- كان عمرى ١٧ عامًا عندما تزوجت جزارًا
- زوجي لقى مصرعه فى حادث وترك لي ولدين وبنتا
- رفضت كل عروض الزواج رغم أن عمري كان 24 عامًا فقط
كنت أسهر كل ليلة بين جزاري بني سويف للحصول على حصتي من «الذبيحة»
في مصر تتوارث المرأة المهن الصعبة، أو تفرضها الظروف عليها، وهذا ما حدث مع روحية إبراهيم عبد العزيز 60 عاما – وحتي الان تعتبر أشهر جزارة في بني سويف.
فمهنة الجزارة من المهن التي ظلت مقتصرة على الرجال فقط لسنوات عديدة ، ولكن الأم المكافحة روحية عبدالعزيز التي تبلغ من العمر 60 عاما قررت ان تمتهن الجزارة وتقف وسط الحيوانات المذبوحة في محل ببني سويف، تمارس عملها باحتراف قد لا يصل إليه بعض الرجال، بعد سنوات من العمل في هذه الحرفة اختفت نظرات الدهشة من عيون المشترين، فقد أصبح وجودها أمرًا واقعًا اعتاد الكثيرون عليه.
فالنساء فى المجتمع الصعيدى يعملن فى أغلب الوظائف الحكومية، فى المحاماة والطب والهندسة، ومنهن غير المتعلمات اللواتي يساعدن أزواجهن فى الحقل، لكن أن تمارس سيدة مهنة الجزارة التى دائما ما تنسب إلى الرجال لاحتياجها للقوة البدنية، إضافة إلى صفات خاصة بمن يمارس هذه المهنة وهو ما يجعل من غير المألوف أن تمارس المرأة هذه المهنة، ولكن روحية ذات الـ 60 عاما أو (جزارة شارع الخضار) كما يطلق عليها الأهالي لم تختر هذه المهنة برغبتها ولكن الظروف وموت زوجها أجبرها على الوقوف فى محل الجزارة بمدينة بنى سويف وبيع اللحوم للإنفاق على أبنائها لتصبح السيدة الوحيدة فى مراكز المحافظة السبع التي تمارس هذه المهنة.
[[system-code:ad:autoads]]
تعمل "روحية إبراهيم"، المعروفة بأم حسن فى الجزارة منذ40 عامًا، السيدة التي تبلغ من العمر 60 عامًا، تشرد قليلا لتستحضر بعضا من ذكريات الماضي، ثم تروى قصتها، لـ صدى البلد قائلة: "كان عمرى ١٧ عامًا عندما تزوجت جزارًا بقرية بنى بخيت، كنت الزوجة الثانية بعد أن أصيبت الاولى بالمرض، ورزق منها بثلاث بنات".
وأضافت: "استمر زواجنا ٧ سنوات إلى أن لقى مصرعه فى حادث تصادم، وترك لي ولدا وبنتا، بالإضافة إلى طفل انجبته بعد وفاة والده بــ 15 يومًا فقط".
تواصل تقطيع اللحم بمهارة، وهي تستكمل حديثها، وتشير إلى شعورها بالحيرة في البداية، فماذا تفعل مع ٦ من الأبناء، مؤكدة: "ورغم ذلك رفضت كل عروض الزواج رغم أن عمري كان ٢٤ عامًا فقط، ومع تزايد الأزمات المادية لم أجد أمامي إلا أن أعيد فتح محل الجزارة الخاص بزوجي لأتمكن من سداد المصاريف الدراسية والتكفل أبنائي وأبناء زوجي".
وتضيف: "تعرضت للكثير من المضايقات في البداية، لأن الكثيرين كانوا يتعجبون من عملى لكني اصررت على المواصلة وكان أول شيء بعته، ٥ كيلو جرامات بسعر 5 جنيهات للكيلو، ولم يتجاوز مكسب الكمية كلها 50 قرشًا.
كانت أم حسن تسهر كل ليلة بين جزاري بني سويف لتأخذ حصتها من «الذبيحة» وقد يمتد ذلك حتى الساعات الأولى من الصباح، ثم تعود في ظلام القرية التي لم تكن الكهرباء قد وصلت إليها.
وأكدت أنها طوال ١٥ عامًا لم تذق النوم ليلا، واستمر ذلك حتى أمنت مستقبل أبنائها وزوجتهم، وتبتسم وهي تتذكر: "في البداية أنكر الكثير ممن عليهم مستحقات لزوجي أنهم مدينون له، لهذا فوجئت عندما تسلمت ذات يوم ظرفًا مغلقًا بدون اسم، وبه ٩٠ جنيهًا، وأكد من أرسله أنه دين لزوجى منذ الثمانينيات وطلب أن تسامحه على التأخير".
تقول روحية: رفضت الزواج وفضلت تربية أولادي وبنات زوجي دون تفرقة في المعاملة بينهم، واضطررت إلى فتح محل الجزارة الذي تركه زوجي والوقوف به لبيع اللحوم، ونظرًا لشخصيتي الجادة عرض الكثيرون من الجزارين أصدقاء زوجي مساعدتي وكنت أظل ساهرة حتى ساعات متأخرة من الليل لأحصل على 5 كيلوجرامات لحما من ذبيحة أحد أصحاب محلات الجزارة بعد عودته من السلخانة، وكان مكسب البيع ضعيفا، إلا أنني كنت أحاول تدبير نفقات المنزل والأبناء وأحرم نفسي من كل جديد لتلبية حاجاتهم، وقد منحني الله الصبر والقوة لمواصلة العمل في مهنة الجزارة وكبر الأبناء وأنهوا تعليمهم في المراحل المختلفة ومع ذلك مازلت اقف وحدي في المحل. في النهاية ترى الحاجة روحية أن البيع للرجال أسهل، لأن النساء دائما يناقشونها في السعر ويطلبن مطالب كثيرة.