يُمثل ملف سد النهضة أهمية كبرى لمصر، التي طرقت كل الأبواب خلال السنوات الماضية؛ لإيجاد حلول دبلوماسية للملف الأشهر في العقد المنصرم، ولكن لا تزال إثيوبيا ثابتة عند موقفها المتعنت والرافض لأي حلول مع دولتي المصب "مصر والسودان"، حيث تعمل أديس أبابا على فرض واقع من جانب واحد ترى فيه القاهرة والخرطوم أنه يضر بمصالح شعوبهما.
وانتهى، الثلاثاء الماضي، الاجتماع الرابع والأخير من مسار مفاوضات سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا، الذي سبق إطلاقه في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بالانتهاء من الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف أربعة أشهر.
مفاوضات سد النهضة
وبحسب بيان لوزارة الموارد المائية والري، لم يسفر الاجتماع عن أي نتيجة نظرًا لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتمادي إثيوبيا في النكوص عمّا تم التوصل له من تفاهمات ملبية لمصالحها المعلنة.
وحذر وزير الري، المهندس هاني سويلم، السبت، إثيوبيا من الإضرار بالأمن المائي، مؤكدًا أن مصر فتحت المسار التفاوضي بناء على ما اتفق عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد وكان مدته 4 أشهر وانتهت الفترة دون جدوى.
وأضاف سويلم - خلال تصريحات لـ "العربية"، أن مصر لم تستطع التوصل لاتفاق على مدار 12 عامًا مع الجانب الإثيوبي في الملء والتشغيل، وتساءل: "كيف تعلن إثيوبيا أنها تلتزم بحماية احتياجات مصر والسودان وفي نفس الوقت تخصم من مياه النيل 26 مليار متر مكعب في الملء الرابع".
وأضاف أن مصر "تراقب ما يحدث في الجانب الإثيوبي والإجراءات الاحادية"، محذرا أديس أبابا من الإضرار بالأمن المائي "لأن مؤسسات الدولة المصرية لن تسمح بذلك"، وكشف عن أن مصر لم تتفق على بنود تخص ملء سد النهضة، متهمًا إثيوبيا بإقحام مواضيع أخرى في التفاوض "وذلك رغبة في الهيمنة علي النيل الأزرق وهو ما لن نسمح به".
ولفت: "ليس لدينا معلومات عن التفاصيل التصميمية النهائية بشأن سد النهضة ولا نستطيع تقدير أمان السد ويبقى هذا قلقا مشروعا"، وحذر من أن انهيار سد النهضة سيمحو السدود السودانية من على الأرض ويؤثر على 150 مليون مواطن في مصر والسودان.
احتمالية انهيار السد
وكانت وزارة الري قد أعلنت، الأسبوع الماضي، فشل الجولة الأخيرة التي عُقدت في أديس أبابا بشأن سد النهضة، مؤكدة أن المسارات التفاوضية انتهت في الوقت الحالي، بسبب ما عدته "استمرار المواقف الإثيوبية الرافضة للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط، التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث، وتماديها إثيوبيا في النكوص عما جرى التوصل له من تفاهمات".
ويرى خبير الموارد المائية الدكتور ضياء الدين القوصي، أن "احتمالات انهيار سد النهضة تظل قائمة"، موضحاً أن السد مبني في منطقة معرضة للأنشطة الزلزالية والبركانية، وهي منطقة تسمى فالق (تعني شقاً في الأرض يفصل جزأين من القشرة الأرضية، وأي هزة أرضية ستكون نتيجتها انهيار السد، كما أن تربة المنطقة تسمى تربة "شبه انهيارية" بسبب طبيعتها الجيولوجية، وهي تربة تتآكل بمرور المياه فيها، وتبتلع كميات كبيرة من المياه، ما قد يسبب انهياراً وتشققات بالمنطقة".
ورغم التعثر الأخير، لم يستبعد القوصي العودة إلى المسار التفاوضي، مؤكداً أن "مصر تحتاج إلى العودة للمفاوضات قبل أن تتخذ قرارات صعبة"، حيث صرحت بأنه "لا تهاون أو تفريط في أمن مصر المائي".
وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، إن سد النهضة مهدد بمخاطر جيولوجية وطبيعية كثيرة قد تتسبب في انهياره، وأكد أنه بجانب كون الهضبة الإثيوبية نشطة زلزالياً، فإن الفالق الذي بُني عليه السد يسمى "الأخدود الأفريقي العظيم"، وهو أكبر فالق على سطح الأرض، ونشط ويتسع سنوياً بمعدل من 1 إلى 2 سنتيمتر، ليقسم إثيوبيا إلى نصفين، هذا الفالق أدى إلى تكوين صخري عبارة عن براكين، وهي صخور ضعيفة لا تتحمل منشآت ضخمة.
وأضاف شراقي- خلال تصريحات له، أن إثيوبيا لديها نظام مطري فريد، حيث تتعرض لأمطار غزيرة في فترة زمنية قصيرة عبارة عن فيضانات، تسقط من الجبال بقوة، وسد النهضة في منطقة منخفضة، ولا يتحمل هذه الفيضانات.
أنشط الدول زلزاليا
وأشار شراقي، إلى أن إثيوبيا من أنشط دول أفريقيا زلزالياً، وقد تعرضت العام الحالي إلى 5 زلازل، أحدها كان قريباً من سد النهضة بمسافة نحو 100 كيلومتر، والمفاوضات لن تتوقف، وأي تواصل بين القيادة السياسية في البلدين ستعقبه عودة للمباحثات.
سد النهضة يقع في منطقة معرضة للأنشطة الزلزالية والبركانية، وهي منطقة تسمى فالق تعني شقاً في الأرض يفصل جزأين من القشرة الأرضية، وأي هزة أرضية ستكون نتيجتها انهيار السد، كما أن تربة المنطقة تسمى تربة "شبه انهيارية" بسبب طبيعتها الجيولوجية، وهي تربة تتآكل بمرور المياه فيها، وتبتلع كميات كبيرة من المياه، ما قد يسبب انهياراً وتشققات بالمنطقة.
من جعته، أكد علاء الظواهري عضو الوفد المصري للتفاوض في ملف سد النهضة، أنه "يتم وضع عدة سيناريوهات أثناء التفاوض مع الجانب الإثيوبي".
وقال الظواهري - خلال حواره مع الإعلامي أحمد موسى في برنامجه "على مسئوليتي"، المذاع على قناة "صدى البلد": "لم نذهب إلى أي اجتماع إلا بتواجد أكثر من سيناريو للتعامل ويكون هناك توافق على كافة السيناريوهات على كافة المستويات وحتى رئيس الدولة".