ما لا يمكن توقع نتائجه بصورة كاملة هو أثار ما يعيشه أطفال غزة من جراء معايشتهم صورة الدمار وأعمال القتل و التشريد لهم وعائلاتهم التي يقوم بها الاحتلال الغاشم في غزة . أطفال في مختلف الأعمار يشاهدون تقطع أشلاء آبائهم و إخوانهم ويعيشون لحظات رعب أطلاق الصواريخ عليهم وهم في بيوتهم أمنين .
منذ أكثر من يوم أحاول أن اكتب ، و لا تقوي يدي علي الكتابة ولا عقلي عن التركيز . تلاحقني أصوات صراخ الأطفال الذين يفقدون آباءهم أمام أعينهم . صراخ طفلة تنادي علي شقيقها الأصغر تحت الأنقاض ، بينما طفل أخر يحمل رأس شقيقته يحتضنها في براءة بعد أن تحول جسدها إلي أشلاء . وأخر تحول جسده إلي أشلاء لملمها والده في قوة إيمان و شجاعة وصبر أسكنهم الله قلبه .
كنت أقول لنفسي : ماذا سيحدث عندما يكبر هذا الجيل من الأطفال الذي عايش وعاني وشاهد الدمار الكامل لكل أمان كان يعيشه ..
أطفال غزة . قنبلة موقوته ستنفجر يوما ما للثأر مما يرونه و يعاشوه . ولا يمكن أن يكون لديهم عندما يكبرون سلام إلا بعد الثأر . فلا يمكن أن تمحي من ذاكرتهم تلك الحالة التي عايشوها و ستترك في أنفسهم تأثيرا بالغا في مكونات حياتهم وتعاملهم فيما بعد سواء في حياتهم او في صور نضالهم لتحرير الأرض من احتلال غاشم دمر كل شئ احبوه .وهدم جدرانا كانت تأويهم وعاشوا مشردين في الشوارع بلا غطاء أمان ..
ما يقوم به العدو الإسرائيلي من تدمير الأمان للأطفال سيكون له أثار مدمرة عليهم بالإضافة إلىتأثير نفسي وعضوي . سوف يعيش الأطفال مرحلة الخوف الدائم من الأصوات العالية
و أرتباك في النوم و عدم الشعور بالأمان .
أصوات الدمار و صور القتل البشعة ستخلد في نفوس الأطفال روح الانتقام و الثأر من العدو ولن ينسي الأطفال صور فقدان الأهل أو بكاء الأب القدوة الذي عايش لحظة ضعف أمام قوي غاشمة للعدو الإسرائيلي فقد فيها القدرة عن الدفاع عن أسرته وتوفير الأمان لهم .
فهؤلاء الأطفال الأن بعضهم غير مدرك بصورة كاملة ما يحدث وليست لديهم القدرة علي المقاومة ، لذلك سوف يقومون بتخزين تطلعاتهم وقوتهم لحين إتاحة الظروف أمامهم في المستقبل حتي لو تعايش الجانبين في سلام وتمت إقامة الدولتين . لن ينسي هؤلاء الأطفال ما حدث . سيتولد لديهم باستمرار الشعور بالعجز إذا لم ينتقموا من العدو و يثأروا لأرواح احبابهم .
فالظروف التي عايشها أطفال الحروب تجعل منهم في المستقبل أشخاص آخرين وتحولهم من معايشة أحلام البراءة وحياة الطفولة إلي حياة الثأر و الانتقام .أطفال يفقدون الشعور بالأمان
بعضهم سوف يعيش فوضي التفكير والخوف من الحياة و جبن المواجهة نتيجة قلة الحيلة . وبعضهم لن يفكر سوي في الانتقام من العدو . لذلك فمن غير المنتظر أن تهدأ الأوضاع خلال سنوات قادمة .
هناك جيل من الأطفال سوف يعاني من أعراض الاضطراب النفسي و التلعثم في الكلام و الشعور بالألم في العظام ، وهناك بعض الأطفال سوف يعانون من التبول اللاإرادي والإسهال وعدم انتظام الشهية بالإضافة للشعور بصداع . بينما يعيش بعض الأطفال حالة خوف دائم عند النوم و إذا ناموا سوف يعانون من حالات الفزع والخوف والقلق والصراخ ..
و يمكن ان يصاب بعض الأطفال بقصور في تأخّر النمو العقلي والعاطفي. كما يجد بعضهم صعوبة في الاختلاط في المجتمع و سوف يشعر البعض بالعجز الدائم عن التفكير العاطفي . سوف تسيطر عليهم دائما صور الدمار التي عايشوها مما يؤثر علي سلوكياتهم في التعامل مع الآخرين ببنما يمكن أن يصابوا بروح عدائية مع الآخرين ..
سوف بعيش بعضهم في قلق شديد من اللحظة القادمة و سوف يشعرون دائما بانهم ينتظرون حدثا يخافونه بالإضافة إلي الأحلام المزعجة نتيجة معايشتهم لذكريات قاسية تعيش دائما في عقلهم الباطن .
بالإضافة لحالة حزن شديد وانعدام الفرحة التي يمكن أن تتحول إلي حالة اكتئاب.وقد ينشأ عند بعضهم الانفعال الشديد مصحوبة بحالات غضب من آي شئ لكونه فقط يريد أن يقوم بتفريغ شحنة غضب مخزونه داخل عقله الباطن ..
أطفال سوف يكبرون فقط علي روح الانتقام من العدو مهما حدث في المستقبل من تقارب . فلن تمحي من أذهانهم تلك الصور البشعة التي عايشوها .. ولن تمحوها مراحل العلاج النفسي . جيل عندما يكبر سيحطم كل شئ ليشعر بأنه انتقم لتلك الذكريات التي لن تمحي أبدا من ذاكرته . إلا بعد. الانتقام من عدو غاشم دمر الأمان الذي كان يعيشه وهو طفل..