جرائم 2023 والتي تضمنت واحدة من ابشع الجرائم حملت مسمى إعلامي «طبيب الساحل»، تلك الجريمة التي هزت أركان الرأي العام في مصر، بعد أن تم الكشف عن مقتل طبيب عظام والعثور على جثمانه داخل عيادة في الساحل، وأن وراء ارتكاب الواقعة طبيب زميل له ومحامية وعامل في عيادة الطبيب، وأسدلت محكمة جنايات القاهرة الستار على الواقعة بالحكم بإعدام الطبيب ومساعده والسجن 15 عاما للمحامية.
[[system-code:ad:autoads]]
جرائم 2023.. قصة طبيب الساحل
واقعة طبيب الساحل، التي سُطرت ضمن جرائم 2023، كشفت تفاصيلها النيابة العامة، حيث تلقت إخطارا يوم الاثنين 12 يونيو تضمن تغيب المجني عليه «طبيب الساحل» أسامة توفيق - طبيب عظام بمستشفى معهد ناصر منذ يوم 4 يونيو، حيث كان متوجها إلى مقر عمله وأغلق هاتفه واختفى أثره، وتمكنت الشرطة باستخدام التقنيات الحديثة من تحديد آخر زمان ومكان تواجد بهما، حيث كان برفقة صديقه المتهم أحمد شحتة - طبيب عظام بذات المستشفى، وانتقلت الشرطة إلى مقر عيادة الأخير، وتبين وجود آثار ترميمات حديثة بها وأجولة تحوى مخلفات حفر، وانبعاث لرائحة كريهة من العيادة واشتبهت الشرطة في وجود جثمان مدفون بها، وأخطرت النيابة العامة حينها.
سجل واحدة من ابشع جرائم 2023، تضمن انتقال النيابة العامة إلى مقر العيادة لمعاينتها وبرفقتها الطبيب الشرعي، وأحد المختصين بالإدارة العامة لتحقيق الأدلة الجنائية، حيث تبينت بالوصول إليها انبعاث رائحة كريهة منها، وبعثرة ببعض محتوياتها، وعثرت على آثار دماء فيها، وأدوات حفر وهدم مخبأة سبق استخدامها، ومخلفات للحفر، والعديد من الملاءات الطبية، إذ تمكنت النيابة العامة أثناء المعاينة من تحديد مصدر الرائحة الكريهة عند أعمال ترميم وبناء حديثة أسفل ثلاجة بإحدى الغرف، فأمرت بالحفر تحتها فعثرت على جثمان المجني عليه، وكلفت الطبيب الشرعي بإجراء الصفة التشريحية عليه؛ لبيان ما به من إصابات، وسبب وكيفية وفاته، مع أخذ عينات منه لاستخلاص بصمته الوراثية، وكذا فحص آثار الدماء المعثور عليها بالعيادة، ومقارنة بصمتها الوراثية ببصمة المجني عليه، وفحص العقاقير الطبية المعثور عليها بالعيادة لبيان نوعها، وطلبت النيابة العامة تحريات الشرطة حول الواقعة.
التحقيقات في جريمة طبيب الساحل
وعثرت النيابة العامة أثناء التحقيق في واقعة طبيب الساحل على بعض آلات المراقبة التي توصلت من مشاهدة تسجيلاتها إلى تحديد خط سير المجني عليه منذ خروجه من مستشفى معهد ناصر مساء اليوم الذي اختفى من بعده -يوم الرابع من شهر يونيو الجاري- في رفقة أحد المتهمين الثلاثة، وهو العامل بالعيادة، ودخولهما عقارًا بشارع مسجد الرحمة، ثم خروجهما ومعهما الطبيب المتهم من ذات العقار صباح اليوم التالي، كما التقت بعدد من الشهود لسؤالهم، حيث استمعت لأقوال أربعة منهم، فتبينت من حاصل أقوالهم أن المجني عليه تواجد بالقاهرة في الثالث من الشهر الجاري، ثم في الخامس من ذات الشهر وهو اليوم الذي كان مزمعًا على لقاء أحد أصدقائه فيه، حيث اختفى أثره وتبين غلق هاتفه، وكان آخر ما عرف عنه تواجده بمقر عمله في اليوم السابق، كما أكد الشهود أن الطبيب المتهم والعامل لديه قد اشتريا مواد بناء من حانوت على مقربة من العيادة على مدار الشهرين الماضيين بحجة القيام بأعمال ترميم فيها، وعبوات "مياه نار" بحجة وجود انسداد بحمامها، وتوليا نقلها دون غيرهما.
وحددت تحريات الشرطة هوية مرتكبي واحدة من ابشع جرائم 2023، حيث تبين أن المتهمين هم صديق المجني عليه - أحمد شحتة طبيب العظام بمستشفى معهد ناصر - وعامل لديه ومحامية تربطها به علاقة عاطفية، وأمرت النيابة العامة بضبطهم وإحضارهم، وألقي القبض عليهم نفاذًا لذلك، وباستجواب المتهم صديق المجني عليه أقر أنه لعلمه من علاقته بالمجني عليه بتيسر حاله ماديًّا، ودوام حيازته لعملات أجنبية، وبطاقات ائتمانية، اتفق والمتهمان الآخران في غضون مايو الماضي على سرقة المجني عليه بعد أن تستدرجه المحامية إلى وحدة سكنية يستأجرها العامل بحجة توقيع كشف طبي منزلي فيها، حيث يخدره هو والعامل ويقومان بسرقته.
القصة الكاملة لـ طبيب الساحل
ونفاذًا لمخططهم اشترت المحامية عقارًا مخدِّرًا وصفه الطبيب لها، ثم في الثالث من الشهر الجاري طلبت المحامية من المجني عليه الكشف الطبي المدعى، وحدد العامل بالعيادة عنوان الوحدة السكنية المستدرج إليها، فقصدها المجني عليه في اليوم التالي، وفور وصوله إليها برفقة العامل، قيده الطبيب والعامل وحقناه بالمخدر فأغشي عليه، وسرقا حافظة نقوده وبطاقات الائتمان التي بحوزته، وأغلقا هاتفه وأتلفاه خشية تتبعه، ولما بدأ يستعيد وعيه حقناه بالمخدر مرة أخرى ونقلاه لعيادة المتهم بالساحل فجر اليوم التالي خشية افتضاح أمرهما، إذ أخفياه فيها داخل حفرة كانا قد أعداها سلَفًا- ادعى الطبيب المتهم إعدادها لتخزين أدوية فيها لبيعها لاحقًا- ولما استعاد المجني عليه وعيه حينئذ، وحاول الاستغاثة خدره الطبيب مرة ثالثة وتركه دون مأكل أو مشرب ليومين متتابعين حتى توفي، فدفنه هو والعامل داخل الحفرة وفرا هاربين.
وأكد العامل لدى المتهم والمحامية التي تربطه علاقة بها ذات إقرار الطبيب خلال استجوابهما، وأشار العامل إلى أن الطبيب أفهمه أن الغرض من استدراج المجني عليه هو الانتقام منه لخلاف بينهما، وأكدت المحامية أن قصد الطبيب والعامل من حفر الحفرة بالعيادة قبل الواقعة بفترة هو قتل المجني عليه والتخلص من جثمانه بدفنه فيها بعد سرقة أمواله، أو طلب فدية من ذويه نظير إطلاق سراحه، وقد أجرى المتهمان الطبيب والعامل محاكاة مصورة لكيفية ارتكابهما الجريمة داخل الوحدة السكنية التي استدرج المجني عليه إليها، والعيادة التي عثر على جثمانه بها، وأمرت النيابة العامة بحبس المتهمين الثلاثة احتياطيًّا على ذمة التحقيقات؛ لاتهامهم فيها بقتل المجني عليه عمدًا مع سبق الإصرار المقترن بسرقته بالإكراه، وجارٍ اتخاذ إجراءات أخرى في سبيل إقامة الدليل قبلهم، واستكمال التحقيقات.
إحالة المتهمين والحكم عليهم
وفي يوليو 2023 كان هناك قرارا قضائيا في القضية التي سطرت ضمن ابشع جرائم 2023، حيث أحالت النيابة العامة في القاهرة المتهمين بقتل طبيب الساحل إلى محكمة الجنايات المختصة لمحاكمتهم عما أسند إليهم من إتهامات بقتل الطبيب أسامة صبور طبيب الساحل، وتبين من التحقيقات أن المتهم الأول أحمد شحتة بعد قيامه بقتل طبيب الساحل ودفنه في العيادة، حاول تضليل أسرة الطبيب وزملائه في العمل، بعدما إنتشرت أخبار إختفائه لإبعاد الشكوك حوله، حيث أكد لهم أن سبب تغيبه عن العمل وإختفائه القبض عليه على ذمة قضية أموال عامة، وإستعلمت أسرة الدكتور أسامة توفيق طبيب الساحل عن هذه المعلومات حيث تبين عدم صحتها بعد الإستعلام في مباحث الأموال العامة، ومن ثم عاد ليخبر زملائه بأن طبيب الساحل زميله بمعهد ناصر قد يكون ألقى القبض عليه بقطاع الأمن الوطني وهو أيضا ما توصلت أسرة المجني عليه إلى عدم صحته، وبدأت الشكوك تدب في نفوس أسرة الدكتور أسامة حول المتهم.
ونظرت محكمة جنايات القاهرة محاكمة المتهمين في قضية طبيب الساحل، ثم قضت بمعاقبة المتهمين الأول والثاني في قضية طبيب الساحل بالإعدام شنقا والمتهمة الثالثة بالسجن 15 عاما، وقالت محكمة جنايات القاهرة في حيثيات الحكم على المتهمين في قضية طبيب الساحل: أولًا المتهمان الأول والثاني، قتلا أسامة توفيق الست صبور عمدا مع سبق الإصرار بأن بيتا النية وعقدا العزم المصمم على قتله، وأعدا لهذا العرض مقبرة وعقاقير مخدرة واستدرجاه تحايلًا إلى وحدة سكنية حيث انتظره الأول بداخلها يتحين فرصة الإجهاز عليه، وما أن دلف إليها حتى تعدى عليه بأن حقنه بعقار مخدر أفقده الوعي، ونقلاه إلى المقبرة آنفة البيان وأمعنا في إعطائه جرعات من عقاقير مخدرة قاطعين سبل الحياة عنه، قاصدين قتله، فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعي، والتي أودت بحياته.
وتضمنت حيثيات محكمة جنايات شمال القاهرة في واحدة من ابشع جرائم 2023، أنه اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى تقدمتها إذ إنه في ذات الزمان والمكان أولًا خطفوا المجني عليه سالف الذكر بالتحايل، بأن استدرجه المتهمان الثاني والثالثة إلى الوحدة السكنية المعدة سلفًا، بأن هاتفته الثالثة وطلبت منه توقيع كشف طبي منزلي على والدتها، فتقابل مع المتهم الثاني الذي استدرجه إلى مكان تواجد المتهم الأول وأبعدوه لمكان قصى عن بيئته وذويه، وهو الأمر المعاقب عليه بنص المادة 290 / 1، من قانون العقوبات، وسرقا الهاتف المحمول والمبلغ النقدي والبطاقات الائتمانية المملوكة للمجني عليه سالف الذكر كرها عنه، بأن قيداه وتعديا عليه ضربًا وصعقه بأداة صاعق كهربائي، فتمكنا بتلك الوسائل القسرية من بث الرعب في نفسه وشل مقاومته والاستيلاء على منقولاته.