دعاء الشكر لله على قضاء الحاجة من أهم الأمور التي ينبغي الحرص عليها في الساعات الأولى من الثلث الأخير من الليل، خاصة وأن الحق سبحانه ويتعالى يتنزل فينادي عباده فيجيب ويعطي ويغفر لمن يشاء، فلا تحرم نفسك من لذة الحمد والشكر لله فإنه سبحانه من وعد بالزيادة لمن شكره.
قال تعالى في محكم التنزيل:"لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"، لذا لا تغفل عن دعاء الشكر لله على قضاء الحاجة.
دعاء الشكر لله على قضاء الحاجة
وفي فضل دعاء الشكر لله على قضاء الحاجة، قال عبدالله بن عباس رضى الله عنهما : " مَنْ قَالَ: بِسْمِ اللهِ فَقَدْ ذَكَرَ اللهَ، وَمَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَدْ شَكَرَ اللهَ، وَمَنْ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ، فَقَدْ عَظَّمَ اللهَ، وَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَقَدْ وَحَّدَ اللهَ، وَمَنْ قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، فَقَدْ أَسْلَمَ وَاسْتَسْلَمَ، وَكَانَ لَهُ بَهَاءٌ وَكَنْزٌ فِي الْجَنَّةِ " [حلية الأولياء وطبقات الأصفياء]، وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : لا تعادوا نعم الله؛ قيل له: ومن يعادي نعم الله؟ قال: الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله. يقول الله في بعض الكتب : الحسود عدو نعمتي، متسخط لقضائي، غير راض بقسمتي.
ومن دعاء الشكر لله على قضاء الحاجة، قولك: اللهم إنا نسألك من النعمة تمامها، ومن الرحمة شمولها، ومن العافية دوامها، ومن العيش أرغده، ومن العمر أسعده، ومن الإحسان أتمه، ومن العمل أصلحه، ومن العلم أنفعه، ومن الرزق أوسعه.
ويقول الحسن البصري- رحمه الله تعالى-:«إن الله ليمتع بالنعمة ما شاء، فإذا لم يشكر عليها قلبها عذابا، ولهذا كانوا يسمون الشكر: الحافظ، لأنه يحفظ النعم الموجودة ، والجالب، لأنه يجلب النعم المفقودة» ، وعن الفضيل بن عياض- رحمه الله تعالى- قال: «من عرف نعمة الله بقلبه، وحمده بلسانه لم يستتم ذلك حتى يرى الزيادة. لقوله تعالى "لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ"».
دعاء الشكر لله على قضاء الحاجة
«الحمد لله الذي بعزته وجلاله تتم الصالحات، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك ولعظيم سلطانك، اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا، وتقبّل منا وأدخنا الجنة، ونجنا من النار، وأصلح لنا شأننا كله، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا، وعذاب الآخرة، يا عظيم العفو وحسن التجاوز».
«الحمد لله رب العالمين، يُحب من دعاه خفيًا، ويُجيب من ناداه نجيًّا، ويزيدُ من كان منه حيِيًّا، ويكرم من كان له وفيًّا، ويهدي من كان صادق الوعد رضيًّا، الحمد لله ربّ العالمين، الّذي أحصى كلّ شيء عددًا، وجعل لكلّ شيء أمدًا، ولا يُشرك في حُكمهِ أحدًا، وخلق الجِن وجعلهم طرائِق قِددا».
«الحمد لله رب العالمين، الذي جعل لكل شيء قدرًا، وجعل لكل قدرِ أجلًا، وجعل لكل أجلِ كتابًا، الحمد لله رب العالمين، حمدًا لشُكرهِ أداءً ولحقّهِ قضاءً، ولِحُبهِ رجاءً، ولفضلهِ نماءً، ولثوابهِ عطاءً، الحمد لله رب العالمين، الذي سبحت له الشمس والنجوم الشهاب، وناجاه الشجر والوحش والدواب، والطير في أوكارها كلُ له أواب، فسبحانك يا من إليه المرجع والمآب».
«الحمد لله رب العالمين، الذي علا فقهر، ومَلَكَ فقدر، وعفا فغفر، وعلِمَ وستر، وهزَمَ ونصر، وخلق ونشر، الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله ملء ما خلق، الحمد لله عدد ما في السموات وما في الأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، الحمد لله على ما أحصى كتابه، الحمد لله عدد كل شيء، الحمد لله على كل شيء».
«الحمد لله رب العالمين الذي أحصى كل شيء عددًا، وجعل لكل شيء أمدا، ولا يُشرك في حُكمهِ أحدًا، وخلق الجِن وجعلهم طرائِق قِددا، الحمد لله رب العالمين الذي جعل لكل شيء قدرًا، وجعل لكل قدرِ أجلًا، وجعل لكل أجلِ كتابًا، سبحانك يا رب لا يُقال لغيرك سُبحان وأنت عظيم البرهان شديد السلطان لا يُعجزكَ إنسٌ ولا جان أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد».
فوائد شكر الله على نعمه:
أولًا: الشكر سبب لرضى الله عن عباده، قال - تعالى-: «إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ۖ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ۗ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ».
ثانيًا: شكر الله أمان للعبد من عذاب الله.
ثالثاُ: سبب في زيادة النعم، قال- تعالى-:«وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ».
رابعًا: سبب في حصول العبد على الأجر العظيم في الآخرة.
خامسًا: رضا الله تعالى معلقٌ بشكره؛ فمتى شكر العبد ربَّه نال رضاه.
سادسًا: دخول الشاكر في قائمة المؤمنين؛ لأن العبد المؤمن يتميزُ بشكر الله -تعالى- على كلّ ما يصيبه، إن كان خيرًا فرح وشكر، وإن كان شرًا احتسب وصبر، فهو يعلم أن كل ما يأتي من الله هو خيرٌ له وإن كان ظاهره شرًا، وهذا ما يسمّى "النعمة الباطنة".
سابعًا: زيادة النعمة: من كرم الله -تعالى- أنه يكافئ العبد على شكره النعمة، فيُديمها لصاحبها ويزيدُها له، وليحذرْ المسلم من نسيانِ الشكر؛ لأنه بذلك يعرّض نفسه للعذاب وزوال النعمة.
ثامنًا: اكتسابُ الأجر في الآخرة: لا تقتصرُ مكافأة الله لعبده الشكور على حدود الحياة الدنيا، إنما تجتازُها لينالَ الأجرَ والجزاء العظيمَ منه تعالى في الآخرة. فهو سبحانه القائل: «وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ»، [آل عمران، الآية: 145].
تاسعًا: باب لرضا المولى -سبحانه وتعالى- عن عبده.
عاشرًا: سبب للنجاة من العذاب؛ لأن العبد الشكور ينجيه اللهُ -عز وجل- من العذاب كما ينجي المؤمن بسبب إيمانه.