الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

سوق الكربون الطوعي .. حزمة مليارات تنتظرها مصر الأشهر المقبلة

صدى البلد

تقوم الدولة المصرية بجهود حثيثة للحد من مخاطر انبعاثات الغازات الدفيئة في مصر وإفريقيا والوصول إلى الحياد الكربوني، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ودعم المبادرات البيئية.

وفي يوليو 2023 قال المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية؛ إنه تم الانتهاء من تنفيذ 29 مشروعًا لاسترجاع غازات الشعلة واستغلالها فى شركات القطاع، والتى أسفرت عن خفض سنوى فى الانبعاثات نحو 1.4 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون.

 

قال أحمد الشيخ، رئيس البورصة المصرية، في 12 ديسمبر 2023، إن البورصة المصرية انضمت إلى مبادرة الاتحاد العالمي للبورصات من أجل المناخ، وذلك لتعزيز أهمية العمل المناخي والتنمية المستدامة كركائز أساسية لمستقبل أفضل.

سوق الكربون الطوعي

وأضاف أن البورصة المصرية إيمانا منها بدورها الإقليمي الرائد في تعزيز الاستدامة قد أعلنت عن إطلاق السوق الأفريقي الطوعي لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، وهي خطوة هامة توضح الت زام البورصة بتحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز المبادرات البيئية نحو الوصول إلى صافي الانبعاثات الصفري (الحياد الكربوني).

وقالت نانديني سوكومار، الرئيس التنفيذي للاتحاد العالمي للبورصات: "مشاركة البورصات أمر بالغ الأهمية لتسهيل الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، لأنها توفر مصدرا رئيسيا للاستثمار، حيث يعتبر المناخ قضية محورية بالنسبة لجميع أعضاء الاتحاد، ويسعدنا أن نراهم يتعاملون بشكل إيجابي معها، ومن خلال قرع الجرس تثبت البورصة المصرية التزامها بهذه القضية، ونحن نتطلع إلى التعاون مع البورصة المصرية ومع أعضائنا الآخرين لنواصل البناء على النجاحات التي حققتها أسواق المال هذا العام".

وأعلنت البورصة في مصر في نوفمبر 2023 تدشين السوق الإفريقية الطوعية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، في إطار سعي البورصة الدائم نحو التطوير المستمر وتوفير أدوات مالية جديدة وفي ضوء ما تم الإعلان عنه خلال قمة شرم الشيخ للمناخ (COP27)، ووفقًا لقرار رئيس الوزراء رقم (4664) لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون سوق رأس المال الصادرة بقرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 135 لسنة 1993 الذي نص على أن تنشأ بالبورصة المصرية سوق طوعية لتداول «شهادات خفض الانبعاثات الكربونية»، كما تضمن النص على أن تلك الشهادات تُعد أدوات مالية قابلة للتداول.

وبحسب البيان، تعتبر سوقا طوعية منظمة لمساعدة الكيانات العاملة في مختلف الأنشطة الإنتاجية في مصر وإفريقيا على الانخراط في أنشطة خفض انبعاثات الغازات الدفيئة سواء على جانب العرض من خلال الاستفادة من استصدار وبيع الشهادات الناتجة عن خفض الانبعاثات وتحقيق عائد مناسب لتغطية تكلفة الخفض، أو جانب الطلب الخاص بالشركات التي ترغب في تعويض انبعاثاتها الكربونية التي يصعب تخفيضها نظراً لتكلفتها المرتفعة أو التي لا يمكن تجنبها.

ودشنت البورصة، موقعا إلكترونيا خاصا بسوق الكربون الطوعي للتسهيل على الكيانات الاقتصادية المختلفة الانضمام للسوق من داخل وخارج مصر والقارة الأفريقية.

وتستطيع الشركات عرض كافة البيانات الخاصة بالمشروعات التي تم إصدار شهادات خفض الانبعاثات لها وذلك لاستكشاف السوق تمهيدًا لبدء التداول عليها من خلال نظام التداول والتسوية الذي تم تطويره بفكر وأيدي مصرية بشركة مصر لنشر المعلومات المملوكة للبورصة المصرية.

ويدعم نظام التداول العديد من آليات التداول ومنها مزاد البيع/الشراء المفتوح، والمزاد المستمر، كما تدعم منصة التداول تنفيذ الصفقات التي يتم الاتفاق على سعرها وكمية تنفيذها بين البائع والمشتري، وتقوم بتسوية العمليات المنفذة سواء نقدياً أو مادياً شركة تسويات لخدمات التقاص المملوكة للبورصة المصرية.

يوفر 250 مليار دولار

وفي هذا الصدد قال المهندس حازم الجندي، عضو مجلس الشيوخ، إن سوق تداول شهادات الكربون يعد أحد آليات التمويل المبتكرة للتصدي للآثار السلبية للتغيرات المناخية، مشيراً إلى أن مصر في السنوات الأخيرة تبذل جهودا كبيرة لتشجيع الاستثمار في الاقتصاد الأخضر وانطلاق بعض المشروعات العامة في مجال الطاقة المتجددة ومشروعات تحافظ على البيئة النظيفة لخفض الانبعاثات الكربونية.

وأضاف في كلمته خلال الجلسة العامة لمجلس الشيوخ ، أنه بعد استضافة مصر لمؤتمر قمة المناخ في نوفمبر 2022، بدأت الدولة تتخذ إجراءات فعلية نحو التوجه إلى سوق تداول الكربون، فهناك قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 4664 لسنة 2022 بإنشاء سوق طواعية لتداول شهادات خفض الانبعاثات الكربونية، بالإضافة إلى تشكيل لجنة للإشراف والرقابة على وحدات خفض الانبعاثات الكربونية تتولى وضع القواعد الخاصة بشهادات خفض الانبعاثات الكربونية واتاحتها للتدوال والإشراف والرقابة عليها، ولكن ذلك يحتاج إلى مظلة تشريعية مكتملة تنظم الإصدار والتداول.

وأوضح أنه وفقا للتقديرات العالمية من المتوقع أن يؤدي تداول أرصدة الكربون إلى تقليل تكلفة المساهمات المحددة وطنيا للدول المنفذة بنحو 250 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030، لذلك دخول مصر، لذلك أمر ضروري أن تنشئ مصر سوق الكربون لتكون مركزا لسوق تداول الكربون في أفريقيا.

وأشار النائب حازم الجندي، إلى صعوبة التطبيق المباشر لضريبة الكربون وسوق الكربون في آن واحد، مقترحا تطبيق الضريبة أولا حتى يتعمق المفهوم وتنتشر ثقافة الفكرة خلال عام ميلادي، ويتم التمهيد لإطلاق سوق الكربون وإنشاء شركات لتداول أسهمه، على أن يتم مواصلة جهود الدولة في تشجيع الاستثمار في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة مع مختلف الشركاء في مصر والعالم، ومشروعات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لأنها طاقة نظيفة تسهم في خفض الانبعاثات الكربونية.

وأكد ضرورة حوكمة وتقنين سوق تداول شهادات الكربون سواء كان طوعي أو الزامي، وإصدار تشريع ينظم سوق تداول الكربون ليكون سوقاً منظماً ومنضبطا، بما يؤهل مصر لتكون مركز إقليمي لتجارة شهادات الكربون في المستقبل، لافتاً إلى أن إنشاء سوق الكربون يساهم في توفير التمويل وتكلفة التحول عن استخدام الوقود الأحفوري والاتجاه نحو التحوّل إلى اقتصاد أخضر، داعياً إلى تشجيع الاستثمار في المشروعات الخضراء لجذب رؤوس الأموال الأجنبية داخل مصر.

وشدد على ضرورة إقامة بنية تحتية رقمية متكاملة لدعم مشاركة مصر في أسواق الكربون الدولية، وإعداد استراتيجية طويلة الأمد لخفض الانبعاثات من أجل تحقيق نمو اقتصادي مستدام طويل الأجل ومنخفض الانبعاثات الكربونية، مؤكداً على أهمية نشر الثقافة والتوعية بأهمية سوق الكربون الطوعي، وإيجاد سبل لتحفيز المستثمرين المحليين والأجانب على خفض الانبعاثات الكربونية، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص مع القطاع الحكومي لتوسيع سوق تداول الكربون.

ما هو سوق الكربون؟

حسب دراسة قامت بها أ. دينا إبراهيم الباحثة في تغير المُناخ والاستدامة، كلية التجارة، جامعة القاهرة، فإن أسواق الكربون هي أداة رئيسية في سياسة الحد من الانبعاثات الكربونية وتخفيف التغيرات المُناخية، وعلى الرغم من أنه قد يتم ضم الغازات الدفيئة الأخرى (GHGs)، فإنه عادة ما يستخدم مصطلح "سوق الكربون" لأن ثاني أكسيد الكربون (CO2) هو الغاز الرئيسي من حيث مساهمته الإجمالية في الاحتباس الحراري، ودائمًا ما يتم تسمية وحدات التجارة من حيث "مكافئ ثاني أكسيد الكربون" أيضًا، ويُعرَّف ثاني أكسيد الكربون بأنه الغاز الأكثر انتشارًا بين الغازات الدفيئة، ويساهم بشكل كبير في حبس الحرارة في الغلاف الجوي. بالإضافة إلى ذلك، تعمل الأنشطة البشرية، مثل احتراق الوقود الأحفوري، على زيادة الانبعاثات الكربونية.

وأضافت الدراسة: هناك نوعان من أسواق الكربون من حيث آلية التشغيل: الأول عبارة عن نظام تداول الانبعاثات والذي يسمى بآلية الحد الأقصى والتجارة، ويعني أنه عندما تصدر شركة ما طنًّا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، يتعين عليها أن تعيد تصريحًا واحدًا للحكومة. والنوع الثاني هو آلية الائتمان التي تسمى أيضًا آلية التعويض؛ حيث تقوم الشركات بتداول وحدات خفض الانبعاثات في أماكن أخرى لتعويض انبعاثات الكربون الخاصة بها.

وتابعت: هذان النمطان من الأسواق لا يعملان بالطريقة نفسها، وليس لهما الهدف نفسه. ويكمن الاختلاف الرئيس بينهما فيما يتم شراؤه وبيعه في السوق. في كلتا الحالتين، يتمثل ذلك في طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. ومع ذلك، فيما يتعلق بالآلية الأولى، تتاجر الشركات في تصاريح التلوث (تسمى غالبًا المخصصات)، والتي تسمح لها بإصدار طن واحد من مكافئ ثاني أكسيد الكربون؛ فعندما تطلق شركة طنًّا من مكافئ الكربون، تقوم بإعادة أحد المخصصات إلى الحكومة. أما فيما يتعلق بالآلية الثانية، تتاجر الدول أو الشركات بالتعويضات كوحدات خفض الانبعاثات التي يجب أن تمثل طنًّا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون تم تخفيضه بالفعل.

واستكملت: يمكن تصنيف أسواق الكربون إلى نوعين من المنظور التشريعي: الأول هو سوق الكربون الإلزامي، الذي يهدف إلى ضرورة أن يفي المشارك بالأهداف الصارمة التي حددتها الحكومات، ويتم تنظيمها من خلال خطط دولية أو إقليمية لخفض الانبعاثات2.

وأردفت: النوع الثاني أسواق الكربون الطوعية، التي تسمح للشركات أو الأفراد بتعويض انبعاثاتهم على أساس طوعي من حيث أرصدة الكربون3. ومع ذلك، فإن هذا النوع من الأسواق تحكمه لوائح ضبابية، وعادة ما تشارك الشركات على أساس طوعي استجابة لمسؤوليتها الاجتماعية وليس إلزامًا من الحكومة.

وأكدت: يمكن القول إن أسواق الكربون تُعَد أداة حاسمة لتحقيق أهداف المُناخ العالمية؛ حيث إنها تسهل عملية الانتقال إلى انخفاض الكربون لتحقيق هدف صافي الانبعاثات الصفرية بأكثر الطرق فعالية، وتعمل أسواق الكربون على تمويل المُناخ من خلال تمكين تداول أرصدة الكربون في المشروعات النظيفة التي تساعد على خفض انبعاثات الكربون إلى النصف، مثل: التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، أو تعزيز مخزونات الكربون في النظم البيئية مثل الغابات، وبذلك، من المتوقع أن يؤدي تداول أرصدة الكربون إلى تقليل تكلفة المساهمات المحددة وطنيًّا للدول المنفذة بنحو 250 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.