قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

صدى البلد

في الجنة قصر لصوام رجب .. فهل يدخله من صام يوما واحدا؟

في الجنة قصر لصوام رجب
في الجنة قصر لصوام رجب
×

في الجنة قصر لصوام رجب، من الشائع بين الناس عدة أحاديث في شأن صيام شهر رجب، من بينها أن في الجنة قصر لصوام رجب، فهل هذا حديث صحيح، وما فضل من تطوع بصيام هذا الشهر كاملًا أو اكتفى بالأيام البيض القمرية منه أو تحصل بيوم واحد؟

في الجنة قصر لصوام رجب

«لم يرد في فضل شهر رجب، ولا في صيامه، ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديثٌ صحيحٌ يصلح للحجة» - بحسب ما ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في "تبيين العجب"، إلا أنه وفق دار الإفتاء المصرية، فيستحب صيام شهر رجب، وهو وإن لم يصح في استحباب صيامه حديثٌ بخصوصه، إلا أن صيامه داخلٌ في العمومات الشرعية التي تندب للصوم مطلقًا، فضلًا عن أن الوارد فيه من الضعيف المحتمل الذي يُعمل به في باب الفضائل.

[[system-code:ad:autoads]]

وفي صحة حديث في الجنة قصر لصوام رجب : روى الإمام البيهقي عن أبي قلابة رضي الله عنه قال: "في الجنة قصر لصُوَّام رجب". قال الإمام أحمد: "وإن كان موقوفًا على أبي قلابة وهو من التابعين، فمثله لا يقول ذلك إلا عن بلاغ عمن فوقه ممن يأتيه الوحي، وبالله التوفيق".

وتلك الأحاديث الواردة في صومه أو صوم شيء منه وإن كانت ضعيفة فإنَّها مما يعمل به في فضائل الأعمال على ما هو المقرر عند عامة العلماء في مثل ذلك، كما نقله الإمام النووي وغيره؛ قال الإمام النووي في كتابه "الأذكار" (ص: 8، ط. دار الفكر): [قال العلماءُ من المحدّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبّ العمل في الفضائل والترغيب والترهيب بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا] اهـ.

وقال في "التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير في أصول الحديث" (ص: 48، ط. دار الكتاب العربي): [ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى، والأحكام؛ كالحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالقصص، وفضائل الأعمال، والمواعظ، وغيرها مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام، والله أعلم] اهـ.

وقال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 54، ط. المكتبة الإسلامية): [تقرر أن الحديث الضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والموقوف يعمل بها في فضائل الأعمال إجماعًا، ولا شك أن صوم رجب من فضائل الأعمال فيكتفى فيه بالأحاديث الضعيفة ونحوها، ولا ينكر ذلك إلا جاهل مغرور] اهـ.

وحتى لو لم يرد في الباب هذه النصوص الضعيفة فإنَّ النصوص الصحيحة الأخرى العامَّة التي تُرَغِّب في الصيام التطوعي مطلقًا تكفي في إثبات المشروعيَّة؛ إذ إن القاعدة عندهم أن العام يبقى على عمومه، والمطلق يجري على إطلاقه حتى يأتي مخصص أو مقيد. انظر: "البحر المحيط" للعلامة الزركشي (5/ 8، ط. دار الكتبي)، و"التلويح على التوضيح" للعلامة التفتازاني (1/ 117، ط. مكتبة صبيح).

ومن هذه النصوص الصحيحة: ما رواه الإمام البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ»، وما رواه الإمام أحمد عن صدقة الدمشقي أن رجلًا جاء إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن الصيام، فقال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ الصِّيَامِ صِيَامَ أَخِي دَاوُدَ؛ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا».

آراء الفقهاء في صيام شهر رجب

وقد ذكر الفقهاء هذا الاستحباب وقرروه في كتبهم، وهو مذهب الحنفيَّة، والمالكيَّة، والشافعيَّة، ومن نصوص الأحناف ما جاء في "الفتاوى الهنديَّة" (1/ 202، ط. دار الفكر): [(المرغوبات من الصيام أنواع): أولها: صوم المحرم. والثاني: صوم رجب. والثالث: صوم شعبان وصوم عاشوراء] اهـ.

وأمَّا السادة المالكيَّة: فقد جاء في "مختصر خليل" و"شرحه" للشيخ الدردير (1/ 516، ط. دار الفكر): [(و) ندب صوم (المحرم ورجب وشعبان) وكذا بقية الحرم الأربعة، وأفضلها المحرم، فرجب، فذو القعدة، والحجة] اهـ.

وأمَّا السادة الشافعية: فقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 432، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وأفضل الأشهر للصوم) بعد رمضان: الأشهر (الحرم)؛ ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب؛ لخبر الإمام أبي داود وغيره: «صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ، صُمْ مِنَ الْحُرُمِ وَاتْرُكْ»، وإنَّما أمر المخاطب بالترك؛ لأنَّه كان يشق عليه إكثار الصوم، كما جاء التصريح به في الخبر، أمَّا من لا يشق عليه: فصوم جميعها له فضيلة، (وأفضلها المحرم)؛ لخبر مسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ»، (ثَّم باقيها)، وظاهره استواء البقية، والظاهر تقديم رجب؛ خروجًا من خلاف من فَضَّله على الأشهر الحُرُم، (ثمَّ شعبان)] اهـ.

وأمَّا السادة الحنابلة فقالوا بكراهة إفراده بالصوم، وهذا من مفردات مذهبهم، وهذه الكراهة تنتفي بفطر بعضه ولو يوم واحد، أو بصوم شهر آخر من السنة معه، حتى وإن كان ذلك الشهر ليس تاليًا له. انظر: "الإنصاف" للعلامة المرداوي (3/ 346-347، ط. دار إحياء التراث العربي).

وقد ذكر الحافظ ابن الصلاح في "فتاويه" (ص: 80، ط. مكتبة العلوم والحكم): أن من صام رجب كله لم يُؤَثِّمْهُ بذلك أحد من علماء الأمة.

وشنع العلامة ابن حجر الهيتمي على من ادعى تحريم صيام رجب في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 53)؛ حيث سئل رحمه الله تعالى عن ذلك، فقال: [أمَّا استمرار هذا الفقيه على نهي الناس عن صوم رجب فهو جهل منه وجزاف على هذه الشريعة المطهرة، فإن لم يرجع عن ذلك وإلا وجب على حُكّام الشريعة المطهرة زجره وتعزيره التعزير البليغ المانع له ولأمثاله من المجازفة في دين الله تعالى، وكأن هذا الجاهل يغتر بما روي من أن جهنم تسعر من الحول إلى الحول لصوام رجب، وما درى هذا الجاهل المغرور أن هذا حديث باطل كذب لا تحل روايته، كما ذكره الشيخ أبو عمرو بن الصلاح، وناهيك به حفظًا للسنة وجلالة في العلوم] اهـ.

فضل الصيام في شهر رجب

خصَّ الله عز وجل عبادة الصيام من بين العبادات بفضائل وخصائص عديدة، منها: أولًا: أن الصوم لله عز وجل وهو يجزي به، كما ثبت في البخاري (1894)، ومسلم (1151) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي».

ثانيًا: إن للصائم فرحتين يفرحهما، كما ثبت في البخاري ( 1904 ) ، ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا: إذَا أفْطَرَ فَرِحَ، وإذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بصَوْمِهِ».

ثالثًا: إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، كما ثبت في البخاري (1894) ومسلم ( 1151 ) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله عز وجل يوم القيامة من ريح المسك».

رابعًا: إن الله أعد لأهل الصيام بابا في الجنة لا يدخل منه سواهم، كما ثبت في البخاري (1896)، ومسلم (1152) من حديث سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ فِي الجَنَّة بَابًا يُقَالُ لَهُ: الرَّيَّانُ، يدْخُلُ مِنْهُ الصَّائمونَ يومَ القِيامةِ، لاَ يدخلُ مِنْه أَحدٌ غَيرهُم، يقالُ: أَينَ الصَّائمُونَ؟ فَيقومونَ لاَ يدخلُ مِنهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فإِذا دَخَلوا أُغلِقَ فَلَم يدخلْ مِنْهُ أَحَدٌ».

خامسًا: إن من صام يومًا واحدًا في سبيل الله أبعد الله وجهه عن النار سبعين عامًا، كما ثبت في البخاري (2840)؛ ومسلم (1153) من حديث أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما مِنْ عبدٍ يصومُ يوْمًا في سبِيلِ اللَّهِ إلاَّ بَاعَدَ اللَّه بِذلكَ اليَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سبْعِين خريفًا».

سادسًا: إن الصوم جُنة «أي وقاية» من النار، ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الصيام جُنة»، وروى أحمد (4/22) ، والنسائي (2231) من حديث عثمان بن أبي العاص قال : سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «الصيام جُنة من النار، كجُنة أحدكم من القتال».

سابعًا: إن الصوم يكفر الخطايا، كما جاء في حديث حذيفة عند البخاري (525)، ومسلم (144) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».

ثامنًا: إن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة، كما روى الإمام أحمد (6589) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ : أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ. قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ».