وضعت الدولة خطة لتطوير الأسواق العشوائية واعتبرتها واحدة من أهم المشروعات القومية التي تعمل عليها لمواجهة انتشار الباعة الجائلين واستعادة المشهد الحضاري في كافة محافظات الجمهورية، وذلك لضمان حياة كريمة للمواطنين ورفع جودة وكفاءة الخدمات المقدمة إليهم، وذلك بالإضافة إلى التحول إلى أسواق متكاملة تزيد من العائد الاقتصادي والاستثمار وتعظم من موارد المحافظات.
جمهورية جديدة وأسواق حضارية
كل ما يعني المواطن هو أن يجد السلع التى يريدها بسهولة ويسر فى مكان واحد وبمكن أن يكون هذا المكان سوقا عشوائية، ورغم أنه يقبل على هذه الأسواق فهو يعانى زحامها، وسوء تنظيم الباعة وانتشارهم بشكل عشوائي، لذلك عملت الدولة على تطوير الأسواق للقضاء على المناظر العشوائية القديمة التي ملأت الأسواق والشوارع والتي لم تكن حضارية بالمرة، وعملت الدولة على إنشاء أسواق جديدة عرفت بـ الأسواق الحضارية وهي أسواق حديثة قامت الدولة بتطويرها على مدار السنوات الأخيرة وذلك للقضاء على الأسواق العشوائية، ومن أهم مايميز هذه الأسواق هو تنظيمها ونظافتها وتوفرها على الخدمات الأساسية، مثل المرافق الصحية ومواقف السيارات، كما أنها توفر للتجار أماكن عمل حديثة ومناسبة.
وحققت هذه الأسواق نجاحاً كبيراً في مصر، حيث نجحت في القضاء على العديد من الأسواق العشوائية وتحسين مستوى المعيشة للمواطنين كما ساهمت في جذب الاستثمارات ودعم الاقتصاد الوطني. وعملت هذه الأسواق على توفير أماكن لشراء السلع والمنتجات بأسعار مناسبة وتحت إشراف الدولة، كما ساهمت في القضاء على العديد من الأسواق العشوائية التي كانت تعاني من مشاكل عديدة، مثل النظافة والتنظيم والصحة والسلامة.
ومثل مشروع تطوير ميدان محطة مصر، الذي افتتحته الدولة لأول مرة ، نموذجا رائدا للقضاء على الأسواق العشوائية، الذي تولي له الدولة اهتمامًا بالغًا، ويضم إنشاء سوق حضارى متكامل للقضاء على أزمة الباعة الجائلين وتوفير بديل حضارى لهم مراعاة لظروفهم الاجتماعية، وذلك بالإضافة إلى تطوير الحدائق ورصف الميدان بالكامل، وإنشاء مواقف متطورة وحديثة لسيارات "الأجرة" والأتوبيسات، بمسارات دائرية كاملة لحل أزمة المرور، وإنشاء غرفة تحكم لمراقبة الميدان بأحدث الكاميرات البانورامية لرصد الميدان بالكامل.
وكثفت الدولة جهودها مؤخرًا لإنشاء أسواق نموذجية تليق بالجمهورية الجديدة، والحد من التوسع فى الأسواق العشوائية، لكن بعض الأسواق القديمة غير المخططة والمنتشرة فى بعض الشوارع والميادين بشكل عشوائى باتت فى حاجة إلى إعادة تخطيط، وهو الأمر الذى تعمل عليه الحكومة حاليًا، ويجرى حصر جميع الأسواق العشوائية على مستوى الجمهورية من خلال لجنة شكلتها الحكومة، لتقوم بتطوير تلك الأسواق توافقًا مع النسق الحضاري، وذلك لتسهيل حركة البيع والشراء وخدمة المواطنين وتوفير احتياجاتهم فى مكان واحد.
وتطوير الأسواق ورفع كفاءتها يتم من خلال إعداد مخطط تفصيلى "نموذج موحد للأسواق" من قبل المحافظين، بحيث يتوافق مع البيئة التى تتميز بها المحافظة، ومن الممكن إضافة ساحات لانتظار السيارات حسب المساحة المحيطة بالسوق، والحد من ظاهرة الأسواق العشوائية خاصة التى تعوق الحركة المرورية، وتحديد أسعار ملائمة للتعاقد بين المستأجرين والوحدات المحلية للأسعار السوقية بالأسواق المرخصة، بالإضافة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية حيال تحصيل قيمة الإيجارات وحقوق الانتفاع المتأخرة والمستحقة للوحدات المحلية من المنتفعين وتنظيم الحملات الرقابية الدورية والمفاجئة على الأسواق بالاشتراك مع الجهات الرقابية المختصة.
وأنجزت الدولة حتى الآن 384 مشروعًا بالنسبة للأسواق العشوائية بتكلفة 2.2 مليار جنيه، حيث تم تطوير وتنظيم 250 سوقًا رسمية و134 سوقًا عشوائية، بهدف الحد من انتشار ظاهرة الأسواق العشوائية غير المرخصة بالمحافظات، ورفع كفاءة وتطوير الأسواق الرسمية وتحصيل مستحقات الدولة عنها بطريقة عادلة.
وتتضمن الرؤية المستقبلية توفير الخدمات الأمنية المناسبة بالأسواق، وتحديث خطط التدخل مع وحدات الحماية المدنية فى حالة حدوث حرائق وتفعيل دور مؤسسات المجتمع المدنى فى التوعية بخطورة انتشار الأسواق العشوائية على المواطنين، وأيضا وضع ضوابط تنظيمية لعمل الباعة الجائلين من خلال تحديد خط سير لهم داخل القرى والمدن، ومنح رخصة للمركبات التى يستخدمها فى الترويج لبضاعته، وتصميم مركبة ذات شكل حضارى موحدة داخل كل محافظة .
بدأت الخطوة الأولى لمشروع الأسواق الحضارية بإعداد دراسة عن الإطار المؤسسى لهذه الأسواق العشوائية وتحديد مختلف الجهات ذات الصلة بهذه الأسواق، من ناحية تطويرها وإدارتها وتنظيمها، مع حصر تلك الأسواق، والتى قدرت بنحو 1105 أسواق عشوائية على مستوى الجمهورية، تضم 306 آلاف و313 وحدة لتبدأ بعد ذلك عملية التطوير التى شملت حتى الآن تطوير 30 سوقا منها تضم نحو 5 آلاف وحدة، وجارى تطوير 20 سوقا أخرى، مع إعداد مخططات لتطوير 23 سوقا فى نحو 21 مدينة، بإجمالى منصرف نحو 800 مليون جنيه حتى الآن إلى أن يتم إنهاء مصطلح الأسواق العشوائية على مدار الـ 10 سنوات القادمة.
خطة قومية معتمدة
تم البدء بمشروعات إرشادية وذلك بتطوير 5 أسواق عشوائية بالمحافظات أولها مشروع تطوير أسواق الموبيليا المستعملة ببورسعيد، ومشروعات تطوير 4 أسواق عشوائية بمحافظة القاهرة تم الانتهاء من تطويرها فى ديسمبر 2014، ومن ثم تباعا البدء فى تطوير مجموعة من الأسواق العشوائية فى المحافظات ضمن الخطة القومية المعتمدة.
وتم افتتاح 4 أسواق فى مرسى مطروح، كما سيُفتتح قريبًا سوق الجمعة فى الإسماعيلية، وأيضًا فى دمياط سوق فراسكور، وسوق النيل، وهناك سوق 51 فى رأس البر، وهى أسواق فى أماكن لها طبيعة سياحية، ويراعى النسق المعمارى الموجود بها، كما يوجد 4 أسواق فى الوادى الجديد، و3 أسواق فى الشرقية وبورسعيد.
وتواصل الحكومة عملها في كافة أنحاء الجمهورية على عدد من الأسواق الحضارية الجديدة وتسعى إلى التوسع في إنسائها ويوجد في مصر العديد من الاسواق الحضارية، منها:
- سوق العبور
- سوق الإسماعيلية
- سوق أكتوبر
- سوق 6 أكتوبر
- سوق مدينة نصر
- سوق شبرا الخيمة
- سوق المحلة الكبرى
- سوق طنطا
- سوق المنصورة
- سوق الإسكندرية
ويتواصل العمل بمنطقة سوق الدهشورى، بشارع عبدالسلام عارف بوسط مدينة بنى سويف، بوتيرة سريعة، من أجل الانتهاء من المشروع الذى يبعد نقل حضارية، فى مجال الأسواق داخل محافظة بنى سويف.
وتشهد المنطقة اعمال تطوير ورفع كفاءة سوق الدهشوري بمدينة بني سويف ،الذي يتم تنفيذه تفعيلاً لبروتوكول التعاون مع صندوق التنمية الحضرية ،في اطار خطة المحافظة والصندوق لتطوير وتنمية مناطق التطوير العمراني.
وشهد المشروع الانتهاء من أعمال صب خرسانة الأساسات، للسوق، بالإضافة إلى البدء فى أعمال القواعد الخرسانية والأعمدة، بجانب الانتهاء منالتصميم الهندسي الخاص بأعمال المبانى والانشاءات الذى تم تنفيذه من قبل بمعرفة وحدة الاستشارات الهندسية التابعة لكلية الهندسة بجامعة بني سويف .
ومن جانبه أكد محافظ بنى سويف، الدكتور محمد هانى غنيم، أن المحافظة تشهد تنفيذ العديد من المشروعات الخدمية التى تهدف إلى القضاء على العشوائيات ، وتحويل أماكن الخدمات الحيوية لمواقع خدمية حضارية .
وأشار إلى أن مشروع سوق الدهشورى، يتم تنفيذه تفعيلاً لبروتوكول التعاون مع صندوق التنمية الحضرية، مشيراً إلى أن المشروع مقام على مساحة إجمالية تزيد عن 2900متراً .
واضاف أن المشروع إنشاء 79 باكية وفرش للخضار و18 باكية لبيع الأسماك، مشيرا إلى أن المشروع يشمل تطوير الأكشاك الخارجية القائمة حالياً وعددها 39 كشكاً مع إضافة 33 كشكاً جديداً، لاستيعاب كافة الباعة الموجودين بالسوق.
وتابع غنيم قائلًا إن أعمال الانشاء تشمل كافة الخدمات والمرافق الأساسية، والتي تشمل إنشاء غرف كهرباء، أمن وإدارة ودورات مياه و كافتيريات، مع عمل مداخل"بوابات "للسوق موزعة على الجهات الأربع بجانب سور كبير بمحيط السوق.
ومن جانبه قال خبير التطوير والتنمية المستدامة واستشارى المناطق غير الآمنة، الدكتورالحسين حسان، إن الحكومة خاضت شوطًا طويلًا لتطوير مصر والقضاء على العشوائيات وتوفير حياة كريمة وآمنة للمواطنين كافة والعمل على جعل الدولة تظهر في شكلها الحضاري المنظم.
وأضاف حسان، في تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه كان لدينا العديد من العشوائيات، حوالي 375 منطقة عشوائية غير آمنة وأغلبها مثلت خطورة على حياة المواطن ولكن الدولة استطاعت خلال السنوات الآخيرة القضاء على هذه العشوائيات وتعاملت جيدًا مع هذا الملف ونجحت في بناء مجتمعات متكاملة آمنة، متابعًا أن الدولة لم تكتفي بالقضاء على العشوائيات بل وفرت مناطق خضراء وأسواق حضارية منظمة بدلًا من العشوائية المكدسة التي كانت موجودة قبل ذلك، ونجحت الدولة في احداث نقلة نوعية.