يُعد صالح العاروري، أكبر قيادة لحركة المقاومة الإسلامية حماس التي تغتالها إسرائيل خارج فلسطين، وذلك بعد استهدافه اليوم هو ومجموعة من قادة كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس داخل إحدى الشقق بالضاحية الجنوبية في بيروت بجنوب لبنان، وذلك عبر استخدام طائرة مسيرة.. وهنا نرصد أبرز المعلومات عن العاروري الذي كان أحد أهم الأسماء التي أعلنت إسرائيل وأمريكا المطلوبين للبلدين.
[[system-code:ad:autoads]]
10 ملايين دولار .. واشنطن تبحث عنه
كشفت صحيفة "يو إس إيه توداي" الأمريكية، في وقت سابق عقب عملية طوفان الأقصى، أن إسرائيل أطلقت عملية مطاردة دولية لاستهداف القيادي البارز في حركة حماس صالح العاروري، الذي يعتقد أنه كان على علم مسبق بتفاصيل الهجوم الذي شنته الحركة في السابع من هذا الشهر وكذلك لأنه حلقة وصل بين الحركة من جهة وإيران وحزب الله اللبناني من جهة ثانية، تقول الصحيفة إن العاروري، الذي يشغل منصب نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، كان قد ظهر في مقابلة مع قناة لبنانية قبل أسابيع عدة من الهجوم وتحدث فيها أن حماس تستعد لحرب شاملة، مشيرًا إلى أن الحركة تناقش "عن كثب احتمالات هذه الحرب مع جميع الأطراف المعنية".
فيما أعلنت الإدارة الأمريكية عن رفع المكافأة التي كانت مرصودة لمن يُدلى معلومات عنه قبل الـ7 من أكتوبر، من 5 ملايين دولار، إلى 10 ملايين دولار، وتنقل الصحيفة عن مسئولي استخبارات حاليين وسابقين في الولايات المتحدة وإسرائيل وكذلك وثائق حكومية وقضائية القول إن العاروري يعتبر حلقة وصل استراتيجية بين ثلاث جهات، هي حماس وحزب الله وإيران، ويقول أودي ليفي، الذي عمل لأكثر من 30 عامًا في المخابرات الإسرائيلية، إن "معظم الأموال التي تذهب إلى حماس تأتي من إيران وإن الرجل الإيراني داخل حماس هو العاروري".
من هو العاروري؟
صالح محمد سليمان العاروري (أبومحمد) قيادي سياسي وعسكري بارز ويعد الرأس المدبرة لتسليح كتائب القسام فلسطيني، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ساهم بتأسيس الجناح العسكري لحماس في الضفة (كتائب القسام)، أعتقل وقضى نحو 15 عاماً في سجون الاحتلال، ثم تم إبعاده عن فلسطين، وكان أحد أعضاء الفريق المفاوض لإتمام صفقة وفاء الأحرار «صفقة شاليط»، ومتزوج وله ابنتان ويعيش الآن في لبنان.
ولد العاروري في عام 1969، داخل بلدة عارورة التي تبعد نحو 20 كم عن مدينة رام الله، ووالده الشيخ محمد سليمان وكان رجلًا متدينًا يحفظ القرآن الكريم، وربى نجله على الأمر ذاته، وتلقى الطفل «صالح» تعليمه في المراحل التأسيسية (ابتدائي، وإعدادي) في مدارس بلدته القديمة، أما في المرحلة الثانوية فكانت في رام الله، ومن ثم التحق بجامعة الخليل قسم العلوم الشرعية.. هناك كانت الخطوات أكثر ثباتًا.
المساهمة في تأسيس حماس والاتجاه للعمل المسلح
في عام 1987، تأسست حركة حماس، وسارع كل من يميل قلبه إلى التيار الإسلامي للانضمام إلى حركة المقاومة الفلسطينية، وكان «العاروري» من الرعيل الأول، ومع انطلاق الحركة عرف الشاب العشريني أول درجات الصعود إلى سلم القيادة داخل الحركة، وفي العام 1990، تعرض «العاروري» لأول اعتقال له، وكان اعتقالًا إداريًا – يستمر 6 شهور ويجدد – ولا يستلزم أن يكون هناك اتهاما واضحا، فضلا عن عدم السماح بعرض المعلومات على المتهم أو هيئة الدفاع تحت ذريعة أن الاتهامات «سرية».
ومع الاعتقال الأول للعاروري عرف الطريق إلى النشاط المسلح، فداخل زنازين السجون المكتظة بالفلسطينيين، تعرف على كلا من «عادل عوض الله، وإبراهيم حامد».. اللذين كانا أصحاب مناصب قيادية داخل حركة حماس، وبعد الإفراج عنهم يصبحون أبرز قادة التنظيم العسكري لـ«حماس»، وضموا إليهم الشاب العشريني «صالح العاروري».. ليبدأ بعدها فصلا جديدا في حياته، حيث بدأ العمل بسرية تامة بعد خروجه من السجن، كان يخشى إلقاء القبض عليه وأن تذهب الخطط التي وضعها هباء منثورا، لذا كان الحرص طريقه للاستمرار في المقاومة، اتفقا الثلاثي «العاروري، وعوض الله وحامد» على البدء فورا في بناء تنظيم عسكري في الضفة، في ذلك الوقت.
فشل البداية المسلحة والسجن 15 عامًا
كان العمل المسلح صاحب الحضور الأقوى، بالفعل كانت مجموعات بدأت في تبني لغة السلاح في وجه قوات الاحتلال، وظهرت عدد من المجموعات المسلحة مثل مجموعة ««البراق» بقيادة ناجي سنقرط، ومجموعة «بيت أمر» بقيادة بدر أبوعياش، لم يكتب لها الاستمرار لأخطاء تنظيمية أو لاعتراف كوادرها تحت وطأة التعذيب داخل السجون الإسرائيلية.. وهو ما سيصيب باق الحركات كذلك.
وفي عام 1992، ألقي القبض على «صالح العاروري» ليواجه اتهامات قد تلقي به في غياهب السجون لمدة تصل إلى 15 عاما، إلا أنه في نهاية الامر حكم عليه بـ 5 سنوات، لم يتوقف عن عمله المسلح من داخل السجون، فكان يمتلك شبكة علاقات ضخمة وكبيرة ساعدته على أن يدعم تحركات مسلحة من الخاجرة وهو قابع داخل السجون، ليحكم عليه بالسجن للمرة الثانية لخمس سنوات أخرى، استمر حبسه لنحو 15 عاما، ومن ثم خرج إلى الحياة من جديد بالتحديد في عام 2007، فور خروجه أصدرت قوات الاحتلال قرارا بنفيه خارج البلاد، وكان الخطأ الأكبر لقوات الاحتلال.
البدء في عمليات مسلحة أكثر دموية
نُفيَ «العاروري» إلى سوريا، إبان الحرب السورية 2011، وهناك وجد ضالته في حمل السلاح، وبدأ باستغلال شبكة علاقاته في دعم المجموعات المسلحة داخل فلسطين لتبدأ عمليات مسلحة ضد قوات الاحتلال، إذ ساهم في سفر عدد من أعضاء الحركة إلى سوريا ومن هناك بدأ تدريبهم على السلاح بشكل أكثر حرية دون تخوفات إلقاء القبض عليهم، وقد نجحت حركة حماس من خلال ذراعها المسلح «كتائب القسام» في تنفيذ عملية خطفت لثلاثة مستوطنين قرب الخليل، حينها خرج «العاروري» ليعلن مسؤوليته عن العملية، ووصفها بأنها «عمل بطولي»، لتبدأ ملاحقته دوليا، بعد تلك الواقعة بنحو 3 سنوات.
كان مازال «العاروري» قبل اغتياله حرًا طليقا، يدير المجموعة المنضمة تحت لواء الحركة المسلحة من الخارج، فضلا عن انتخابه عام 2017 منصب نائب رئيس الحركة، واستمر «العاروري» في عمله المسلح، تارة داخل الفصائل الفلسطينية التي تصارعت فيما بينها (فتح، وحماس) وتارة تجاه قوات الاحتلال، الدماء كانت حاضرة في كل خطوة له، ولكن لم يكن صاحب ثقل مبالغ فيه داخل التنظيم، إلا أن جاءت معركة «سيف القدس» في 2021، وتبعها جولة القصف الصاروخي الذي نفّذته المقاومة من عدة بلدان (غزّة، لبنان، سوريا)، لتسلط الأضواء تجاه «العاروري» ودوره الاستراتيجي والعسكري داخل الحركة.
وتقول الوثائق الأمريكية المتعلقة بهذا الإجراء إن العاروري أدار العمليات العسكرية لحماس في الضفة الغربية، وإنه كان مرتبطا بالعديد من الهجمات المسلحة وعمليات الاختطاف جنود إسرائيل، وفي يونيو 2017، طردت قطر ستة من أعضاء حماس، بما في ذلك العاروري، حسبما ذكرت وزارة الخارجية الأميركية قبل أن يستقر في لبنان.