أفادت تقارير بأن إسرائيل تقوم بتطبيق خطة إغراق أنفاق حركة حماس بمياه البحر في قطاع غزة، ضمن خطط الحرب التي يشنها الجيش الإسرائيلي لتدمير القدرات العسكرية للحركة.
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال، عن مسؤولين أميركيين لم تذكر أسماءهم، أن الجيش الإسرائيلي بدأ ضخ مياه البحر في مجمع أنفاق حركة حماس في غزة، مؤكدة أن "العملية ستستغرق على الأرجح أسابيع".
[[system-code:ad:autoads]]
وأوضحت الصحيفة، أن بعض مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، يقولون إن العملية قد تساعد في تدمير الأنفاق التي تعتقد إسرائيل أن حركة حماس تخفي رهائن ومقاتلين وذخائر بــــداخــلهـا.
خطة لتدمير أنفاق غزة
ويعيش في قطاع غزة أكثر من مليوني شخص، وتأتي معظم مصادر المياه العذبة في القطاع من المياه الجوفية الضحلة.
وكان معظم سكان غزة قبل 7 أكتوبر 2023 يعتمدون على صهاريج المياه الخاصة وعلى إنتاج محطات تحلية المياه الصغيرة للحصول على مياه الشرب، وبعد 7 أكتوبر، أغلقت إسرائيل ثلاثة خطوط أنابيب تحمل مياه الشرب إلى القطاع وتحت ضغط أميركي، أعادت فتح اثنين منها.
وقد انخفضت مستويات المياه الجوفية إلى حد كبير مؤخراً، مما أدى إلى دخول مياه البحر إلى طبقة المياه الجوفية واختلطت مع بعض من المياه العذبة المتبقية، لدرجة أن 97% من المياه العذبة في غزة لم تعد تلبي معايير جودة المياه التي حددتها منظمة الصحة العالمية، و لا يزال سكان غزة يعانون من نقص شديد في المياه النظيفة.
وقد كشف مسؤولون أميركيون مطلعون أن الجيش الإسرائيلي بدأ بضخ مياه البحر إلى الأنفاق في قطاع غزة في إطار محاولات مكثفة لتدمير البنية التحتية للأنفاق التي أنشأتها حركة حماس.
فقد أدى هذا الكشف إلى قلق بعض المسؤولين الأميركيين بشأن الخطة الإسرائيلية بسبب تأثيرها على البيئة، وعلى توافر مياه الشرب الشحيحة في القطاع وامتداد آثاره إلى أجيال قادمة.
وقال البروفيسور إيلون أدار من معهد زوكربيغج لأبحاث المياه في جامعة بن غوريون، إن المزيد من الأضرار البيئية المحتملة لطبقة المياه الجوفية في غزة عن طريق إغراق الأنفاق ستعتمد على كمية المياه وكثافتها، بحسب ما نقلت صحيفة "تايمز اوف إسرائيل" في وقت سابق من الشهر الجاري.
وأضاف أن ضخ كمية صغيرة نسبياً من مياه البحر يؤثر على المنطقة الواقعة بين ساحل البحر الأبيض المتوسط ونقطة اختلاط مياه البحر والمياه العذبة، مشيراً إلى أن ذلك سيكون له عواقب ضئيلة.
وتقع هذه النقطة الأخيرة على بعد عشرات إلى عدة مئات من الأمتار من شاطئ غزة.
تأثر طبقة المياه الجوفية
لكن إذا تم ضخ عدة ملايين من الأمتار المكعبة في الأنفاق وتسربت إلى طبقة المياه الجوفية، فإن "التأثير السلبي على نوعية المياه الجوفية سيستمر لعدة أجيال، اعتماداً على الكمية التي تتسرب إلى باطن الأرض"، على حد قوله.
وتابع أن إسرائيل لن تشعر بالتأثير، لأن مياه طبقة المياه الجوفية الساحلية تتدفق من إسرائيل إلى غزة.
بدوره، بيّن خبير مياه آخر، طلب عدم ذكر اسمه، أن الأنفاق المنحوتة من الرمال المسامية ستحتاج إلى غمرها بالمياه عدة مرات.
وأضاف أن بعضها تم بناؤه لتهريب المقاتلين إلى إسرائيل، لافتاً إلى أنه في حال دخلت مياه البحر إلى هذه الأجزاء، فإنها قد تؤدي إلى ملوحة الآبار الإسرائيلية القريبة من حدود غزة.
وقال البروفيسور هداس ماماني، الذي يرأس برنامج الهندسة البيئية في جامعة تل أبيب، إنه يجب أخذ التأثيرات البيئية لجميع خيارات تدمير الأنفاق بعين الاعتبار، واختبار آثارها على الهواء والماء والتربة والهيدرولوجيا والبيئة مقدما.
كذلك ذكر أن تفجير الأسلحة في الأنفاق يمكن أن تكون له عواقب بيئية أيضاً، إذا تسربت مواد سامة خطيرة ومعادن ثقيلة إلى المياه الجوفية.
وأعرب خبراء أيضاً عن مخاوفهم من أن يؤدي إغراق شبكة أنفاق حماس بمياه البحر إلى زيادة تدهور نوعية المياه في الخزان الجوفي الساحلي، وهو المصدر الوحيد للمياه الجوفية في غزة، بحسب موقع "Articles of War".
ومن الممكن أن يكون لفقدان جودة المياه الإضافية تأثير كبير على السكان المدنيين نتيجة لعدد من الأسباب، بما في ذلك حقيقة أن طبقة المياه الجوفية الساحلية هي إلى حد بعيد أكبر مصدر للمياه في غزة، والتوافر المحدود للغاية بالفعل للمياه الصالحة للشرب نتيجة نقص المياه الجوفية والأضرار التي لحقت بمنشآت معالجة المياه والبنية التحتية.
قانون النزاعات المسلحة
يذكر أن خطوة إغراق الأنفاق بمياه البحر المتوسط هي مجرد تقنية واحدة من عدة تقنيات تستخدمها إسرائيل لمحاولة تدمير الأنفاق، وفق ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال، الثلاثاء.
ويحظر قانون النزاعات المسلحة استخدام أساليب أو وسائل الحرب التي يقصد بها، أو من المتوقع أن تتسبب، في إحداث أضرار جسيمة وواسعة النطاق وطويلة الأمد للبيئة الطبيعية.
ونظراً لحجم طبقة المياه الجوفية الساحلية، فإن الأضرار البيئية يمكن أن تكون واسعة النطاق إذا أثرت على أجزاء كبيرة من طبقة المياه الجوفية.
في هذا الصدد تحدث الدكتور سعيد عكاشة، المحلل السياسي والمتخصص في الشأن الإسرائيلي، حول فكرة إغراق الجيش الإسرائيلي لأنفاق غزة، قائلا: "الكلام كثير حول الفكرة، لكن هناك تخوفات من حدوث أضرار بيئية كبيرة، لكن رغم ذلك بالفعل إسرائيل عملت رافعات مياه لسحب مياه البحر وإغراق الأنفاق، لكن أيضًا هم معرضون أن يقابلهم صعوبات حتى لو استخدموا هذا السلاح".
وأضاف خلال تصريحات إعلامية، أن الأسعار التي عرضوها مقابل الإبلاغ عن قادة حماس: "دي حرب نفسية والأمريكان عملوها قبل كده، ولو سألنا المعيار الذي حددوا به سعر كل قيادي مفيش إجابة في الغالب، لأن الحرب النفسية هي الغالبة على الموضوع".