الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

يحرقون الأخضر واليابسة.. جرائم المستوطنين بحق سكان الضفة والقدس تفوق حرب غزة

الضفة الغربية
الضفة الغربية

تمضي سلطات الاحتلال الإسرائيلي قُدماً في إعداد المشهد في الضفة الغربية والقدس لارتكاب سلسلة مماثلة من الفظاعات، حيث تم تكريس الفصل التام بين القدس والضفة وبين بلدات الضفة بعضها البعض، وتقسيم دوائر الضفة إلى بانتوستانات بفرض أطواق تحول الأحياء داخل المدن وبينها وبين القرى وحولها إلى سجون صغيرة مغلقة، وذلك في الوقت الذي يستحوذ فيه قطاع غزة على ذروة الاهتمام بعد تجاوز العدد المؤكد للشهداء فيه الـ21 ألف مدني وتجاوز المفقودين المرجح دفنهم تحت الأنقاض حاجز الـ8 آلاف، والجرحى حاجز الـ55 ألفاً.

وبالتوازي مع هجمات الاحتلال المتواصلة والتي تسشتهدف بشكل رئيسي المخيمات وتدمير البُنى التحتية وهدم المنازل وعمليات الاعتقال والقتل خارج نطاق القانون، يجري تسليح عصابات المستوطنين للمشاركة في عمليات القتل الجماعي والقمع، وإجبار السكان على إخلاء ما عُرف في اتفاق "أوسلو" بالمنطقة "ج" نحو المناطق "ب" و"أ"، وبالمثل دفع سكان المناطق "ب" نحو المنطقة "أ"، على نتحو يمهد لمزيد من الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وإفساح المجال أمام عمليات الاستيطان المتسارعة.

جرائم الاحتلال الإسرائيلي

وبينما انتفضت الإدارة الأمريكية والحكومات الأوروبية نحو فرض قيود على وصول عصابات المستوطنين بحجب التأشيرات، يتساءل الفلسطينيون عن جدوى هذه التحركات التي لا تؤثر بأي شكل على سلوك سلطات الاحتلال تجاههم وجهود الاحتلال لفرض مناخ يدفع الفلسطينيين للهجرة القسرية خارج أراضيهم، حيث بلغ عدد القتلى على يد المستوطنين 8 مدنيين فلسطينيين، فيما بلغ عدد القتلى على يد جيش الاحتلال 308 فلسطينياً، بينهم 280 مدنياً.

وتدرك الحكومات الغربية الحليفة والداعمة للعدوان الإسرائيلي في غزة أن حكومة الاحتلال تُمهد الطريق نحو إجبار سكان القدس والفضة الغربية على الهجرة نحو الأردن، بالتوازي مع حشر 1.7 مليون فلسطيني في قطاع غزة في رفح الحدودية تمهيداً لدفعهم للمغادرة نحو مصر رغم كل الوعود والضمانات الغربية التي أساس لها على الأرض، في وقت بدأت فيه حكومات غربية منح تسهيلات لسكان القطاع للسفر إليها بكامل أفراد الأسرة والإقامة فيها، وهو ما يدعم مخططات الاحتلال لتفريغ القطاع من سكانه.

وتشهد بلدان الضفة الغربية عمليات، منذ تولي حكومة اليمين المتطرف للاحتلال، اقتحامات متواصلة تستخدم فيها الدبابات والطائرات المسيرة بشكل غير مسبوق، وهو ما ساهم في رفع عدد القتلى الفلسطينيين إلى 564 منذ بداتية العام الجاري، منهم 248 بين الأول من يناير و7 أكتوبر 2023، ومن بينهم 221 مدنياُ فلسطينياً ضمن سياسة استفزازية لدفع الشباب الفلسطينيين للرد ومن ثم تبرير ارتكاب الفظاعات بحق السكان، فيما قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ 7 أكتوبر الماضي، 316 فلسطينياً في القدس والضفة الغربية، بينهم 288 مدنياً، وقرابة 4 آلاف جريح، كما اقترب عدد المعتقلين الفلسطينيين في القدس والضفة من الـ 5 آلاف شخص.

وقال صندوق الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف أن عدد الأطفال الفلسطينيين القتلى في الضفة الغربية والقدس قد بلغ حداً غير مسبوق، فقتلت سلطات الاحتلال 83 طفلاً خلال 12 أسبوعاً، وبلغ عدد الجرحى 576 طفلاً.

وكثف جيش الاحتلال الإسرائيلي انتهاكاته في الضفة الغربية بالتزامن مع حرب الإبادة والمجازر الجماعية التي يشنها في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وتزايدت الانتهاكات الإسرائيلية للحق في الحياة، إذ قُتل (316) فلسطينياً، من بينهم (83) طفلًا، معظمهم بنيران قوات الأمن الإسرائيلية، و8 منهم على الأقل من قبل مستوطنين، فضلًا عن إصابة أكثر من (4000) آخرين.

وبلغت عمليات إطلاق النار التي نفذها جنود الاحتلال ومستوطنيه نحو (698) عملية خلال شهر أكتوبر فقط، فيما بلغ عدد المستوطنين الذي اقتحموا المسجد الأقصى خلال أكتوبر 2023 حوالي (7855) مستوطنا.

وتفرض قوات الاحتلال منذ السابع من أكتوبر 2023، حصارا خانقا على الصلاة في المسجد الأقصى الذي تضاءل عدد المصلين به - في صلوات الجمعة- من (50) ألف مصلٍّ تقريبا إلى نحو (5000) فقط.

وفيما يتعلق بملف الأسرى والمعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال، فقد بلغ عدد حالات الاعتقال التي نفذتها قوات الاحلال ضد المقدسيين (271) حالة اعتقال من بين أكثر من (4700) عملية اعتقال في الضفة الغربية.

وتوسعت قوات الاحتلال في ممارسة الاعتقال الإداري، في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة، وتزايدت حالات الوفاة في السجون الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر 2023، إذ استشهد أربعة محتجزين فلسطينيين في مرافق احتجاز إسرائيلية في ظروف لم يجرِ التحقيق فيها بعد.

وكان اثنان من المتوفين الأربعة عمالًا من قطاع غزة المحتل، يحتجزهم الجيش الإسرائيلي بمعزل عن العالم الخارجي في مراكز اعتقال عسكرية، ولم يُعلن الجيش عن وفاتهم إلا بعد تحقيق نشرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية.

اعتقالات بحق الفلسطينيين 

ووفقًا لهيئة شئون الأسرى، اعتقلت قوات الاحتلال نحو (4730) فلسطيني، منذ 7 أكتوبر الماضي، كما ارتفع عدد المعتقلين إداريًا، دون تهمة أو محاكمة من (1319) إلى (2070) في الفترة ما بين 1 أكتوبر و1 نوفمبر 2023، كما اعتقلت قوات الاحتلال في 26 ديسمبر الجاري، (55) فلسطينيا بينهم (3) سيدات وصحفيان في مناطق متفرقة بالضفة الغربية، لترتفع حصيلة الاعتقالات منذ 7 أكتوبر 2023 إلى (4785)، ووفقا لنادي الأسير الفلسطيني تركزت عمليات الاعتقال في محافظات بيت لحم والخليل ونابلس ورام الله وطولكرم وطوباس.

وأعلنت مصلحة السجون الإسرائيلية، أن لديها (6809) أسيرًا فلسطينيًا منذ 1 نوفمبر 2023، فيما مددت السلطات الإسرائيلية في 31 أكتوبر 2023، حالة الطوارئ في سجون الاحتلال، التي تكرس المعاملة اللا إنسانية والمهينة بحق الأسرى، وتمنح وزير الأمن القومي الإسرائيلي سلطات شبه مطلقة لحرمان الأسرى المحكوم عليهم من زيارة المحامين وأفراد أسرهم، واحتجازهم في زنازين مكتظة، وحرمانهم من التريّض في الهواء الطلق، وفرض تدابير جماعية قاسية عليهم مثل قطع الماء والكهرباء لساعات طويلة، مما يسمح بتكثيف المعاملة القاسية واللا إنسانية للمحتجزين، في انتهاك لحظر التعذيب وغيره من ضروب المعاملة  اللاإنسانية.

وعلى صعيد الاقتحامات والمداهمات، تصاعدت علميات الاقتحام والمداهمة في مدن ومخيمات الضفة الغربية المحتلة، منذ 7 أكتوبر 2023، ومن أبرز نماذج الاقتحامات والمداهمات، اقتحام قوة إسرائيلية في 27 ديسمبر 2023 مخيم الفارعة، والذي شهد عمليات تفتيش طالت العديد من المنازل، وأطلقت قوات الاحتلال النار على المتظاهرين الذين حاولوا التصدي لعملية الاقتحام، وأسفر الاقتحام الإسرائيلي عن استشهاد (4) فلسطينيين.

وشنّت قوات الاحتلال في 25 ديسمبر 2023، سلسلة اقتحامات ومداهمات في عدد من المدن والبلدات بما فيها جنين، ونابلس، ومخيم عقبة جبر قرب أريحا، وبلدة سعير بمحافظة الخليل، حيث اعتقلت عددًا من المواطنين، وجرفت شوارع وخرّبت ممتلكات فلسطينية في مخيمي جنين وبلاطة، قبل الانسحاب منها.

وأصيب 10 فلسطينيين في مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدة مدن بالضفة الغربية في 21 ديسمبر الجاري، ففي مدينة رام الله وسط الضفة الغربية أصيب 5 فلسطينيين بجروح خلال اقتحام قوات من جيش الاحتلال المدينة، فيما اندلعت مواجهات بين المواطنين وقوات الاحتلال بعد اقتحام 30 آلية إسرائيلية لعدة أحياء بالمدينة، وأطلقت الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الغاز السام المسيل للدموع.

كما داهمت القوات الإسرائيلية عدة منازل ومحال تجارية، وصادرت تسجيلات كاميرات مراقبة لعدد من المحال التجارية، فيما اندلعت في بيت لحم مواجهات عقب تشييع جثمان الشهيد "محمود زعول" في قرية حوسان غرب بيت لحم.

وكانت قرية حوسان تشهد إضرابا، حدادا على استشهاد "زعول"، الذي استُشهد في 20 ديسمبر 2023 بعد إصابته بالرصاص الحي في الرقبة خلال اقتحام جيش الاحتلال للقرية، وبقرية التل اقتحمتها قوات الاحتلال من عدة مداخل، وداهمت عددا من منازل المواطنين وفتشتها.

كذلك اقتحمت قوات الاحتلال قلقيلية ونصبت حواجز على مداخلها، مما أدى لاندلاع مواجهات أطلقت خلالها تلك القوات الرصاص الحي.

واستشهد (6) فلسطينيين، يوم 27 ديسمبر الجاري، على إثر قصف طائرة إسرائيلية مسيرة، في مخيم نور شمس شرقي طولكرم بالضفة الغربية المحتلة، فيما أعاقت قوات الاحتلال وصول سيارات الإسعاف لنقل والمصابين إلى المستشفى. 

وكانت قوات إسرائيلية قد اقتحمت بآلياتها وجرافاتها العسكرية المدينة من محورها الغربي، مرورًا بشارع خضوري وميدان جمال عبد الناصر وسط المدينة، وشارع مجمع الكراجات القديم، فيما توجهت قوة أخرى من جهة دوار المحاكم باتجاه مخيم نور شمس، وتمركزت في حي المنشية وفرضت عليه حصارًا شديدًا.

كما اقتحمت عدد من منازل المواطنين في مختلف حارات المخيم وتحديدًا منطقة المنشية، والمحجر، والجورة، والدمج، وجبل النصر، وخربت محتوياتها وأخضعت قاطنيها للاستجواب.

أوضاع مأساوية للأطفال

وتؤكد المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن كل إجراء أو تنديد تتبناه الإدارة الأمريكية وغيرها من الحكومات الحليفة للاحتلال الإسرائيلي لا قيمة لها ما لم يتم الوقف الفوري لإطلاق النار في عموم الأراضي الفلسطينية وسحب قوات الاحتلال خارج المناطق الفلسطينية ووقف الاستفزازات المنهجية التي تتبعها حكومات يمين ديني متطرف لا تأبه لحياة البشر وتُحلل قتل البشر على أساس انتماءاتهم الدينية والعرقية.

من جانبه، قال "عصام يونس" نائب رئيس مجلس أمناء المنظمة العربية لحقوق الإنسان، إن الوقت في الأراضي الفلسطينية المحتلة يُحتسب بالثواني وليس بالساعات، وأن كل تأخير في وقف إطلاق النار وفي إنهاء الاحتلال يعني مزيداً من سفك دماء المدنيين الفلسطينيين المحميين بموجب قواعد القانون الدولي، حيث يسقط كل دقيقة ٤ فلسطينين ما بين شهيد وجريح.

وأضاف "يونس"، أن على الجميع أن يتذكر أنه وبينما العالم يحتفل برأس السنة الميلادية، سيكون هناك أكثر من مليون طفل فلسطيني يفترشون العراء بلا طعام أو دواء وبلا حماية في قطاع غزة المحتل.