الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

متى يصوم من لم تظهر عليه علامات البلوغ؟ دار الإفتاء تحسم الجدل

الأطفال
الأطفال

ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما هو البلوغ الذي تجب به حقوق الله تعالى مِن صلاة وصوم شهر رمضان المبارك ونحوهما؟

وقالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، بأن البلوغ المعتبر للتكليف شرعًا يُعرف بعلامات، منها: الاحتلام، أو نبات شعر العانة الخشن، أو الحيض، أو الحمل، أو ببلوغ سِن خمس عشرة سَنَةً -على المختار للفتوى- إذا لَم يَظهر شيءٌ مِن العلامات السابقة، ومِن ثَمَّ يصير بالغًا مكلَّفًا يجب عليه الصوم، ذكرًا كان أو أنثى ما دام عاقلًا.

وجوب صيام شهر رمضان

وأكدت دار الإفتاء، أنه مِن المقرر شرعًا أنَّ صوم رمضان واجبٌ، وركنٌ مِن أركان الإسلام الخمسة، والأصل في ذلك قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ۝ أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾ [البقرة: 183-184].

وقوله سبحانه: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه﴾ [البقرة: 185].

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه.

علامات البلوغ

وذكرت دار الإفتاء، أن البلوغ له علاماتٌ يُعرَف بها وتَدُلُّ عليه، ومِن هذه العلامات: الاحتلام، ونبات الشعر حول عورة الذكر أو الأنثى، وبلوغ السن، وهذه العلامات الثلاث يشترك فيها الذكر والأنثى، وتختص الأنثى بعلامتين، هما: الحيض، والحمل، ومِن ثَمَّ فمَن ظهرت عليه إحدى هذه العلامات صار بالغًا مكلَّفًا ذكرًا كان أو أنثى، وتفصيل هذه العلامات:

أولًا: الاحتلام: وهو "افتعال مِن الحُلْم، بضم الحاء وإسكان اللام، وهو ما يراه النائم مِن المنامات، يقال: حَلَمَ في منامه، بفتح الحاء واللام، واحتلم، وحلمت كذا وحلمت بكذا، هذا أصله، ثم جُعل اسمًا لما يراه النائم من الجماع، فيحدث معه إنزال المني غالبًا، فغلب لفظ الاحتلام في هذا دون غيره مِن أنواع المنام؛ لكثرة الاستعمال"، كما قال الإمام النووي في "المجموع" (2/ 139، ط. دار الفكر).

وقد أجمع أهل العلم على أن الاحتلام بُلوغٌ أو علامةٌ مِن علامات البلوغ، وهو كناية عن نزول المني، فشمل أيضًا ما كان منه في اليقظة، ومن ثَمَّ فإذا أمنى بجماع أو باحتلام فإنه يكون بالغًا شرعًا تجري عليه أحكام المكلَّفين إذا كان عاقلًا.

ثانيًا: الإنبات: والمقصود به إنبات الشَّعر الخشن حول العورة عند الذكور والإناث، وأما الزغب الضعيف، فلا اعتبار به، فإنه يثبت في حق الصغير؛ كما في "نهاية المطلب" لإمام الحرمين الجُوَيْنِي (6/ 435، ط. دار المنهاج)، و"المغني" للإمام ابن قُدَامَة (4/ 345).

ثالثًا: الحيض: وهو السَّيَلَان، يقال: حاض الوادي إذا سال ماؤُهُ، وحاضت الشجرة إذا سال صَمْغُهَا.

وقد خَصَّ اللهُ تعالى النساءَ بالحيض، حتى جعله سبحانه مِن أصل خلقتهن وسببًا لاستقرار صحتهن وبقاء النسل الإنساني؛ فعن أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فَحِضْتُ، فدخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا أبكي، فقال: «مَا لَكِ، أنَفِسْتِ؟»، قلت: نعم، قَالَ: «إِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ، فَاقْضِي مَا يَقْضِي الْحَاجُّ، غَيْرَ أَلَّا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ» متفقٌ عليه.

وقد اتفق الفقهاء على أن المرأة إذا حاضت "فهو عَلَمٌ على البلوغ"، كما قال الإمام ابن قُدَامَة في "المغني" (4/ 346)، و"وَجَبَت عليها الفرائض"، كما قال الإمام ابن المُنْذِر في "الإجماع" (ص: 42، ط. دار المسلم).

رابعًا: الحمل: وعليه نَصَّ جمهورُ الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والحنابلة، وهو أنَّ المرأة إذا حَمَلَت يُحكم لها بالبلوغ، ووافق الشافعيةُ الجمهورَ في ذلك، إلا أنهم اعتبروا الحَمْلَ علامةً على البلوغ تبعًا لا أصلًا؛ لأن عادة الله جرت ألَّا تَحْمَلَ المرأةُ إلا بالإنزال، وهو التقاءُ ماءِ الرجل مع ماءِ المرأة، ومِن ثَمَّ يكون الحملُ علامةً على الإنزال الذي هو علامةٌ على البلوغ، فإنْ وَضَعَت جنينها احتسب ستة أشهر قبل وَضْعِها، ويكون ذلك وقت بلوغها.

خامسًا: بلوغ السن: وهو أن يتم خمس عشرة سَنَةً -على المختار للفتوى- إذا لم يظهر شيءٌ مِن العلامات، ذكرًا كان أو أنثى؛ لما روي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ عَرَضَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَلَمْ يُجِزْنِي ثُمَّ عَرَضَنِي يَوْمَ الخَنْدَقِ، وَأَنَا ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَأَجَازَنِي"، قال نافع: فقَدِمتُ على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة، فحدَّثتُه هذا الحديث، فقال: "إنَّ هذا لَحَدٌّ بين الصغير والكبير، وكَتَب إلى عُمَّالِهِ أن يَفرِضُوا لِمَن بَلَغ خمس عشرة" أخرجه الشيخان.