أعلم ان عنوان تلك المقالة قد يثير اشمئزاز البعض لإطلاق كلمة " معاق ذهنيا " وربما أجد من يتهمني بعدم قبول الأخر والتنمر و اضطهاد أولادنا من تلك الفئة، خاصة في ظل الدعوات التي تنادي بعدم إطلاق هذا المسمى، و لكن قبل أن يعترض البعض على عنوان المقال أدعوكم لقراءة المقال كاملا و تمعن كلماته.
أولا و قبل كل شييء انا أم لشاب من مصابي اضطراب طيف التوحد الذي يتم تصنيفه بالخطأ داخل مصر ضمن ألإعاقات الذهنية لعدم قدرة المصاب على التواصل البصري واللغوي مع الآخرين و يفضل العزلة و الانطوائية و له تفكير مختلف ودقيق ونمطي وحاد الذكاء لدرجة انه يتم الاستعانة بمصابي اضطراب طيف التوحد في إيطاليا والنرويج وسلوفينيا للعمل في فرق الاستطلاع بأجهزة الاستخبارات لقدرتهم العالية على التركيز والتدقيق والمتابعة و الرصد والمثابرة على ذلك.
[[system-code:ad:autoads]]
ثانيا لفت انتباهي بحكم تجمعي مع بعض أولادنا من ذوي القدرات الخاصة " ذهني " باعتباري صاحبة مبادرة تعليم وتأهيل وتدريب تلك الفئة عن طريق العلاج بالفن الذي أثبت فاعليته و أتى بنتائج مذهلة في تعديل السلوك و زيادة إدراك اولادنا ضمن أحد أنشطة مؤسسة إيزيس للخدمات الاجتماعية التابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، وجود خمسا شقاء و أربعة وستة وثلاثة جميعهم معاقين ذهنيا بالبحث عن الأسباب وجدت ان الأسرة تزوج ابنها أو ابنتها لشخص اخر من ذوي القدرات الخاصة " ذهني " وأرغموهم على إنجاب اكثر من طفل بالرغْم من علمهم المسبق بالحالة التي سوف يولد عليها الطفل فقط من أجل أن ينعموا بأحفاد.
أنا لا أعترض على تزويجهم بل أؤيد ذلك باعتباره أبسط حق من حقوقهم في الحياة بجانب التعليم و لكن اعتراضي على الإنجاب و هم يعلمون تمام العلم نتيجة حالة المولود سلفًا، و فى محاولة منى لمعرفة دوافع ذلك الأسر في الإصرار على إنجاب أكثر من طفل علمت انهم يعتقدون أن الطفل يمكن أن يولد سليم البنية والعقل !!!
وعندما حاولت الاستفسار عن إجراء فحوص طبية قبل الزواج و قبل الإنجاب صعقت بالإجابة المحزنة انهم يرون فى تلك وصمة عار تلصق بالعائلة بموجب أوراق رسمية ويصبحون مثار سخرية البعض بأنهم عائلة " معيبة "!!!!!
حاولت أن أقنع تلك العقول المتحجرة إنه لا حياء في العلم و ان ذلك لا يعد وصمة عار على جبين العائلة و لكن الوصمة هي إصرارهم على جعل أبنائهم ينجبون أكثر من طفل مصاب بقصور ذهني و لا يستطيع التعايش بمفرده وليس له علاج على الإطلاق ويحتاج دائما لمن يرعاه وينفق عليه مما يمثل عبء شديد عليهم وعلى المجتمع والدولة، و لكن دون جدوي و كانت الإجابات " هو الأطباء دخلوا في علم الله فمن الجائز أن يولد طفل طبيعي ويخلف ظن الأطباء "
للعلم أنا شخصيا عندما أنجبت ابني الوحيد وظهرت عليه بعض دلالات اضطراب طيف التوحد عند عمر سنتان ونصف و وجدت بعائلة زوجي أكثر من حالة إعاقة ذهنية شديدة من أبناء شقيقاته توجهت على الفور للمركز القومي للبحوث و إجراء فحوص خاصة بالبصمة الوراثية لعائلة زوجي عن طريق سحب عينات من ابني و وجدت أن هناك خلل بالچينات الوراثية لعائلته فقررت عدم الإنجاب مرة أخرى وسلمت أمرى لله و عقدت العزم على الاهتمام بابني صحيا وبدنيا ونفسيا ورياضيا وعلميا وفنيا والحمد لله هو اليوم طالب بإحدى الكليات العملية التي تصنف من كليات القمة بعد ان حصد المركز الأول في امتحانات شهادة إتمام الثانوية العامة بمجموع 98.98%، و دفنت أحلامي وطموحاتي التي كانت تدور بخلدي حول مستقبل أبنائي و أحفادي و ارتضيت بما قسمه الله لي.
لا يوجد شيىء نخجل منه حتى نتوارى و نخشى أن يلومنا المجتمع من أجله، ليس من آلإنسانية أن ننجب أطفالا ليعذبوا في الدنيا و يشكلون عبءً على المجتمع و يحتاجون لميزانية خاصة وتعاملات خاصة ومدارس ومراكز مؤهله لهم تشمل متخصصين يحتاجون لرواتب خاصة وامتيازات خاصة مما يتسبب زواج المعاق ذهنيا في إرهاق الموازنة العامة للدولة، للذلك لابد من إلزام المقبلين على الزواج بإجراء فحوص وتحاليل البصمة الوراثية للطرفين للكشف المبكر عن الخلل الجيني للحد من انتشار الإعاقات بشكل متسارع.
طبقا للدراسات والأبحاث التي أجريت داخل أقسام علم النفس بالجامعات المصرية و معهد السمع والكلام تبين أن نسبة انتشار الإعاقات الذهنية ارتفعت خلال المدّة من 2011 حتى 2023 بشكل متسارع ومتضاعف و أصبحوا يمثلون 15% من إجمالي عدد المواليد خلال تلك المدّة، و 40% من إجمالي الإعاقات ألأخرى، فهي نسبة ليست ضئيلة بل تمثل عبء كبير على ميزانية الدولة من حيث توفير الاحتياجات وصرف الإعانات والمساعدات المادية في صورة معاش شهري يصرف من وزارة التضامن الاجتماعي، بجانب تأسيس وتجهيز مراكز تأهيل بالإضافة لتدريب كوادر تستطيع أن تتعامل معهم وتعمل على رعايتهم فضلا عن الاحتياج لتوفير وسائل مواصلات تتناسب معهم وأماكن مخصصة لهم داخل كل مصلحة حكومية مع توفير متخصصين يجيدون التعامل معهم.
فإلى متى سنظل كالنعامة دفن رأسنا في التراب ونترك المشكلة تتفاقم يوما بعد يوم؟ !
فلابد كما نوهت خلال السطور السابقة من هذا المقال و من الضروري إلزام المقبلين على الزواج بضرورة إجراء تحاليل البصمة الوراثية بجانب التوعية الإعلامية والثقافية بواسطة مراكز الشباب والنوادي والتجمعات الثقافية، بأهمية وحتمية إجراء تلك الفحوص بجانب إصدار تشريع يجرم من يتخلف عن إجراء تلك الفحوص ويعاقب الأهل الذين يتخلفون عن ذلك او يتحايلون على القانون بواسطة المأذون الذي يتواطأ ويمرر عقد القران دون وجود شهادة صحية مقابل أن يحصل على مبلغ مالي إضافي عن رسوم عقد القران.
ليس من المنطق أن يتم إنجاب أطفالا يعانون القصور الذهني ويتم الزج بهم في مراكز التأهيل ويتم زيارتهم مرة كل اسبوع فقط أو إلقائهم بالشوارع يلاقون مصيرهم لمجرد انهم خرجوا للحياة دون أدنى ذنب يرتكب سوى إنهم جاؤوا للدنيا لاب وأم لا يقدرون ولا يعرفون معنى المسئولية.