دائما تتسم العلاقات بين مصر والصومال بالقوة والمتانة، على مر التاريخ، وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا كبيراً فى السنوات الأخيرة مدعومة بإرادة سياسية قوية وسعى جاد لوضع خطط مستقبلية مشتركة فى العديد من المجالات.
ضمان استقرار الصومال
التقى وزير الخارجية المصري سامح شكرى، اليوم الخميس، خلال زيارته للعاصمة الأوغندية كمبالا للمشاركة في قمة دول عدم الإنحياز، مع القائم بأعمال وزير خارجية الصومال "على محمد عمر".
وأوضح السفير أحمد أبو زيد المتحدث الرسمى ومدير إدارة الدبلوماسية العامة بوزارة الخارجية، أن شكرى أكد خلال اللقاء على الأهمية التي تولّيها مصر للعلاقات مع الصومال اتصالاً بالروابط التاريخية العميقة على المستويين الشعبي والرسمي، مشدداً على تضامن القاهرة مع مقديشيو ضد المحاولات الرامية لانتهاك سيادته وسلامة أراضيه.
وأشار أبو زيد إلى أن شكري حرص على التأكيد على الأهمية التي توليها مصر لأمن واستقرار الصومال، والاستعداد لتسخير القدرات والإمكانيات المصرية لمساعدة الصومال في بناء كوادره الوطنية وتنفيذ خططه التنموية ودعم استقراره.
من جانبه، رحب المسئول الصومالي بالبيان الصادر عن الجلسة الطارئة لمجلس وزراء الخارجية العرب، والذي أعرب عن تضامن الدول العربية الشقيقة مع الصومال، كما أشاد بمواقف العديد من الدول الإفريقية الداعمة لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.
وكشف أبو زيد عن أن الجانبين اتفقا على مواصلة التشاور والتنسيق الوثيق خلال المرحلة القادمة، دعماً للصومال وشعبه الشقيق.
وكان قد اجتمع زعماء خمس دول إفريقية والعديد من المنظمات الدولية في العاصمة الأوغندية كمبالا، اليوم الخميس، لبحث التوترات المتصاعدة بين إثيوبيا والصومال بشأن ساحل البحر الأحمر المتنازع عليه.
وقد عقدت القمة، التي طلبتها الحكومة الصومالية، بدعوة من الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد)، وهي كتلة إقليمية تهدف إلى تعزيز السلام والتعاون في القرن الأفريقي، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الصومالية "صونا".
وحضر الاجتماع رؤساء الصومال وأوغندا وكينيا وجيبوتي وجنوب السودان، إلى جانب ممثلين رفيعي المستوى من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية كما شارك في القمة مندوبون كبار من الولايات المتحدة وتركيا والسعودية وقطر والإمارات.
وكان العضو الوحيد في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) الذي غاب عن الاجتماع هو إثيوبيا، التي اتهمتها الصومال بانتهاك سيادتها وسلامة أراضيها من خلال محاولة ضم شريط يمتد لمسافة 20 كيلومتراً من ساحل البحر الأحمر التابع للصومال.
وتهدف قمة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيجاد) إلى إيجاد حل سلمي للأزمة، ومنع المزيد من تصعيد العنف وعدم الاستقرار في المنطقة، وهو ما قد يكون له آثار خطيرة على الأمن والتنمية في منطقة القرن الأفريقي وخارجها.
منطقة القرن الإفريقي
يشار إلى انه في اول يناير 2024 أكدت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة الصومال الفيدرالية على كامل اراضيها، ومعارضتها لأي إجراءات من شأنها الافتئات على السيادة الصومالية، مُشددة على حق الصومال وشعبه دون غيره في الانتفاع بموارده.
وقدرت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، خطورة تزايد التحركات والإجراءات والتصريحات الرسمية الصادرة عن دول في المنطقة وخارجها، التي تقوض من عوامل الاستقرار في منطقة القرن الإفريقي، وتزيد من حدة التوترات بين دولها، في الوقت الذي تشهد فيه القارة الإفريقية زيادةً في الصراعات والنزاعات، التي تقتضي تكاتف الجهود من أجل احتوائها والتعامل مع تداعياتها، بدلًا من تأجيجها على نحو غير مسؤول.
وشددت على ضرورة احترام أهداف القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي، منها الدفاع عن سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها واستقلالها، ومبادئ الاتحاد التي تنص على ضرورة احترام الحدود القائمة عند نيل الاستقلال وعدم تدخل أي دولة عضو في الشؤون الداخلية لدولة أخرى.
وطالبت مصر بإعلاء قيم ومبادئ التعاون والعمل المشترك من أجل تحقيق مصالح شعوب المنطقة، والامتناع عن الانخراط في إجراءات أحادية تزيد من حدة التوتر وتعرض مصالح دول المنطقة وأمنها القومي للمخاطر والتهديدات.
العلاقات المصرية الصومالية
تتميز العلاقات المصرية الصومالية بتعدد الروافد في إطار من المصالح المشتركة والأمن المتبادل؛ لتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، خاصًة التعليمية والصحية والثقافية، والمجال العسكري أيضًا .
وتتواجد العديد من المواقف التاريخية المشرفة سياسية وعسكرية متبادلة لكلا البلدين تجاه الآخر.
وقد وقفت مصر إلى جانب الصومال في نضالها ضد الاستعمار البريطاني والإيطالي، وبعد حصولها على الاستقلال عام 1960، واصلت مصر دعم الصومال في جميع مجالات الحياة؛ كي تعزّز موقعها الطبيعي كجزء أصيل من الوطن العربي، ومنذ اندلاع الأزمة الصومالية عام 1991، سعت مصر إلى إيجاد الحلول وإنهاء الاقتتال بين الأخوة الصوماليين.
وتُعد مصر عضوًا فاعلاً في مجموعة الاقتصاد الدولية المعنية بالمشكلة الصومالية، وتحرص على المشاركة في كافة الاجتماعات التي تعقدها المجموعة، وقد كثفت مصر تحركاتها الدولية خلال السنوات الأخيرة لحشد الدعم للقضية الصومالية وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية؛ نظرًا للأهمية القصوى للصومال في تعزيز الأمن القومي المصري.
وازدادت العلاقة الثنائية الأخوية بين الصومال ومصر تماسكًا، وتوطدت حين وقف المصريون والزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر إلى جانب الصوماليين في حربهم ضد الاستعمار والجهل، وكانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960.
كما شهدت العلاقات الاقتصادية بين مصر والصومال نموًا مطردًا في السنوات الأخيرة؛ مدعومة بوجود إرادة سياسية قوية وسعي جاد لوضع خطط مستقبلية، وفتح أبواب جديدة للتعاون في مجالات متعددة.
وتعد مشروعات الطاقة والمياه على رأس المجالات التي یمكن أن تشهد تطورًا كبيرًا بين البلدين، خاصة ما یتعلق بمشروعات خلایا الطاقة الشمسية وشبكاتها، لا سيما مع تشابه الظروف المناخية للبلدين، كما یُعد قطاع البنوك من قطاعات التعاون الواعدة؛ حيث تم الاتفاق المبدئي على تدشين برامج تدريبية للمصرفیین الصومالیین سواء عبر البنوك الوطنية المصرية أو بالتعاون مع المعهد المصرفي المصري.
كما یُعد مجال الزراعة والثروة الحيوانية من القطاعات الواعدة التي یمكن اعتبارها قاطرة لتنشيط التعاون الاقتصادي بین البلدين .
وتقوم مصر بدور مهم في نشر الثقافة والتعليم في الصومال الشقيقة من خلال إيفاد المدرسين التابعين لوزارة التربية والتعليم للتدريس بالمدارس الصومالية، أو المعلمين التابعين للأزهر الشريف، وكذلك خبراء الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا الذين يقومون بنشر العلم في مؤسسات التعليم العالي، كما يقدم الأزهر الشريف عددًا من المنح الدراسية السنوية للطلاب الوافدين من جمهورية الصومال للدراسة بجامعة الأزهر أو المعاهد الأزهرية.
وتقوم الحكومة المصرية بدور فعال في الجهود الدولية التي تُبذل لإعادة بناء المؤسسات الأمنية الصومالية، وذلك في إطار خطة مصرية طويلة الأمد لتدريب الشرطة والجيش وتوفير ما تحتاجهما من أجهزة وعتاد، ويقوم الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا، الذي أنشئ عام 1980، بدعوة الجانب الصومالي للمشاركة في الدورات التدريبية التي ينظمها بصفة دورية في مجال الشرطة في إطار الإستراتيجية المصرية لدعم المؤسسات الأمنية الصومالية.