قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء، إن علم التصوف يقوم بإنشاء كثير من المصطلحات للتعبير عن الواقع ، وهل الواقع مصدر من مصادر المعرفة ؟ نعم هكذا في أوائل ما نزل القرآن الكريم ، نزل ليُبين لنا أن مصادر المعرفة هى هذا الكون الذى خلقه الله سبحانه وتعالى فيما أسماه المفكرون المسلمون فيما بعد بـ "كتاب الله المنظور" ، وأن هو هذا الوحى الذى أنزله الله سبحانه وتعالى في "كتاب الله المسطور" ، وأن الذي يقوم بهذا ذلك الإنسان الذي يتأمل ويتدبر في " كتاب الله المسطور" وفي "كتاب الله المنظور" لأنه هو نفسه "كتاب الله المقدور" .
هل الواقع مصدر من مصادر المعرفة ؟
وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”: انظر كيف جعلوا مثل هذه المصطلحات لبيان حقائق لا يختلف فيها اثنان ؛ولذلك أسموا الكون بـ"الكتاب الصغير" وبعضهم أسماه بالكتاب الكبير ـ من ناحية الحجم ـ ، والقرآن بـ"الكتاب الكبير" في مقابل الكتاب الصغير ،أو الكتاب الصغير في مقابل الكتاب الكبير من ناحية الحجم .
إذن فعندنا كتابان، أمرنا الله سبحانه وتعالى في سورة العلق {اقْرَأْ} ـ قراءة أولى ـ {بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إذن نبهنا إلى هذا الكون الذي حولنا ، وأننا سنبدأ منه فنصل إلى الله .
وَفِى كُلِّ شَئٍ لَهُ آيَةٌ .. تَدُلُ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدٌ
{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} و(القلم) هو الوحى، إذن فأنا عندي كتاب الله المنظور وهو الكون ونأخذ منه معرفةً ، وعندي كتاب الله المسطور وهو القرآن ونأخذ منه معرفةً ، المعرفة التي يُحصِّلها الكتاب المقدور الذى هو الإنسان من الأكوان ومن القرآن متطابقة ليست بينها أي منازعة أو اختلاف أو تناقض ، ولذلك ليس هناك أي تناقض بين العلم والدين ،ليس هناك أصلاً نزاع بين العلم والدين عند المسلم وفى عقيدته وفى عقله ..لماذا ؟
وشدد علي جمعة: لأن كتاب الله المسطور وكتاب الله المنظور صدرا من عند الله سبحانه وتعالى ، فلا تناقض ، {أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ ۗ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} إذًا الخلق هو من عند الله ، والأمر هو من عند الله ؛ الخلق كتاب الله المنظور ، والأمر كتاب الله المسطور لأنه روح من عند الله ، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} سمى هذا الكتاب بأنه روح ، سمى هذا الكتاب بأنه من أمر الله ، والأكوان من خلق الله ؛ ولذلك أهل السنة والجماعة على أن القرآن كتاب الله وهو دال على كلامه غير المخلوق القائم بذاته سبحانه وتعالى ، هذه هي عقيدة أهل السنة التي هى عقيدة أهل الله من الصوفية .