كشفت صحيفةNPR الأمريكية عن الحصاد المر لـ100 يوم إبادة من الاحتلال الإسرائيلي لسكان قطاع غزة، والتي تضمنت أرقام صادمة، وقالتإن الأرقام التي تسيطر على ولاية غزة بعد 100 يوم من الحرب مذهلة، فنحن أمام ما يقرب من 2 مليون نازح، وآلاف المنازل مدمرة، وما يقرب من 24000 قتيل - 10000 منهم أطفال، فمنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، وبدء حرب طوفان الأقصى، حيث كانت حصيلة الحرب الإسرائيلية على غزة، كارثة الألفية الجديدة من تاريخ البشرية.
"إن ما شهدناه منذ 7 أكتوبر يشكل وصمة عار على ضميرنا الجماعي، وما لم نتحرك، فإنه سيصبح علامة لا تمحى على إنسانيتنا، وسيستمر الناس في المعاناة والموت بسبب الصواريخ والقنابل والقذائف والرصاص"، هكذا تحدث منسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث، وقال: "ومازالت الكارثة لم مستمرة مع تفاقم الأوضاع داخل القطاع، وأمامنا أعداد متزايدة محتملة من الضحايا بسبب المجاعة والمرض والتعرض".
23.938 قتيلاً و60.582 جريحًا
وذكرت الصحيفة الأمريكية، أن حصيلة القتلى، التي يتم تحديثها بانتظام من قبل وزارة الصحة الفلسطينية، لا تميز بين المدنيين والمقاتلين، ولكن الوزارة تكشف أن حوالي 70% من القتلى هم من النساء والأطفال، وكان حوالي 10,000 من القتلى من الأطفال دون سن 18 عامًا، كما ورد أن ما يقرب من 8,000 آخرين في عداد المفقودين، ويُفترض أنهم ماتوا تحت الأنقاض، وبعبارة أخرى، قُتل ما يزيد على 1% من سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة قبل الحرب خلال ما يزيد قليلاً عن ثلاثة أشهر من بداية الإبادة الإسرائيلية.
كما تتابع وزارة الصحة الإصابات، وأبلغت المستشفيات عن إصابات كارثية ناجمة عن الغارات الجوية، بما في ذلك حروق شديدة في كامل الجسم وسحق الأطراف، وقالت منظمة إنقاذ الطفولة هذا الأسبوع إن نحو 1000 طفل فقدوا إحدى ساقيه أو كلتيهما، فيما يعاني جيل كامل من الأطفال من الصدمة وسيستغرق شفاءهم سنوات، وقد قُتل الآلاف وشوهوا وتيتموا، وهناك مئات الآلاف محرومون من التعليم، ومستقبلهم في خطر، مع عواقب بعيدة المدى وطويلة الأمد، وهو ما ذكره فيليب لازاريني، المفوض العام للأونروا، وكالة الأمم المتحدة في غزة، في بيان يوم السبت مع مرور 100 يوم لتلك الحرب القذرة.
1.9 مليون شخص نازح
وتقول الأونروا إن حوالي 85% من سكان غزة أُجبروا على ترك منازلهم هربًا من الصراع في أكبر نزوح للشعب الفلسطيني منذ الحروب التي أحاطت بتأسيس إسرائيل عام 1948، وقد نزحت العديد من العائلات الآن أكثر من مرة، وركزت العمليات البرية الإسرائيلية في البداية على الجزء الشمالي من القطاع، وقبل غزوها البري في أكتوبر، حثت إسرائيل الفلسطينيين في مدينة غزة على الإخلاء إلى الجنوب، ولكن غاراتها الجوية ضربت الجنوب مراراً وتكراراً أيضاً.
وخلال الشهر الماضي، ركزت العمليات البرية الإسرائيلية من جديد على المدن الواقعة في وسط وجنوب قطاع غزة، بما في ذلك خان يونس، مما أجبر الفلسطينيين على الفرار مرة أخرى، والآن، يتجمع ما يقدر بنحو 1.3 مليون شخص في رفح، المدينة الأقرب إلى الحدود الجنوبية لغزة مع مصر، وقال رجل يدعى أبو إبراهيم شران، بينما كان يركب دراجة محملة ببساط نوم وملابس في شوارع مدينة غزة: "لا نعرف إلى أين نذهب أو ماذا نفعل، نحن ننتقل من مكان إلى مكان"، وهو تحدث عن الوضع بخان يونس في وقت سابق من هذا الشهر، وأوضح أن عائلته قد تم إجلاؤها مرتين بالفعل، وهو يبحث عن مكان آخر للإقامة فيه، وقال: "الله يفرج على الجميع، حتى يتمكن الناس من العودة إلى منازلهم، بدلا من الجلوس متناثرين في الشوارع".
ما يصل إلى 160800 مبنى تضررت أو دمرت
وعن حجم الدمار داخل القطاع، فقد يتجاوز نطاقًا لم يسبق له مثيل في غزة، وخاصة في مدينة غزة، التي أثارت مقارنات بأسوأ عمليات القصف في الصراعات العالمية في التاريخ الحديث، بما في ذلك ماريوبول في أوكرانيا وحلب في سوريا، ولعل أفضل تقدير لحجم الدمار يأتي من صور الأقمار الصناعية.
ووفقاً لتحليل صور الأقمار الصناعية الذي أجراه باحثون في جامعة ولاية أوريغون وجامعة مدينة نيويورك، فإن ما يصل إلى 55.9% من جميع المباني في قطاع غزة قد تضررت أو دمرت بسبب القصف الإسرائيلي، أو ما يصل إلى 160800 مبنى، وفي شمال غزة، حيث كان يعيش معظم سكان القطاع قبل الحرب، كانت الأرقام أعلى من ذلك: يقدر الباحثون أن ما يصل إلى 80٪ أو أكثر من المباني قد تضررت أو دمرت.
21 من أصل 36 مستشفى خارج الخدمة
وتشير تقارير منظمة الصحة العالمية إلى أن أقل من نصف المستشفيات في غزة تعمل بكامل طاقتها، وفي المستشفيات التي تعمل، تقدر سعة الأسرة بنسبة 351%، وفقًا لتقارير منظمة الصحة العالمية – وبعبارة أخرى، تعالج المستشفيات في غزة أكثر من ثلاثة أضعاف عدد المرضى المجهزين لها، وأفادت المستشفيات والطواقم الطبية في غزة بوجود نقص في كل ما هو مطلوب تقريبًا لعلاج العدد الهائل من الجرحى والمرضى، فهناك نقص في الإمدادات الطبية بجميع أنواعها، بما في ذلك المضادات الحيوية ومستلزمات الإسعافات الأولية والسوائل الوريدية والدم، وقد شكلت الكهرباء تحدياً كبيراً للمستشفيات منذ أن توقفت محطة توليد الكهرباء الرئيسية في غزة عن العمل في وقت مبكر من الحرب؛ وتحتاج المستشفيات بشدة إلى الوقود لتشغيل المولدات اللازمة لتشغيل أجهزة التهوية والحاضنات وغيرها من المعدات الصحية التي تعتمد على الكهرباء.
وقالت الدكتورة سيما جيلاني، وهي طبيبة أمريكية تحدثت إلىNPR بعد أسبوعين من العمل: "لا توجد أسرة متاحة، لذا فإن الناس حرفيًا على الأرض يبحثون عن العلاج. لا يوجد حقًا مجال أو مساحة لنا للتنفس أو التفكير"، وهي في مستشفى الأقصى بغزة ضمن فريق من لجنة الإنقاذ الدولية، وقد قتل أكثر من 600 من العاملين في مجال الرعاية الصحية في الهجمات وأصيب ما يقرب من 800 آخرين، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، ولحقت أضرار بالعشرات من سيارات الإسعاف.