أعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، عن إطلاق عملية متعددة الجنسيات لحماية التجارة في البحر الأحمر، ويأتي ذلك في أعقاب سلسلة من الهجمات الصاروخية وبطائرات مسيرة شنها الحوثيون المتحالفون مع إيران في اليمن.
وقال أوستن، الذي يقوم بزيارة إلى البحرين، التي تستضيف الأسطول الأمريكي في الشرق الأوسط، إن الدول المشاركة تشمل "بريطانيا والبحرين وكندا وفرنسا وإيطاليا وهولندا والنرويج وسيشيل وإسبانيا".
[[system-code:ad:autoads]]
هجمات الحوثيين
وذكر أنهم سيقومون بدوريات مشتركة في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن، مردفا: "هذا تحد دولي يتطلب عملا جماعيا، ولذلك أعلن عن إطلاق عملية حارس الازدهار، وهي مبادرة أمنية مهمة جديدة متعددة الجنسيات".
وصعد الحوثيون هجماتهم على ناقلات النفط وسفن الشحن وغيرها في البحر الأحمر، معتبرين أنهم بذلك يمارسون ضغوطاً على إسرائيل بسبب حربها مع حركة حماس في قطاع غزة.
وذكرت القيادة المركزية الأميركية في بيان، اليوم الثلاثاء، أن الحوثيين نفذوا هجومين على سفينتين تجاريتين في جنوب البحر الأحمر، الاثنين.
وقالت: "تعرضت سفينة نقل المواد الكيميائية / النفط سوان أتلانتيك لهجوم بطائرة مسيرة هجومية أحادية الاتجاه وصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقا من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، وفي الوقت نفسه تقريباً، أبلغت سفينة البضائع السائبة كلارا عن انفجار في مياه بالقرب من موقعها، وهذا الهجوم منفصل عن الهجوم على السفينة سوان أتلانتيك".
وشن الحوثيون مؤخرا أكثر من 20 هجوما بحريا ضد سفن الشحن كان آخرها، يوم الإثنين، عندما قصفت بالطائرات المسيرة سفينة "سوان أتلانتيك" المحملة بالنفط والأخرى سفينة "إم إس سي كلارا" تحمل حاويات بزعم ارتباطهما بإسرائيل.
وكانت مدمرة أمريكية مزودة بصواريخ موجهة قد أسقطت، السبت الماضي، نحو 14 طائرة مسيرة أطلقها الحوثيون في البحر الأحمر، لكن مليشيات الحوثي أعلنت أن الهجوم الواسع النطاق بالمسيرات كان يستهدف مدينة إيلات الإسرائيلية.
وأعلنت مليشيات الحوثي في 15 ديسمبر الجاري، قصف سفينتي حاويات "إم إس سي ألانيا "و" إم إس سي بالاتيوم" بصاروخين بحريين.
واقترب زورق سريع يستقله مسلحو الحوثي من سفينتين كانتا تبحران قبالة ميناء الحديدة في 13 من الشهر الجاري، فيما أبلغت ناقلة كيماويات ترفع علم جزر مارشال عن تبادل لإطلاق النار مع زورق حوثي قبالة الحديدة.
كما اقترب زورق سريع من ناقلة بضائع ترفع علم مالطا، بينما أعلنت سفينة حربية أمريكية في مضيق باب المندب عن إسقاط طائرة مسيرة كانت تحلق في اتجاهها.
وأعلنت مليشيات الحوثي استهداف ناقلة نفط نرويجية تدعى "ستريندا" بصاروخٍ بحري في 12 ديسمبر الجاري، فيما أسقطت فرقاطة فرنسية طائرة مسيرة كانت تستهدف ذات الناقلة.
وأسقطت فرقاطة فرنسية، 6 و10 ديسمبر الجاري، مسيرتين حوثيتين في البحر الأحمر كانتا متجهتين نحوها، فيما أسقطت البحرية الأمريكية طائرة مسيرة قادمة من منطقة سيطرة مليشيات الحوثي.
أما في 3 من الشهر ذاته، نفذت مليشيات الحوثي 4 هجمات بالصواريخ والطائرات المسيرة ضد 3 سفن في البحر الأحمر وهي "نمبر9"، "أم في سوفي"، "يونيتي إكسبلور"، وهذه الأخيرة مملوكة لبريطانيا، فيما أسقطت مدمرة أمريكية طائرات مسيرة حوثية كانت متجهة في اتجاهها.
جماعات الحوثي
وكانت عدة دول مشاركة في التحالف الدولي البحري أعلنت، الثلاثاء، توجه أساطيلها نحو البحر الأحمر للتصدي لتهديدات الحوثيين المزعزعة لأمن واستقرار المنطقة بما في ذلك إيطاليا وبريطانيا، حيث أرسلت هذه الأخيرة المدمرة دايموند.
لكن ورغم تدفق الأساطيل للبحر الأحمر لإرسال رسالة حازمة للحوثيين بقدرة المجتمع الدولي على ردع تهديداتهم، اعتبرت المليشيات أن الهدف من التحالف الدولي البحري "حماية إسرائيل" وأن عملياتهم سوف تستمر، في مؤشر على تحدي إرادة المجتمع الدولي ومواصلة تهديداتها.
ويرى خبراء يمنيون أن عملية حارس الازدهار لن تتمكن من تأمين البحر الأحمر ما لم تعمل على تحجيم قدرات الحوثي واستهداف مصدر قوتها المتمثلة في الصواريخ المضادة للسفن وورش الطائرات المسيرة والقوارب المفخخة.
وأكد الخبراء أن خطوة المجتمع الدولي لا تكفي لردع الحوثيين، وأنه كان الأولى تصنيفهم كمنظمة إرهابية ودعم القوات اليمنية المحلية لاستعادة الأراضي من تحت سيطرة المليشيات خصوصا موانئ الحديدة التي تتخذها قاعدة انطلاق لتهديد البحر الأحمر.
من جانبها قالت مديرة وحدة الرصد والترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، شيماء المرسي: منذ تصاعد العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة، وهجمات جماعة الحوثي على السفن تتزايد عند مضيق باب المندب، بدعوة التضامن مع الفلسطينيين، واعتراض أي سفينة تابعة لإسرائيل. إلى أن أصبح هنالك تهديد فعلي وخطرًا على حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وأضافت "المرسي"، في تصريحات لـ"صدى البلد"، أنه لا شك أن خطوة تشكيل تحالف دولي لدعم حرية الملاحة في البحر الأحمر خطوة مهمة، لصد الهجمات الحوثية التي باتت تؤرق الكثير من الدول، بالإضافة إلى تداعياتها على سلسلة التوريدات العالمية والتي لم تتعافى بشكل كامل من جائحة كورونا، وأن اللافت للنظر هنا هو غياب ردود الفعل الإيراني عن المشهد، خاصة وأن جماعة الحوثي بمثابة وكلاء لديها في اليمن. وقد يكونون الأكثر ملائمة لتوسيع نطاق الحرب مع إسرائيل وفقا لما يتم تداوله في الأوساط السياسية الإيرانية.
وأشارت مديرة وحدة الرصد والترجمة بالمنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية إلى أن مواقف إيران في دعم محور المقاومة، قوبلت بالنقد والهجوم، وأنها ليست سوى شعارات ثورية لا ترقى إلى مستوى الفعل الحقيقي.
وتجدر الإشارة إلى أن إيران لوحت سابقا، إغلاق مضيق هرمز أمام ناقلات النفط إذا منعت سفنها من استخدامها عام 2019، في المقابل هي لديها نفس القدرة على استخدام تلك الورقة للضغط على الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لإرغام إسرائيل على وقف الحرب، وإلا ستعطل وصول ما يقرب من 20% من النفط العالمي إلى مستهلكيه.
ولكن لجأت إيران إلى أحد أذرعها (جماعة الحوثي) في مضيق باب المندب لتبعد الأنظار عنها، خاصة وأن إسرائيل والولايات هددتاها أكثر من مرة بالرد إذا ثبت تورطها في عملية طوفان الأقصى.
وتوقعت أن تتوقف جماعة الحوثي عن تهديداتها في البحر الأحمر، ولا أن تواجه برد عسكري رادع، لكن ستكون هناك محاولات حقيقية لتأمين حركة الملاحة في مضيق باب المندب؛ لأن الوضع في الداخل الأمريكي لا يحتمل التورط في حرب جديدة، بعدما استنزفت الأخيرة في الحرب الأوكرانية، وحاليا تواجه ضغطا دوليا وشعبيا لدعمها إسرائيل، والموقف الآن متوقف على نتائج الحرب في غزة، ونجاح المباحثات الجارية لوقف إطلاق النار.