّل الله منها، فتقبّل الله دعاءها في مولودتها.
[[system-code:ad:autoads]]واستشهد قال الله تعالى: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا)، ورسم لها ولفتاتها بل ولكل فتاة مسلمة معالم الطريق في الحياة، السعي لرضا الله، والنبات الحسن بكمال الأدب والعفّة والحشمة، والصحبة الصالحة التي تعين على الطاعة والعبادة.
وأضاف أن أن القنوت والسجود والركوع هو من شكر المنعم الذي وهب لك الجمال، وجعلك مسلمة، ومتّعك بالصحة والعافية، وهو حصانة من منافذ إبليس وخطوات الشيطان، وهو موطن التكريم لمن رامت الكرامة، ومحراب العزة لمن ابتغت إلى ربّها سبيلاً.
وأفاد بأن امرأة عمران قبل الميلاد رسمت مستقبل ما في بطنها، وحدّدت له هدفاً سامياً في الحياة، فوصف القرآن نيّتها الصادقة حيث قالت تعالى "رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ".
ًوبين أن ذلك يعني أن الذي في بطني محرر لعبادتك، وحبسته على طاعتك، وخدمة قدسك، لا أشغله بشيء من الدنيا، منوهًا بأن البيت الذي يضلّله الدين، ويضاء بالطاعة، ويحيا بالذكر ويدور مع الشرع حيث دار، بيتٌ كريمٌ، يخرج نباته طيباً، ويثمر بإذن ربّه ولو بعد حين.
وأشار إلى أنه تعلمنا قصة مريم ابنة عمران حين صمتت في موقفها العصيب، أن الإنسان يبلغ به الحال أحياناً مرحلة العجز حتى في الدفاع عن نفسه، فإن علم أن الله وليّه وهو كافيه، كفاه شرّ كل ذي شرّ، ودفع عنه بأس كل ذي بأس، وفي قصة مريم حين أراد الله أن تنجب عيسى ابن مريم - عليهما السلام -.
دروس لا تنضب
ونبه إلى أن في قصص القرآن عظة وعبرة، ودروس لا تنضب، يغرسها القرآن، وتتألق راسخة بفصاحته وقوة بيانه، منوهًا بأن من عاش في رحاب القرآن علا قدره، واستبان له أمره، إذ احتفى القرآن بسيرة سيدة ماجدة، وامرأة فاضلة، وفتاة عابدة قانتة، خلّد القرآن ذكرها في سورة سمّيت باسمها.
ودلل بقول الله تعالى: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ" فقد زكّيت قبل ميلادها، وبزغ فجرها في بيت صلاحه متسلسل، واصطفاؤه مستحق، أثنى الإله عليه بقوله: "إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ" فعمران والد مريم ابنة عمران أم موسى ابن مريم عليه السلام، ولهذا قال سبحانه " ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ".