تفصلنا أيام قليلة عن بداية العام الجديد 2024، والذي يحمل توقعات كبيرة حيال وضع الاقتصاد المصري، حيث تشير الدلال إلى حدوث انفراجة اقتصادية في أزمة توافر الدولار من خلال التخارج من مزيد من الشركات المملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات الحكومية، إضافة إلى طرح سندات دولية في عدد من الأسواق، وضخ مزيد من الاستثمارات الأجنبية والحصول على قرض صندوق النقد الدولي بعد التوصل إلى اتفاق جديد مع القائمين على الصندوق.
[[system-code:ad:autoads]]
حل أزمة الدولار في 2024
وتتحرك الحكومة في اتجاهات عدة وتسارع من وتيرة الإجراءات التي تنفذها لإيجاد حل لأزمة نقص السيولة الدولارية "الدولار"، والتي يأتي في مقدمتها برنامج الطروحات، إضافة إلى التوسع في عملية طرح سندات دولية في عدد من الأسواق، والمضي قدما في المحادثات مع صندوق النقد الدولي؛ لتوسيع حزمة المساعدات المقدمة من الصندوق لمصر.
ويتفاءل محللون بأن العام المقبل وبعد إجراء الانتخابات الرئاسية، قد يشهد انفراجة اقتصادية، في ظل عدد من المؤشرات المختلفة والثمار المُنتظر حصادها، بما في ذلك انضمام مصر لمجموعة بريكس، وتفعيل اتفاقية مبادلة العملات مع بعض من الدول، وغيرها من الأمور التي تشكل دفعة على المدى القصير، جنباً إلى جنب والاستراتيجيات التي تتبعها الدولة المصرية للإصلاح الاقتصادي والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتعظيم المنتج المحلي لتخفيف الضغط على الدولار وجذب استثمارات جديدة، وجميعها ضمن العوامل التي تُبشر بانفراجات أوسع على المديين المتوسط والطويل.
وقال رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، إن الدولة المصرية تعتمد من خلال وثيقة سياسة ملكية الدولة على أن تتخارج ـ كليا أو جزئيا ـ من العديد من الأنشطة والقطاعات، مضيفا أنه رغم الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر، بالإضافة للظروف السياسية على المستوى الإقليمي والدولي والتي يكون لها أثر بالغ وتداعيات كبيرة على الوضع الاقتصادي، ليس في مصر فقط بل في العالم بأسره، فإننا كنا حريصين على تنفيذ ما تعهدنا به بشأن موضوع الطروحات، وإشراك القطاع الخاص في العديد من القطاعات.
وخلال حديثه مع الصحفيين الأربعاء، لفت رئيس الوزراء إلى أنه منذ بدء الإعلان عن هذه الطروحات حققنا ما قيمته 5.6 مليار دولار، من خلال التخارج كليا أو جزئيا من 14 شركة، والأهم أنه في ظل الظروف التي تحدث والمستجدات والتعقيدات، كان هناك توافق في مجلس الوزراء أن يكون تنفيذ موضوع الطروحات من خلال إطار مؤسسي يحكم عملية الطروحات، وهو ما تم بالفعل عن طريق إنشاء وحدة الطروحات برئاسة مجلس الوزراء، التي تقوم بدور الإشراف على وإدارة وتنسيق كل ما يخص عمليات الطروحات، وذلك بالتنسيق مع كل جهات الدولة وعلى رأسها صندوق مصر السيادي وجميع الجهات المالكة للشركات التي يتم طرحها.
طرح الحكومة سندات دولية
يأتي ذلك في وقت تدرس فيه الحكومة ممثلة في وزارة المالية طرح سندات بالعملات الخليجية، بعد نجاحها في العودة إلى السندات الدولية، وبعد خفض التصنيف الائتماني للديون السيادية المصرية.
وتبحث وزارة المالية دراسة لطرح سندات بالعملات الخليجية خلال الفترة المقبلة، لكن هذا يحتاج إلى التنسيق مع المستشارين والمحامين، والأمر ليس سهلاً، حيث أكد وزير المالية الدكتور محمد معيط، أن "الحصول على تمويلات بتكلفة معقولة لم يعد سهلاً، بسبب التصنيف الائتماني لمصر والسياسة النقدية المتشددة".
وأضاف معيط في تصريحات صحفية الأربعاء، أن الاتجاه لذلك يحتاج إلى التنسيق مع جهات المستشارين، لافتًا إلى أن الحصول على تمويلات بتكلفة معقولة لم يعد سهلاً بسبب التصنيف الائتماني، موضحا أن وزارة المالية تدرس أيضا طرح سندات زرقاء في السوق الهندي من أجل تنويع الإصدارات في سوق السندات، بعد أن طرحت مصر سندات ساموراي باليابان، وباندا في الصين بهدف تنوع عملات الإصدار، وعدم الاعتماد على الدولار فقط.
وأشار معيط، إلى أن تكلفة الاقتراض من أسواق آسيا بلغت نحو 3.5% مقارنة بتكلفة أعلى لليورو بوند أو الأسواق الدولية الأخرى.
وانتهت المالية، في أكتوبر الماضي من إصدار سندات باندا في السوق الصيني، لأجل 3 سنوات بقيمة 3.5 مليار يوان بما قيمته حوالي 500 مليون دولار، فيما عادت لطرح الإصدار الثاني من سندات الساموراي داخل اليابان في نوفمبر الماضي بقيمة 75 مليار ين ياباني بما قيمته 500 مليون دولار.
ضخ حفنة استثمارات جديدة
فيما أعلن الوزير مفوض تجاري يحيى الـواثق بالله رئيس جهـاز التمثيـل التجاري، أن هناك عدد من الشركات الأجنبية أبدت رغبتها في الاستثمار بالسوق المصرية في العديد من المجالات الصناعية وبصفة خاصة من الهند والصين واليابان وتركيا وألمانيا وبلجيكا، ومن المتوقع أن تتواجد هذه الشركات في السوق المصرية خلال الربع الثاني من عام 2024 بعد توقيع عدد من الاتفاقيات والشراكات مع الحكومة المصرية.
وأكد الواثق بالله، أن 21 مليار و500 مليون دولار استثمارات أجنبية مرتقب دخولها لمصر قريبا، مشيرا إلى أن التصدير يواجه تحديات منها: ظاهرة البيع بالعمولة وحرق الأسعار من خلال دخول شرائح جديدة في القطاع لرغبتهم في الحصول على الدولار بأي ثمن، مطالبا بتنقية كشوف المصدرين وتشكيل لجنة فنية لقبول أو رفض البعض منهم نظرا لقيامهم بحرق الأسعار وتخفيض أسعار الطن إلي مستوي غير مقبول.
وقد أشار رئيس الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين، محرم هلال، إلى أن الأصول المصرية أصبحت مغرية للاستثمار في ظل تراجع العملة المحلية أمام الدولار، مضيفًا: "المستثمر الأجنبي الذي لن يستثمر في مصر خلال الفترة الحالية سيندم طوال عمره، فهناك العديد من الأصول العقارية والسياحية وحتى المصانع معروضة للشراكة مع القطاع الخاص بأسعار لن تجد لها مثيلًا في المنطقة، وهذه ليست وجهة نظري فقط ولكنها آراء أغلب الاقتصاديين حول العالم".
وكانت القاهرة قد استقبلت في نوفمبر الماضي، وفودا رسمية من دول خليجية لبحث ضخ استثمارات جديدة في السوق المحلية بمختلف الأنشطة الاقتصادية، بعد أيام قليلة من إعلان مؤسسات دولية عزمها ضخ استثمارات في مصر، حيث استهلت المملكة العربية السعودية زيارات الوفود الخليجية إلى مصر، بوفد برئاسة ماجد القصبي وزير التجارة السعودي، وبرفقته 91 رجل أعمال سعودي.
ويأتي كل ذلك في وقت تترقب فيه الحكومة المصرية التوصل لحل مرضي مع القائمين على صندوق النقد الدولي، وسط تكهنات بزيادة حزمة التمويل إلى 6 مليارات.