قال الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس، إمام وخطيب المسجد الحرام، إن عقيدةَ المسلمِ الصحيحة، هي أعزُّ شيءٍ عليهِ وأغْلى ما لديه، فلا مُساومةَ عليها مهما كانت المتغيرات، ولا تنازل عنها مهما كانت التحديات.
أغلى ما لديك
وأوضح " السديس" خلال خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنَّ المؤمن الحقّ ديْدنُه التوكُّل على ربّه، فلا يدعو ولا يرغب ولا يرجو إلا خالقهُ عزّ وجلّ، ولا يخاف و لا يرهب إلا منه وحده تبارك وتعالى، فقال الله تعالى : {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) } من سورة الأنعام.
[[system-code:ad:autoads]]
وأكد أنه جاء النهي صريحًا في الكتاب العزيز والسنَّة النبوية المطهّرة، عن كلّ ما يخالفُ هذِه الحقيقة الثابتة ويُضادُّها من الأوهام والانحرافات العقدية، كالتعلّق بغير الله سبحانه، واعتقاد النفع والضرّ بيد غيره عزّ وجلّ.
وأضاف أنه يأتي في الطليعة من ذلك؛ التّعلّق بأوهام السّحرة والمشعوذين والكهنة والعرّافين، سماسرة الخرافة والدجل والتضليل، الّذين أرْدَوْا كثيرًا من المسلمين إلى حضيض الشّرك الدّامس، والجهْل الطّامس.
لمن يبحث في الأبراج
وتابع: ومنها التعلّق بالأضرحة والمقامات، والأبراج والطوالعِ والنجوم، واعتقاد تأثيرها في حياة الإنسانِ فرحًا وترحًا، خُمولاً ونشاطًا، كدَرًا واغتباطًا، وأنَّ منْ وُلِدَ في برج كذا، فهو السعيد المحروس، ومن وُلِدَ في برج كذا، فهو التعيس المنحوس، في سردٍ للفضائح وإعلانٍ بالقبائح لا يُقرُّها شرعٌ ولا عقلٌ ولا منطق!.
واستطرد: فسبحان الله عباد الله! كيف تفْتِك الْخرافات والأوهام بعقيدة أولي الحجا والأفهام!؟، قائلاً: أنها -وأيم الله- لهي الطعْنةُ النَّجلاءَ في صميم العقيدة، والشرْخُ الخطير في صرْح التوحيد الشامخ.
وأشار إلى أنّها الانهيارُ السَّحيقُ الذي يثْلِمُ القُوة، ويُذْهبُ العِزَّة، ويجلبُ الانتكاسة، ويُلحقُ الهزيمة بالجيل، ويُشكِّك في الثوابت واليقينيات، ويُروِّج – رُحْماك ربنا- لبضاعة التخرُّصات والخزعبلات ، منوهًا بأن الحقيقة الكبرى التي لا تخالجها الخيالات والأوهام، توحيد الملك العلام.
ونوه بأنه قد بعث الله نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم، بعقيدة التوحيد الصَّافية الخالصةـ فقال الله تعالى : {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} الآية 3 من سورة الزمر، وتابع: ليُحرِّرَ العقول والقلوبَ من رِقّ العُبوديَّةِ لغيرِ الله، ويُثبت فيها أن لا إله إلا الله، كلمة، الإخلاص، ومُفردة الاختصاص، وعنْوان الفوْزِ والخلاص.
وواصل: ولِيرفعَ النفوسَ إلى قِمَمِ العزِّ والشَرفِ والإباء، ويسموَ بِها عن بُؤرِ الالحاد والشِّركِ والوثنيَّة والشّقاء، والخُرافَةِ والشعوذة والأرْزاء، فأول أركان الإسلام الحميدة، وأوثقِ عُرى الإيمان المجيدة، وأرسخ ثوابت عقيدة السلف الصالح العتيدة، شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّه سبحانه الذي يملك النفْع والضُّر وحده، فقال الله تعالى : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } الآية 17 من سورة الأنعام.
وبين أنه الله سبحانه وتعالى هو المستحق للعبادة وحده دون سواه، وما عداه فإنهم ( لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ) الآية 3 من سورة الفرقان ، كما أنَّه تعالى اختصّ بِعلم الغيب وما خفيَ، ولا ريْب، { لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ } [النمل: 65]، وأنّه جلّ عن الشبيه والمثيل والنظير، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11].