لماذا بكى الصديق عند تلاوة سورة النصر ؟، لاشك أنه أحد أسرار هذه السورة العظيمة ، فرغم أنه فقط ثلاث آيات إلا أنها تحتوي على الكثير من البشارات والعلامات والدروس والمعاني والأسرار، ولعل هذا ما يثير الاهتمام بمعرفة لماذا بكى الصديق عند تلاوة سورة النصر ؟ وماذا فهم من آياتها الثلاث ليجعله يبكي إن كانت تبشر بقرب النصر، والعجيب أن دموع أبو بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- ليست دموع فرح وإنما دموع حزن ، وهذا ما يزيد الحيرة ويجعل الاستفهام عن لماذا بكى الصديق عند سماع سورة النصر ؟، محل بحث من باب العجب والفضول.
[[system-code:ad:autoads]]
لماذا بكى الصديق عند تلاوة سورة النصر
ورد عن لماذا بكى الصديق عند سماع سورة النصر ؟، أنه عندما تُليت سورة الفتح على المسلمين، بكى أبو بكر -رضي الله عنه-، فقد فهم أنّ ذلك يدلّ على بوادر وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وانتهاء أجله بعد أن اكتمل الدين ودخل معظم الناس فيه أفواجاً وجماعات.
سورة النصر
بسم الله الرحمن الرحيم.. (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)).. صدق الله العظيم.
ما هي سورة النصر
ورد أن سورة النصر سورةٌ مدنية، أي نزلت بعد الهجرة النبوية في المدينة المنورة. عدد آيات سورة النصر 3 آيات، فهي من السور القِصار. مكان سورة النصر وترتيبها في القرآن الكريم العاشرة بعد المئة (110). وقت نزول سورة النصر كان بعد نزول سورة التوبة. تقع سورة النصر في آخر جزء من القرآن الكرين؛ أي في الجزء الثلاثين، في الحزب الستّين.
وورد أن موضوع سورة النصر الأساسي هو فتح مكة، ونصر النبيّ والمؤمنين، ودخول معظم العرب في دين الإسلام.
و جاء في سبب نزول سورة الفتح: "لما دخل رسول الله مكة عام الفتح، بعث خالد بن الوليد، فقاتل بمن معه صفوف قريش بأسفل مكة حتى هزمهم الله، ثم أمر بالسلاح فرفع عنهم، ودخلوا في الدين، فأنزل الله (إذا جاء نصر الله والفتح) حتى ختمها"، وقد أخرج ذلك عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري.
وروي أنه في سورة النصر بشّر الله -سبحانه- نبيّه ومن معه بنصره وتأييده، فكان فتح مكة العظيم، فأمر الله النبي -صلى الله عليه وسلم- ومن معه إذا رأوا ذلك النصر أن يسبّحوه ويشكروه، وقد فهم أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- لما نزلت السورة قرب وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فبكى بكاءً شديداً لذلك.
سبب نزول سورة النصر
ورد عن سبب نزول سورة النصر ، أنها نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- في أوسط أيّام التشريق، فعرف من نزولها عليه، بأنّها الوداع، ثم قام في الناس، وخطب خطبة الوداع، وسبب نزولها أنّ الله أمر الرسول -صلى الله عليه وسلّم- بالتسبيح والاستغفار إذا ما رأى علامة النصر؛ وهي دخول الناس إلى الإسلام جماعات جماعات.
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يجمع كبار أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليستشيرهم في شؤون المسلمين، وكان معهم في المجلس عبدالله بن عباس؛ وكان عمره آنذاك عشرون سنة، فاعترضوا على وجوده؛ لصغر عمره، وهم لديهم أبناء في مثل عمره.
وأراد عمر-رضي الله عنه- أن يبين لهم فقهه وعلمه فسألهم: ما تقولون في سورة النصر؟، ففسر بعضهم الآيات على ظاهرها، وقالوا: أمرنا الله إذا انتصرنا أن نحمده ونستغفره، ثم التفت إلى ابن عباس وقال له: ما تقول فيها؟ قال: هي تخبر عن قرب أجل رسول الله فيستعد للموت بالاستغفار، فأقره عمر على هذا الفهم.
وقد ذكر الإمام الرازي في تفسيره اتّفاق الصحابة على أن هذه السورة تدل على نعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، فقد بكا أبو بكر الصدّيق حين قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه السورة؛ لأنّه علم بدنو أجل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبناء على أن سورة النصر تشير إلى إتمام الرسالة، وأداء الأمانة؛ فهي تسمى سورة التوديع، ومن أسمائها أيضا:"إذا جاء".
وقت نزول سورة النصر
ورد أن سورة النصر هي سورة مدنيّة نزلت في المدينة المنورة، بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وهي آخر سورة نزلت جميعًا.
وورد أن سورة النصر هي آخر سورة نزلت كاملة، وقد نزلت بعد سورة التوبة، واستدل العلماء على ذلك بقصة ابن عباس المذكورة سابقاً، وروى الإمام مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال لعبيد الله بن عتبة: (تَعْلَمُ، آخِرَ سُورَةٍ نَزَلَتْ مِنَ القُرْآنِ، نَزَلَتْ جَمِيعًا؟ قُلتُ: نَعَمْ، إذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ، قالَ: صَدَقْتَ).
وجاء في وقت نزول السورة قولان: الأول: أنها نزلت لما فتحت مكة، لأنّ الله أمر النبي بالتسبيح والاستغفار عند الفتح وهذا يؤيده قول ابن عباس وابن مسعود، و الثاني: أنها نزلت بمنى في أيام التشريق في حجة الوداع.
كما نزلت سورة النصر في المدينة المنورة، وقد روي ذلك عن عبدالله بن عباس وعبدالله ين الزبير والتابعي عطاء بن يسار-رضي الله عنهم-.
أسرار سورة النصر
ورد أن عدد كلمات سورة النصر تسعة عشر كلمة ، لكن لطائفها كثيرة جداً، فيما يأتي ذكر بعض من لطائفها:
- الاستبشار بالنصر من عند الله، فقد كان فتح مكة سببا لدخول الناس في الإسلام أفواجاً متتابعة.
- النصر بيد الله -عزوجل- وليس بيد البشر.
- كثرة الاستغفار، فقد أمر الله تعالى نبيه بالاستغفار، وهو أمر له ولأمته -صلى الله عليه وسلم-.
- مشروعية سجدة الشكر، وقول "سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي" في الركوع والسجود.
- الإشارة إلى دنو أجل الرسول -صلى الله عليه وسلم- وحثه على ختم عمره بالتسبيح والاستغفار.
- فضل التسبيح والتحميد والاستغفار، إذ إن أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- بها في ختام عمره يدل على عظم هذه الأعمال عند الله -تعالى-.
- الاستعداد للقاء الله -عزوجل-، فيجب على الإنسان التزود بالتقوى والأعمال الصالحة، تمهيدًا للانتقال إلى الحياة الباقية.
تفسير سورة النصر
قال الله -تعالى- في سورة النصر: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّـهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّـهِ أَفْوَاجًا* فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).
إذا جاء نصر الله والفتح معنى هذه الآية الكريمة: أي سبّح الله يا محمّد إذا أيّدك -سبحانه- بالنصر وأعانك على أعدائك ونَصَرك مع المؤمنين عليهم، ونُسِب النصر هنا إلى -عز وجل- لأنّه هو من يُعين المؤمنين ويؤيّدهم للنصر، ويُقصد بالفتح هنا؛ فتح مكّة، ويُطلق على هذا الفتح أيضاً اسم فتح الفتوح، لعظمته وأهميّته، والفتح أيضاً هو تأييد الله للنبيّ ومن معه ونصره إياهم على أعدائهم وفتح سائر البلاد.
ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا معنى هذه الآية الكريمة: أي دخول الناس في دين الله -تعالى- جماعات وأفواج، حيث صارت العرب تأتي من أقطار الأرض لتختار دين الله الإسلام بعد أن كان يؤمن فيما سبق الواحد والاثنان، لكن بعد فتح مكة دخل أكثر ديار العرب في دين الإسلام.
فسبح بحمد ربك واستغفره معنى هذه الآية الكريمة: أي إذا رأيت يا محمّد ذلك فسبّح بحمد الله؛ أي فاشكره واذكره على ما أنعم وتفضّل به عليك وعلى المؤمنين، واستغفره تواضعاً ودُم على الاستغفار.
إنه كان توابا معنى هذه الآية الكريمة: أي أنّ الله سبحانه يقبل التوبة من عباده، ويغفر لهم، كما أنّ لفظ توّابا صيغة مبالغة، وهذا للإشارة على أنّ الله -عز وجل- كثير القبول لتوبة عباده، وكثير الرحمة بهم.
فضل سورة النصر
ورد من فضل سورة النصر أنها تعدل ربع القرآن، وأُنزلت هذه السورة على الرسول، صلى الله عليه وسلم، أوسط أيام التشريق، وأيام التشريق هي ثان وثالث ورابع أيام عيد الأضحى، أي نزلت ثالث أيام عيد الأضحى المبارك؛ فعلم الرسول، صلى الله عليه وسلم، أنه الوداع، أي خاتمة الرسالة؛ فخطب الناس في خطبة الوداع.
أسماء سورة النصر
ورد من أسماء سورة النصر أنها تُسمى أيضًا سورة “التوديع"، وهي آخر سورة نزلت في القرآن الكريم، كما أنها مدنية، وعدد آياتها ثلاث آيات، وعدد كلماتها 19 كلمة، وتتواجد في الجزء الثلاثين، وترتيبها في المصحف (110).
وتعد سورة النصر هي إحدى السور القِصار فى القرآن الكريم والّتي يبلغ عدد آياتها ثلاث آيات، وهي سورةٌ مدنيّة؛ أي إنّها أُنزلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعد الهجرة في المدينة المنوّرة، ومِن أسماء هذهِ السورة كما ذكر العلماء والمفسرين «إذا جاء نصر الله والفتح» وذلك حسب أوّل آية من السورة، وتُسمّى أيضاً سورة «التوديع»، وأيضاً تسمّى سورة «الفتح».
واختلف المفسرون وأهل العِلم على عدة أقوال فى وقت نزول سورة النصر؛ وقد ورد عن عبد الله بن عُمر -رضيَ الله عنهما-: أن هذهِ السورة نزلت بمِنى في حجّة الوداع، ثمّ نزلت (اليوم أكملت لكُم دينكم)، فعاشَ بعدها رسول الله -صلّى الله عليهِ وسلّم- ثمانينَ يوماً، ولذلك فهيَ تُسمّى سورة التوديع.
وقد قال سيدنا عبد الله بن عبّاس -رضيَ الله عنهما- في تأويل هذهِ السورة، إنّها دلالة على دنوّ أجل رسول الله -صلّى الله عليهِ وسلّم-، ويقول بعض أهل العلم إنّها نزلت بعدَ انصراف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من غزوة حُنين، وقال آخرون بأنّها نزلت في وقت غزوة خيبر؛ فكانَ النصر لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- والفتحُ المُبين في يوم مكّة.
وأكد أهل العلم من المفسرين أنه لا خلاف على أنَّ الفتح المذكور في السورة الكريمة هو فتح مكّة الّذي أكرم الله بهِ نبيّهُ -صلّى الله عليهِ وسلّم-، وأيّاً كانَ الأمر فإنَّ نزول سورة النصر كانَ به تبشيرٌ ظاهر بالنّصر لرسول الله ولِمن معهُ من المؤمنين، وبشارةٌ لهُ -صلّى الله عليهِ وسلّم- بالفتح الّذي أكرمه الله به، وفيه أمرٌ من الله لرسوله بتسبيح الله واستغفاره، فمعَ النصر والفتح يكونُ الإقبال على الله تعالى بالإنابة، وهذا ما عليه خُلُق الفاتحين والمُنتصرين المُعترفين لله بالفضل لنصرهم على عدوّهم.
بشارة سورة النصر
وعد الله عباده المستضعفين بأنّه سيمكّن لهم ويورثهم الأرض من بعد أهلها، جزاء صبرهم وإيمانهم وثباتهم على دينه رغم أذى المشركين ونقمتهم وتربصهم بهم، فاستحقوا بهذا ذلك الفضل العظيم منه سبحانه، فالابتلاء والاختبار والتمحيص هي سنة الله في كونه لعباده المؤمين، والمرسلين عليهم الصلاة والسلام، فعلى مدى سنوات طويلة والنبي وصحبه يتلقون الأذى عن هذه الدعوة حتى ستوي على سوقها، فكان أن مكن الله لها وفتح لها آفاق الكون ليدخل الناس أفواجاً في دين الله سبحانه وهذا كله تجلّى واضحاً في فتح مكة.